للهواء في غزة رائحة لا تخطئها الأنوف.. فامتزاج البارود بغبار الأنقاض ورائحة الدماء وقعاً محبطاً.. وقعاً تزداد مأساويته وتتفاقم يوماً بعد يوم، وساعة تلو الأخرى على مدار عام كامل.. فلا آلة القتل تتوقف، ولا غبار الأنقاض ينقشع.. ولا يمهل القاتل للدماء فرصة لتجف، وسط صمت ممتد من المجتمع الدولى.. صمت لم يقطعه إلا إدانات باهتة وبيانات شجب نادرة، ومناشدات أممية لتمرير مساعدات لا تغني ولا تثمن من جوع.
وللأحياء في غزة موعداً مؤجلاً مع الشهادة، وجنازة لم يحن وقت تشيعها، وقبراً ربما لا تسمح الظروف بأن يوارى أصحابه، وهي المعادلة التي جعلت من توثيق ما جري ـ وما يزال يجري ـ من مجازر الاحتلال، أمراً شاقاً، وجعلت من حصر الأكفان والأيتام والثكالى والمبتورين ، شيئاً عسير.. وهو ما دفعنا وفى ذكرى مرور عام على "هولوكوست القرن الـ21" لسؤال إسماعيل الثوابتة، مدير المكتب الحكومى في قطاع غزة، لمعاينة الأضرار ولرصد أرواحاً أحالها المحتل إلى أرقام على الورق، آسفين مقدماً لاحتمالات الزيادة قبل المثول إلى النشر، ومعتذرين مسبقاً عن بشاعة الرصد، ووحشية الصورة.
أرقام مفزعة لحرب الإبادة على غزة
وأكد "الثوابتة" لـ"اليوم السابع" أن خلال عام كامل من "حرب الإبادة" التى تنفذها "تل أبيب"، ارتكب جيش الاحتلال الإسرائيلي، نحو 3660 مجزرة في القطاع، الأمر الذى تسبب في أن عدد الضحايا بلغ أكثر من 150,000 ضحية من المدنيين والأطفال والنساء ما بين شهيد وجريح ومفقود.
وسألناه عن حال أطفال غزة، فصدمنا بالإجابات قائلاً: "إن 70% من الضحايا هم أطفال ونساء، حيث استشهد نحو 17 ألف طفل منهم 171 طفلاً رضيعاً وُلدوا واستشهدوا خلال الحرب، و710 أطفال استشهدوا وعمرهم أقل من عام، كما أن هناك 36 أطفال استشهدوا نتيجة المجاعة التي تنفذها إسرائيل على القطاع بسبب منعها الماء والغذاء والدواء، فضلا عن وجود نحو 26 ألف طفل يعيش بدون والديه أو بدون أحدهما، بالإضافة إلى 3500 طفل معرض للموت بسبب سوء التغذية ونقص الغذاء.
إسماعيل الثوابتة
كما أوضح مدير عام المكتب الحكومة في قطاع غزة، أن من بين الشهداء نحو 11500 شهيدة من النساء، فضلا عن وجود 60 ألف سيدة حامل تقريباً مُعرَّضة للخطر لانعدام الرعاية الصحية، بالإضافة إلى 986 شهيداً من الطواقم الطبية، و85 شهيدا من الدفاع المدني، فضلا عن 175 صحفيا استشهدوا نتيجة للاستهداف الإسرائيلية .
وكشف، مدير عام المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، عن أرقام مفزعة من الجرائم التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلية خلال هذا العام الدموي في المدينة الفلسطينية الحزينة، حيث تم تدمير نحو 90% من المدينة باستخدام 85 ألف طن متفجرات، الأمر الذى تسبب في كارثة إنسانية تاريخية لم تحدث في أي دولة، مشيرة إلى العثور على 7 مقابر جماعية أقامها الاحتلال داخل المستشفيات، وتم انتشال 520 شهيدا من تلك المقابر.
إسرائيل تمنع المساعدات الطبية إلى غزة
وتعمدت إسرائيل على منع دخول المساعدات الطبية إلى القطاع، وكذلك منع دخول العديد من الأدوات والتجهيزات الطبية، وتقليص التحويلات الطبية للعلاج من الخارج، مما شكل ضغطا مباشرًا على الطاقة الاستيعابية والإمكانيات العلاجية للمشافي وفرقها الطبية.
وعن وضع المرضى قال "الثوابتة"، إن هناك أكثر من 12 ألف جريح بحاجة للسفر للعلاج في الخارج، و10 آلاف مريض سرطان يواجهون الموت وبحاجة للعلاج، و3 آلاف مريض بأمراض مختلفة يحتاجون للعلاج في الخارج، فضلا عن (1,737,524) مصاباً بأمراض معدية نتيجة النزوح، ونحو 72 ألف حالة عدوى التهابات كبد وبائي بسبب النزوح، و350 ألف مريض مزمن في خطر بسبب منع إدخال الأدوية.
وبخصوص المعتقلين أكد أن الاحتلال اعتقل ما يزيد عن 5 ألف شخص من قطاع غزة خلال الحرب، بينهم 310 معتقل من الكوادر الصحية، و36حالة اعتقال صحفيين ممن عُرفت أسماؤهم، مؤكد وجود 2 مليون نازح في القطاع حالتهم صعبة للغاية.
مدير مكتب غزة الحكومي
الجرحى في غزة
وبشأن المصابين أوضح أنه هناك ما يقرب 97 ألف جريح، بينهم نحو 400 مصاب من الصحفيين والإعلاميين، كاشفا عن أن هناك أكثر من 11500 طالب وطالبة شهداء برصاص الاحتلال، ونحو 800 معلم ومعلمة وعامل في التعليم قتلهم الاحتلال، بالإضافة إلى 120 عالماً وأستاذاً جامعياً وباحثاً أعدمهم الاحتلال، وتدمير و462 مدرسة وجامعة بشكل كلي وجزئي"
وظل القطاع الطبي في قطاع غزة على خط النار طوال سنوات الحصار المتواصل منذ أكثر من 17 عامًا، ومع بدء العدوان الإسرائيلي على القطاع في 7 أكتوبر 2023، دخلت المنظومة الصحية، بمكوناتها الإنشائية والبشرية، ضمن الاستهداف المباشر لهذه الحرب.
وأكد مدير عام المكتب الحكومة في قطاع غزة، أن إسرائيل تهدف إلى قتل وإبادة الشعب الفلسطيني، وأعلن ذلك بشكل رسمي وصراحة على لسان بعض وزراء حكومة الاحتلال مثل: "وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريش - وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير- ووزير التراث الإسرائيلي عميحاي إلياهو".
أم وأطفالها في غزة
أهداف إسرائيل من الحرب على غزة
وقال إن الهدف الثاني هو تدمير القطاع، أما الهدف الثالث من الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وهو غير معلن، بتهجير أهالي المدينة قسريًا إلى جمهورية مصر العربية واحتلال المدينة والسيطرة عليها وإضافة مساحات احتلالية جديدة، مخالفا كل القوانين الدولية والقرارات الأممية، مضيفا: "كل القوانين الدولية تعطي الحق للشعب الفلسطيني الذى يملك إيمان وعقيدة ثابتة في حقه، بمواجهة هذا الاحتلال والنضال ضده، رغم المعاناة التي يتعرض لها الشعب منذ 76 عاما وسعى إسرائيل في قتله وتهجيره من أراضيه، لكن شعبنا مستعد لتقديم الغالي والنفيس من أجل أرضه".
الدمار في غزة
وندد المكتب الإعلامي الحكومي ويدين بأشد العبارات امتهان جيش الاحتلال "الإسرائيلي" لكرامة جثامين الشهداء بشكل متكرر ومتعمّد ومقصود وبطريقة تخالف القانون الدولي، في رسالة إلى احتقار القانون الدولي وتهميش الإجراءات القانونية المتّبعة في الحفاظ على كرامة الشهداء والأموات.
وحمل الاحتلال "الإسرائيلي" والإدارة الأمريكية كامل المسؤولية عن هذه الجريمة ضد الإنسانية، مطالبا المجتمع الدولي وكل المنظمات الدولية والأممية وكل دول العالم إلى إدانة هذه الجريمة غير الآدمية، والضغط على الاحتلال لوقف هذه الجرائم ولوقف جريمة الإبادة الجماعية ضد شعبنا الفلسطيني منذ سنة كاملة.