ملف مرتبك عنوانه الحرب في غزة، أضافه الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى ملفات آخري عاصرتها إدارته علي صعيد السياسة الخارجية ، ما كبده خسارة باهظة على مستويات التأييد الشعبي ، وكلفه انسحاب مخذ من سباق انتخابات الرئاسة الأمريكية 2024، بعد أداء باهت أمام المنافس الجمهوري دونالد ترامب في مناظرة كان لها أثراً بالغاً علي فرص وحظوظ الحزب الديمقراطي حتي بعد الدفع بنائبة الرئيس كامالا هاريس لاستكمال المعركة.
الارتباك الأمريكي الذي كان حاضراً في حرب غزة علي مدار عام كامل، أرجعه مراقبون إلى فشل الإدارة الأمريكية في تقديم نفسها في صورة الراعى الأول لحقوق الإنسان التي تنتهك علي مدار الساعة علي يد قوات الاحتلال في القطاع ، وفشلها في الوقت نفسه في تقديم الدعم الذي يرضي غرور بنيامين نتنياهو، ويرغمه علي قبول وقف إطلاق النار.
وبعد عملية السابع من أكتوبر 2023، كان متوقعا أن تساند الولايات المتحدة حليفتها إسرائيل بكل من أوتيت من قوة عسكرية وسياسية فى أقوى ضربة تتعرض لها منذ نصف قرن.
وحدث هذا بالفعل عندما قام الرئيس الأمريكى جو بايدن بزيارة لإسرائيل فى 9 أكتوبر للتعبير عن دعمه الكامل لـ "حق إسرائيل فى الدفاع عن نفسها". وتحركت حاملتا الطائرات الأمريكية "جيرالد فورد" – الأكبر فى العالم- و"دوايت ايزنهاور" إلى الشرق الأوسط تعبيرا عن الدعم العسكرى القوى.
أكثر من 25 مليار دولار مساعدات خلال عام
وداخل أمريكا، عمل الكونجرس على تقديم مساعدات عسكرية وأمنية لإسرائيل. فى إبريل، وضمن حزمة مساعدات خارجية بقيمة 95 مليار دولار، أقر مجلس الشيوخ 17 مليار دولار من الدعم العسكرى للدولة العبرية فى إبريل. وأعلنت وزارة الدفاع الإسرائيلية مؤخرا أنها ستحصل على حزمة مساعدات أمريكية جديدة بقيمة 8.7 مليار دولار لدعم تل أبيب فى عملياتها العسكرية الحالية بعد اتساع القتال إلى لبنان. وتشمل هذه الحزمة 3.5 مليارات دولار لمشتريات أساسية للحرب، و5.2 مليارات دولار مخصصة لأنظمة الدفاع الجوي، بما في ذلك القبة الحديدية ومقلاع داوود ونظام ليزر متقدم.
وقالت مصادر أمريكية رسمية تحدثت إلى رويترز، إن واشنطن أرسلت إلى إسرائيل في الفترة ما بين 7 أكتوبر و28 يونيو الماضيين، ما لا يقل عن 14 ألف قنبلة من طراز "MK-84" تستخدم في قاذفات القنابل، و6 آلاف و500 قنبلة تزن الواحدة منها 227 كيلوجرامًا.
الفيتو.. سلاح سياسى لدعم إسرائيل
على الصعيد الدولى، استخدمت الولايات المتحدة لحق الفيتو فى مجلس الأمن ضد أى قرار من شأنه أن يطالب إسرائيل بوقف إطلاق النار حتى مع ازدياد وحشية عدوانها على قطاع غزة. استخدمته لأول مرة فى 18 أكتوبر، بعد 10 أيام من الحرب، ضد قرار يدعو إلى هدنة إنسانية من أجل السماح بدخول المساعدات إلى قطاع غزة.
وفى ديسمبر، استخدمت الولايات المتحدة الفيتو مجددا ضد قرار مجلس لمجلس الأمن يطالب بوقف إنساني عاجل لإطلاق النار في غزة.
وفى فبراير، استخدمت الفيتو مجددا ضد قرار يطالب بـ "وقف إطلاق نار فورا" فى غزة، واقترحت قرارا يدعو إلى "وقف إطلاق نار مؤقت". وعندما اقترحت واشنطن فى مارس قرارا يدعو لوقف إطلاق النار مرتبطا بإطلاق سراح الأسرى فى غزة، لم يتم تمريره.
واكتفت الولايات المتحدة بالامتناع عن التصويت على مشروع قرار حظم بدعم 14 من أصل 15، والذى دعا لوقف إطلاق النار فى شهر رمضان، ولم تستخدم الفيتو.
فى إبريل، وفى ظل تزايد الاستياء العالمى من المذابح الإسرائيلية بحق الفلسطينيين فى قطاع غزة، وخروج المظاهرات المساندة لحق الفلسطينيين فى أن إقامة دولتهم، استخدمت الولايات المتحدة الفيتو ضد قرار يدعم منح العضوية الكاملة لفلسطين فى الأمم المتحدة، وبررت موقفها حينئذ بأنه لا يعنى معارضة لإقامة دولة فلسطينية، ولكن اعتراف بأن هذا لن يتحقق إلا من خلال مفاوضات مباشرة بين كلا الطرفين.
رصيف بحرى لإيصال المساعدات الإنسانية
حاولت الولايات المتحدة تهدئة الغضب من موقفها المخزى من الإبادة الجماعية الإسرائيلية للفلسطينيين، والتى شملت استخدمت التجويع كسلاح مع رفض إدخال المساعدات الإنسانية للقطاع المحاصر. فأعلنت فى مايو عن إقامة رصيد بحرى لتوصيل المساعدات عن طريق البحر، وبلغت تكلفته 320 مليون دولار، ويعمل تحت رقابة إسرائيل، لكن الأمر لم ينجح بسبب ارتفاع الأمواج ومشكلات فنية وأخرى متعلقة بالطقس، ليعلن الجيش الأمريكى سحب الميناء العائم وإيقافه عن العمل فى يونيو.
ومع تراجع دعم إسرائيل دوليا جراء سقوط عشرات الآلاف من المدنيين الفلسطنيين أغلبهم من النساء والأطفال، بدأت الولايات المتحدة مساعى للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.
لكن رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو أحرج واشنطن مرات عديدة فى هذا السياق، كان أبرزهم فى مايو الماضى بعد أن نفى بشكل أو بآخر إعلان الرئيس جو بايدن التوصل إلى اتفاق.
وخلال هذا العام المرير من الحرب، زار وزير الخارجية الأمريكى أنتونى بلينكن إسرائيل 9 مرات ضمن 10 جولات شرق أوسطية. وأثار امتناعه عن زيارة تل أبيب الشهر الماضى جدلا حول ما إذا كان هناك استياء أمريكى من حليفتها مع مواصلتها للحرب وعرقلة مفاوضات وقف إطلاق النار مرارا فى الأشهر الأخيرة.
والآن، ومع اقتراب نهاية فترته الرئاسية، يريد الرئيس بايدن التوصل إلى اتفاق لإنهاء الحرب على غزة ليكون إنجازا يكتب له فى السياسة الخارجية. لكن لا يبدو حتى الآن أن هذا الأمر ممكن فى ظل اتساع نطاق الحرب وفتح جبهة جديدة فى لبنان بعد توغل إسرائيل بريا فيها، وشن إيران هجوم صاروخى ضد الدولة العبرية هو الأكبر على الإطلاق.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة