دعم لم ينقطع ، وإدانات لم تتوقف.. والنتيجة ما يقرب 42 ألف شهيد، مولت الولايات المتحدة ودولاً غربية قتلهم في الصباح، واستنكرت قاتلهم في المساء.. هكذا كانت الصورة منذ 7 أكتوبر ولا تزال، في مشهد متكرر لا يعكس إلا التناقض الفج الذي لطالما عانت منه القضية الفلسطينية والعالم العربى على حد سواء.
وعلى مدار عام كامل ، كانت الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا في صدارة الداعمين لسلطات الاحتلال، بل يمكن القول أن كلاهما كان ممولاً رئيسياً لآلة القتل الوحشية لرئيس الوزراء الإسرائيلي بينيامين نتنياهو.
أمريكا وإسرائيل.. دعم لا يعكر صفوه خلافات السياسة
ولا تخلو العلاقات الأمريكية ـ الإسرائيلية من الخلافات وإن كانت نادرة، إلا أن الدعم كان ثابتاً لا يعكر صفوه أي تباين في وجهات النظر. فكان هاري ترومان هو أول رئيس في العالم يعترف بإسرائيل، ليبدأ مسلسل الدعم العسكري والسياسي والدبلوماسي في كل الأوقات وتحت كل الظروف وعلى حساب الشعب الفلسطيني اولا، الي اليوم.
وخلال العدوان الممتد على غزة منذ 7 أكتوبر، وجد بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض رئيس وصف نفسه في عدة مناسبات بالـ"صهيوني"، ليعرب جو بايدن خلال احتفاله بعيد الأنوار اليهودي (حانوكا) في البيت الأبيض عن التزامه بأمن إسرائيل والشعب اليهودي، مشدداً على أن هذا الموقف لم ولن يتزعزع، وتابع قائلاً: "إذا لم تكن هناك دولة إسرائيل، فلن يكون هناك يهودي في العالم آمن نحن مستمرون في تقديم المساعدة العسكرية لإسرائيل رغم الانتقادات والدعوات العالمية والعربية لوقف اطلاق النار".
وفى الوقت الذي كان عداد الشهداء لا يتوقف ومشاهد القصف تخلف غباراً يحجب الكثير من تفاصيل المجازر الإسرائيلية في غزة، كشفت صحيفة واشنطن بوست فى تقرير لها نشر مارس الماضى، أن الولايات المتحدة وافقت على أكثر من 100 صفقة مبيعات سلاح لإسرائيل وسلمتها لها منذ بداية الحرب فى غزة، تضمنت آلاف الذخائر الموجهة، والقذائف الخارقة للتحصينات، وغيرها من المساعدات، ولم يتم الإعلان إلا عن اثنتين فقط من المبيعات العسكرية لإسرائيل، وقال مسئولين ومشرعين أمريكيين للصحيفة أن عمليات بيع ونقل الأسلحة تمت معالجتها بأوامر تنفيذية من قبل الإدارة الامريكية في سرية تامة.
وأضافوا أن إدارة الرئيس جو بايدن وافقت على مبيعات صغيرة مجزأة ضمن السقف المالي المسموح الذي لا يشترط موافقة الكونجرس، وصفت الصحيفة عمليات تسليم الأسلحة إلى إسرائيل بـ"الغامضة" تمر عبر "خط أنابيب للأسلحة"، والتي تم تسريع تسليمها لجيش الاحتلال
وتقدم واشنطن مساعدات عسكرية سنوية بقيمة 3.8 مليارات دولار لإسرائيل وشملت شحنات الأسلحة الأخيرة، إرسال ذخائر أوزانها تتراوح بين 100 كيلو جرام وتصل حتى طن، بالاضافة الى طائرات أف-15 المقاتلة.
ومنذ 7 أكتوبر، قدمت أمريكا أكثر من 21 ألف طن من الذخيرة موجهة إلى إسرائيل، بالإضافة إلى قنابل MK-82، وذخائر الهجوم المباشر و200 طائرة ضمن الجسر الجوي الأمريكي محملة بالسلاح والمركبات المصفحة ونحو 10 آلاف طن من السلاح والمعدات و5400 قنبلة برؤوس حربية إلى جانب مركبات مدرعة وأسلحة ومعدات حماية شخصية وأخرى طبية.
كما أرسلت إدارة بايدن 25 مقاتلة من طراز F-35، ومثلهم من طراز F-15 AI و12 طائرة أباتشي و230 طائرة شحن و20 سفينة محملة بالأسلحة لإسرائيل وقنابل وقذائف مدفعية ومركبات مدرعة بالإضافة الى معدات قتالية للجنود.
وحركت البحرية الأمريكية أسطولها دعما للاحتلال، حيث أرسلت حاملة الطائرات "يو إس إس فورد" إلى المياه الإقليمية الإسرائيلية وحاملة الطائرات "أيزنهاور" في اول انتشار في المنطقة منذ مارس 2020.
ومن واشنطن إلى لندن، لم تختلف الموازين كثيراً .. فالدعم عقيدة ثابتة وإن تخلله بعض الخلاف، حيث تقف داونينج ستريت بغض النظر عن من يتولى الحكم سواء كان حزب المحافظين تحت رئاسة ريشي سوناك رئيس الوزاء السابق أو بقيادة حزب العمال الحالي تحت رئاسة كير ستارمر وراء دولة الاحتلال.
وكانت لندن من أوائل الدول التي قدمت الدعم لإسرائيل ففي 13 أكتوبر 2023 بعد أيام قليلة من عملية "طوفان الأقصى" والعدوان الإسرائيلي على غزة، أعلن رئيس الوزراء البريطاني السابق ريشي سوناك نية بلاده إرسال المساعدات العسكرية اللازمة لمساعدة إسرائيل في حربها، وبحلول نوفمبر ذكر مسؤولو وزارة الدفاع البريطانية أن المملكة المتحدة نشرت 12 طائرة عسكرية بريطانية لتحسين مهام المراقبة والاستطلاع في الحرب الدائرة على القطاع، وكانت صرحت أن تلك الطائرات العسكرية قدمت دعم استطلاعي لإسرائيل عن طريق تسيير رحلات مراقبة
من بين هذه الطائرات الاستطلاعية بوسيدون بي 8، وهي طائرة استطلاع بحري طويلة المدى ومتعددة المهام تتميز بمجموعة من أجهزة الاستشعار خاصة بمهام الاستخبارات البحرية، كما أنها مزودة بخاصية رسم خرائط عالية الدقة، ولديها القدرة على إعادة التزود بالوقود جوا أثناء الطيران.
شملت قائمة المساعدات البريطانية للاحتلال مروحيات "ميرلين"، التابعة للبحرية البريطانية وتعرف باسم صائدة الغواصات كما تمتلك القدرة على الإنذار المبكر ضد الهجمات الجوية، إلى جانب قدرات تتبع برية وجوية وبحرية طويلة المدى.
ومؤخرا، قال روبرت جينيرك المرشح الأوفر حظا لترأس حزب المحافظين إنه يريد أن تكون المملكة المتحدة الدولة الأكثر ترحيبا في العالم بالإسرائيليين والمجتمع اليهودي، وطلب عرض نجمة داوود عند كل نقطة دخول إلى المملكة المتحدة لإظهار وقوف لندن مع إسرائيل.
وفي حديثه إلى حفل استقبال لأصدقاء إسرائيل المحافظين في مؤتمر الحزب ، قال جينيرك إنه دفع بصفته وزيراً للهجرة حتى يتمكن المواطنون الإسرائيليون المسافرون إلى المملكة المتحدة من الدخول عبر البوابات الإلكترونية، وأضاف: "هذا يعني أنه في كل مطار ونقطة دخول إلى بلدنا العظيم، توجد نجمة داوود، كرمز لدعمنا لإسرائيل"
كما تعهد جينريك، بنقل السفارة البريطانية إلى القدس إذا أصبح رئيسًا للوزراء، مضيفًا: "إذا لم ترغب وزارة الخارجية أو الموظفون المدنيون في القيام بذلك، فسأفعله بنفسي".