من منا اهتمّ يوماً بعقرب الثواني؟ من منا يرى جهده الكبير المبذول حتى يمر الوقت؟ من منا استخدمه في تقدير الوقت، فمثلا من يقول لك سأكون موجودا بعد خمس ثواني فهل يقصدها بالفعل بالطبع لا؟، فبالرغم أهمية هذا العقرب وبالرغم أن حركته مرتبة عليها حركة عقرب الدقائق وبالتالي حركة الساعة نفسها، إلا أننا لم نكترث له يوماً، هذا بالضبط ماناقشه العرض المسرحي" حيث لا يراني أحد" والذي عرض خلال فعاليات الدورة الأولى من مهرجان ظفار الدولي للمسرح بسلطنة عمان، ممثلاً أكاديمية الفنون بالقاهرة.
ففي عرض "حيث لا يراني أحد" استعرض صراع بين عقرب ثواني قديم وعقرب ثواني جديد، عندما تعطل القديم وقرر صاحب الساعة أن يذهب ليصلحها ويغير العقرب القديم بآخر جديد، هذا العقرب الذي ظل لسنوات طويلة يدور بلا توقف، ورغم أهميته الكبيرة في سير الوقت إلا أن لا أحد يشعر به بل يركزوا بشكل كبير على عقرب الدقائق وكأنه هو من يقوم بكل شيء.
الحقيقة أن فكرة عقرب الثواني هي إسقاط حي على هؤلاء الكادحين وهم فئة كبيرة في مجتمعاتنا، والذين يتجاهلهم الفئة الأكثر نفوذاً بالرغم أن لولاهم لما استمرت الحياة، فهولاء الكادحين يجدوا نفسهم محاصرون بين العمل الدؤوب وطموحهم، ولا يستطيعون سوى العمل في صمت حتى يضمنون لقمة العيش.
والقصة تحكي عن عقرب الثواني، الذي اقترب موعد تقاعده، بسبب تلفه، يتقدم شاب للحصول على مكانه، ليتفجر الصراع بين الاثنين، معبراً عن معاناة البحث عن وظيفة في العالم العربي والعالم ككل، في ظل النمو السكاني السريع والتطور التكنولوجي الذي يقلل من فرص العمل البشرية، وقدم المخرج رؤية مؤثرة لمأسات هؤلاء الفئات، بطريقة غير تقليدية، وانتمي العرض لمسار مسرح الشارع والفضاءات الغير تقليدية حيث عرض في ساحة المسرح وكان الديكور عبارة عن ساعة مرسومة في الأرضية ووضعت مكوناتها في زوايا المسرح، وكانت الملابس كذلك موحيه ومعبرة عن المشاهد الدرامية وبها دلالات، وقدم الممثلين بولا ماهر ومحمد بكر ونسمة عادل قدموا أدوارهم بشكل رائع، فبولا قدم دور العقرب القديم ومحمد قدم دور العقرب الجديد، أما نسمة فقدمت دور حبيبة العقرب الجديد، وكان وجودها مؤثراً واضفي شكل إنساني على العرض المسرحي والذي كان من إخراج محمود صلاح، الذي قدم العرض بشكل إحترافي جعله ينال إعجاب كل المشاهدين.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة