مرض السل أكثر الأمراض المعدية فتكًا بالإنسان على مستوى العالم حيث نشرت منظمة الصحة العالمية اليوم تقريرًا جديدًا عن مرض السل يكشف عن تشخيص ما يقرب من 8.2 مليون شخص حديثًا بمرض السل في عام 2023 - وهو أعلى رقم مسجل منذ بدأت منظمة الصحة العالمية مراقبة السل العالمية في عام 1995، ووفقاً لهذه البيانات، فإن مرض السل لا يزال يندرج ضمن أكثر الأمراض المعدية فتكًا بالإنسان على مستوى العالم.
ويعود اكتشاف مرض السل إلى كشف أعلن عنه علماء آثار حيث عثروا على عدوى السل في بقايا آدمية عاش أصحابها قبل 9 آلاف عام، ما يثبت أن البشرية عرفت هذا الوباء منذ عهد قديم، لكن كان يُطلق على أعراضه أسماء مختلفة، إلى أن وصل العلماء للبكتريا المُسببة للإصابة به، ليصبح بعدها يحمل اسم وباء السل، وفقاً لموقع مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها في الولايات المتحدة.
وبحسب كتاب بعنوان "أشهر الأماكن المسكونة فى العالم" يذكر المؤلف محمد حمد، أن مرض السل أطلق الناس على مرضاه مرضى "الموت الأبيض" منذ قرن من الزمان، بسبب خطورته الكبيرة، ويوضح الكتاب أن من أكثر الفترات التى انتشر فيها الوباء كانت فى عشرينيات القرن الماضى، وبالتحديد مع انتهاء الحرب العالمية الأولى وعودة آلاف الجنود المصابين بالسل من جبهات القتال فى أوروبا، كما انتشرت موجة وباء شرسة اجتاحات أجزاء كبيرة من الولايات المتحدة، خلال تلك الفترة أيضًا.
وبحسب الدكتور حسين عبد البصير، مدير متحف آثار الإسكندرية، فأن السل كان معروفًا وتم العثور على عدة حالات أُصيبت بسل العمود الفقرى فى البقايا الآدمية، وقد تم تصوير بعض الأفراد محدوبى الظهر، غير أن هذا الأمر ربما كان يرجع إلى مرض آخر غير سل العمود الفقرى، أو لسوء فى التصوير الفنى.
ورجَّح فريق بحثي سويسري من كلية الطب في جامعة زيورخ أن يكون مرض السل هو السبب في الآفات العظميّة متعددة البؤر التي وجدت في مومياء طفل مصري محفوظة في متحف الفن والتاريخ في جنيف بسويسرا.
وكان أبو الحسن الطبري الذي ألف كتابه الشهير (فردوس الحكمة) أول من ذكر أن السل هو مرض ينتقل بالعدوى وأنه لا يصيب الرئتين فقط بل الأعضاء الأخرى، وكان الطبيبان أبو بكر الرازي وابن سينا قد قدما وصفاً سريرياً دقيقاً لمرض السل الرئوي من حيث أعراضه وعلاماته وأشكاله السريرية وسيره السريري وإنذاره وأسباب الوفاة عند مريض السل، كما أشارا إلى الإصابة الجلدية والعصبية في سياق السل، وقد يكونان أشارا إلى السل الدخني من خلال ظهور الإصابة الجلدية الدخنية ووفاة المريض سريعاً بعدها. أما من حيث العلاج فكلاهما ركزا على ضرورة تغذية المريض بشكل جيد، وكلاهما ركزا على استعمال اللبن في علاج المسلول، وكلاهما أشارا إلى استعمال الأفيون في السعال ونفث الدم. ذكر ابن سينا صعوبة شفاء مريض السل وربما استحالتها، مما يدل على أنَّ السل كان مرضاً مميتاً في ذلك الوقت، كما تَنبَّه عليُّ بن عبَّاس الأهوازي المتوفي عام 284 هـ/994 م إلى صعوبة شفاء الرئة المصابة بالسلِّ.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة