أكد عدد من الشعراء والأدباء العرب والأجانب أن وسائل التواصل الاجتماعي ساهمت في خلق تفاعل فوري ومباشر بين الشاعر وجمهوره، ما أدى إلى تغيير واضح في وظيفة الشعر، فلم يعد الشعر وسيلة للتأريخ أو الخطابة التقليدية، بل أصبح أقرب إلى تفاصيل الحياة اليومية، مشيرين إلى أن هذه الوسائل أصبحت أداة قوية للشباب للتعبير عن مشاكلهم وإيصال أصواتهم وهمومهم إلى الجمهور، كما تعكس المواضيع التي يتناولها الشباب واقعهم وتحدياتهم، حيث توفر لهم هذه المنصات مساحة للتعبير عن آرائهم بحرية.
وحول الشعر في زمن الإنترنت، أوضح الكاتب والروائي اليمنى أحمد السلامي أن وجود المنصات الافتراضية أحدث انزياحاً في لحظة الكتابة، حيث يكتب الشاعر قصيدته بارتباط فردي مع الحاسوب أو الهاتف، وينشره مباشرة أمام جمهور واسع من القراء، ما خلق بدوره نوعاً جديداً من التواصل، وكأن الشاعر يكتب قصيدته أمام جمهور حي مباشرة.
وأضاف "السلامي"، أن هناك فرقاً بين شكل القصيدة وموضوعها، حيث يمكن للشكل التقليدي أن يحمل محتوى معاصراً يعكس القضايا الحالية، لافتاً إلى أن الأدب، سواء كان شعراً أو رواية، يتأثر بالتحولات الاجتماعية والسياسية، مما يجعل الأديب يستجيب للتغيرات حوله.
كما أوضح أن وظيفة الشعر تغيرت، فلم يعد وسيلة للتأريخ أو الخطابة، بل أصبح أقرب إلى تفاصيل الحياة اليومية، حيث تعبر القصيدة عن تساؤلات فردية، ومع تقلص الوظيفة النضالية للشعر، رأى السلامي أن وسائل الإعلام الحديثة باتت هي التي تتولى التعبير عن القضايا الكبرى، جاء ذلك خلال ندوة بعنوان "كيف يعيد الشباب تعريف الشعر"، ضمن فعاليات معرض الشارقة الدولي للكتاب الذي يقام من 6-17 نوفمبر الجاري في مركز إكسبو الشارقة، تحت شعار "هكذا نبدأ"، وتحدث خلالها كل الأديبة الباكستانية هينا ميان، والكاتبة والطبيبة الجنوب أفريقية سمية إينيغي، والروائي والشاعر اليمني أحمد السلامي، وأدراتها الكاتبة علياء المنصوري.
ومن جانبها أوضحت لأديبة الباكستانية هينا ميان، أن وسائل التواصل الاجتماعي أحدثت تغيرات جوهرية مقارنة بالماضي، وقبل قبل ظهور هذه الوسائل، لم يكن لكثير من الأصوات فرصة التعبير، خاصة لأولئك الذين نشأوا في بيئات تفتقر إلى المساحات المفتوحة للكتابة.
وأضافت "هينا"، أن وسائل التواصل أصبحت أداة قوية للشباب للتعبير عن أنفسهم، فالناس يتابعون هذه الأصوات الشابة لأنها تتحدث بجرأة وبدون قيود، مما يخلق فضاء واسعاً يكسر الصمت.
وأوضحت هينا أن الشعر المعاصر يتماشى مع ظروف الإنسان اليوم لأنه أصبح وسيلة لنقل الأفكار والتعبير عن تجارب الحياة المعاصرة. أما في السابق فكان أداة لتوثيق الأحداث والتاريخ، وديواناً عالمياً يعبر عن مختلف الثقافات والتجارب الإنسانية.
وأوضحت الشاعرة والطبيبة الجنوب أفريقية سمية إينيجى، أن المواضيع التي يهتم بها الشباب في بلادها جنوب إفريقيا على وسائل التواصل تعكس بشكل مباشر ما يحدث في واقعهم، خاصةً قضايا العنصرية، وحقوق النساء ذات البشرة الداكنة، والعلاقات الاجتماعية في إفريقيا. مشيرة إلى أن هذه الوسائل أصبحت تسمح للشاعر بترك بصمته الرقمية بشكل أكبر من ذي قبل.
وأوضحت "سمية"، أنها منذ دراستها الشعر في المدرسة الثانوية وتعرفها على أشكاله المختلفة، أدركت أن الشعر يمثل صوت الجمهور، لذا فإنها لا تلتزم دائماً بالقافية، مضيفة الفكرة الجميلة تفرض حضورها دون حاجة إلى قيود.
وحول أهمية انخراط الشعراء في مجتمعاتهم، قالت "سمية"، الانضمام إلى المجموعات الشعرية المحلية ينبع من ارتباطنا بمجتمعاتنا، فرغم عولمة وسائل التواصل، يجب علينا كشعراء أن نبقى على صلة بواقعنا المحلي، فالعولمة مهمة، لكن لا ينبغي أن تكون على حساب الثقافة والانتماء المجتمعى، حيث إننا، كشعراء، نمثل أصوات مجتمعاتنا، وهذا هو الأساس الذي يجب ألا نبتعد عنه.