بعد 43 عاما من التطبيق قضت المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية ثبات الأجرة السنوية للأماكن المرخص فى إقامتها لأغراض السكنى فى القانون رقم 136 لسنة 1981، وذلك لما يحمله من التطورات الاقتصادية والاجتماعية على مدار السنوات الماضية، ما يستدعى بحث مفصل ومستفيضه لتحقيق العدل والتوازن فى العلاقة الإيجارية بين المالك والمستأجر فى الحقوق والالتزامات، لإصدار قانون أو تعديلات تراعى وتتوافق مع المعايير الدولية والدستورية بشأن الحق فى المسكن الملائم والعدالة الاجتماعية.
وفى هذا الصدد أكد عدد من نواب البرلمان بغرفتيه النواب والشيوخ الحاجة إلى تحقيق دراسة مستفيضة للملف بكل أبعاده فى ضوء حكم المحكمة الدستورية العليا، تمهيدا لإقرار مشروع قانون جديد، وذلك مع مراعاة الأبعاد المجتمعية للعلاقة بين المالك والمستأجر تساعد على وضع صياغة تضمن التوصل إلى أفضل البدائل الممكنة لتحقيق العدل والتوازن فى ملف الإيجارات.
أكد المهندس حازم الجندى، عضو مجلس الشيوخ وعضو الهيئة العليا بحزب الوفد، على أهمية حكم المحكمة الدستورية العليا فى القضية رقم (24) لسنة 20 قضائية دستورية، والمتضمن: "عدم دستورية الفقرة الأولى فى كل من المادتين رقمى (1) و(2) من القانون رقم (136) لسنة 1981، فى شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، فيما تضمنتاه من ثبات الأجرة السنوية للأماكن المرخص فى إقامتها لأغراض السكنى اعتبارًا من تاريخ العمل بأحكام هذا القانون، مشيرا إلى أهمية هذا الحكم فى تنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر ويضمن عدالة توزيع الأعباء والمنافع بين الطرفين.
وأشار "الجندي"، إلى أن المحكمة الدستورية أكدت على أهمية وضع ضوابط موضوعية ومرنة لتحديد قيمة الإيجار بما يتناسب مع المتغيرات الاقتصادية، وبما يضمن تحقيق التوازن بين الطرفين، مع صياغة آليات جديدة تتيح تعديل الأجرة بناء على المتغيرات الاقتصادية بما يضمن المالك تحقيق عوائد سنوية مناسبة، مثمنا اهتمام مجلس النواب بالقوانين الاستثنائية التى تنظم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، والمعروفة بـ "قوانين الإيجار القديم".
ودعا عضو مجلس الشيوخ، إلى ضرورة العمل بجدية من أجل دراسة مستفيضة عن ملف قوانين "الإيجار القديم"، والإسكان بوجه عام، وتقييم أثرها التشريعى، مع دراسة الخلفية التاريخية للتشريعات الخاصة، وكذلك الاطلاع على أحكام المحكمة الدستورية العليا المتعلقة بهذا الشأن كافة، مع دراسة وتحليل كل البيانات الإحصائية التى تسهم فى وضع صياغة تضمن التوصل إلى أفضل البدائل الممكنة التى تتوافق مع المعايير الدولية والدستورية بشأن الحق فى المسكن الملائم والعدالة الاجتماعية، فضلا عن إعادة النظر فى قوانين وأنظمة الرهن العقارى، مؤكدا أنه من القوانين التى تحظى بأهمية كبيرة خاصة أنها تمس قطاع كبير من المواطنين.
وشدد النائب حازم الجندى، على ضرورة أن يتم ذلك من خلال حوار مجتمعى واسع يشارك فيه مختلف الأطراف المعنية من أجل الوصول إلى حلول توافقية تحقق العدالة والاستدامة، تحقق حماية مصالح جميع الأطراف دون تغليب مصلحة طرف على حساب طرف آخر، وهو ما يساهم فى خلق بيئة قانونية تعزز من الاستقرار الاجتماعى وتدعم النسيج المجتمعى.
ومن جانبه أكد المهندس أمين مسعود عضو مجلس النواب أمين سر لجنة الإسكان بمجلس النواب، أن حكم المحكمة الدستورية العليا التى قضت بعدم دستورية ثبات الأجرة السنوية للأماكن المرخص فى إقامتها لأغراض السكنى فى القانون رقم 136 لسنة 1981، يتطلب مناقشة موسعة للوقوف على آليات التنفيذ وهل ستشمل إعادة صياغة القانون أم زيادة القيمة الإيجارية وماذا عن المواريث؟
وأوضح "مسعود" أنه ليس من مؤيدى تعديل قانون الإيجار القديم، موضحًا أنه يجب على الحكومة إرسال مشروع قانون للنواب لسرعة مناقشته والانتهاء منه قبل انتهاء دور الانعقاد الأخير لمجلس النواب.
وتابع أمين سر لجنة الإسكان بالبرلمان : "ننتظر الجلسة العامة المقبلة لمناقشة حيثيات الحكم وفى ضوء ذلك ستتخذ خطواتها من أجل وضع تشريع قانونى لحل أزمة الإيجار القديم معلناً اتفاقه التام مع البيان المهم الذى اصدره مجلس النواب حول هذا الملف وحرص المجلس على اصدار تعديلات تشريعية تحقق التوازن بين المالك والمستأجر فى العقارات القديمة
كما أشاد النائب أحمد فؤاد أباظة رئيس لجنة الشئون العربية بمجلس النواب حكم المحكمة الدستورية القاضى بعدم دستورية المواد التى تنص على تثبيت القيمة الايجارية بين المالك والمستأجر فى قانون الإيجار القديم مؤكداً أنه حكم تاريخى وهو خطوة مهمة نحو ترسيخ قواعد العدالة بين المالك والمستأجر، ويأتى فى وقت مناسب لتحقيق التوازن المطلوب فى العلاقات الإيجارية.
ووجه " أباظة التحية والتقدير لمجلس النواب على بيانه المهم الذى أصدره بشأن هذا الملف ويؤكد الحرص الحقيقى من البرلمان المصرى ليس فقط على تطبيق أحكام المحكمة الدستورية العليا ولكن حرصه أيضاً على تحقيق التوازن فى العلاقة بين المالك والمستأجر معلناً تأييده التام لحكم المحكمة الدستورية العليا.
وأعرب النائب أحمد فؤاد أباظة عن ثقته التامة فى قدرة مجلس النواب على إعادة تنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر، بما يتماشى مع المتغيرات الاقتصادية الحالية، وارتفاع معدلات التضخم، وحقوق الأطراف كافة مؤكداً الأهمية الكبيرة لحكم المحكمة الدستورية العليا لضبط هذه العلاقة بما يحفظ حقوق جميع الأطراف ويضمن عدم حدوث أى فوضى فى التعاقدات الحالية بعد سريان الحكم.
وشدد على أن مجلس النواب سيعمل على مناقشة البدائل لوضع ضوابط حاكمة لتحديد أجرة الأماكن المرخص فى إقامتها لأغراض السكنى الخاضعة للقانون رقم 136 لسنة 1981، مؤكدة أن المحكمة بقرارها هذا لم ترفض التدخل التشريعى فى تحديد الأجرة، بل أكدت أن ذلك ممكن بشرط أن يعتمد على ضوابط موضوعية تضمن التوازن العادل بين المالك والمستأجر، وأن الامتداد القانونى لعقود الإيجار يجب أن يكون موجهًا لفئات محددة تستحق الدعم.
وقالت النائبة سميرة الجزار عضو لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، على قرار المحكمة الدستورية العُليا بإلغاء المادة الأولى من قانون الإيجار القديم، والتى تسمح بتثبيت قيمة الإيجار على مدار عقود دون زيادة، مؤكدة أنها مع أى تعديل يحقق العدل بين جميع الأطراف.
وأكدت عضو مجلس النواب، أن مجلس النواب سيبذل أقصى جهده فى دور الانعقاد القادم من خلال دراسة تلك التعديلات والاختيار بين البدائل المطروحة فى العلاقة بين المالك والمستأجر لتحقيق العدالة.
وأضافت، أن مطلبنا مساعدة المالك فى حصوله على حقه خاصةً توجد حالات على أرض الواقع متعثرة ماديًا رغم امتلاكها وحدات سكنية مُؤجرة، ولا تنتفع منها سوى ببضع جنيهات شهرياً، وبالتالى لابد من حدوث توازن فى أحقية المالك والمستأجر. فلابد من وضع تشريع يمنح الطرفين الحق ويحمى المستأجر من استغلال المالك، ويحمى المالك من استغلال المستأجر، خاصةً أن قوانين الإيجار فى مصر سواء القديمة أو الجديدة لم تحقق هذا التوازن.
ومن جانبها قالت الدكتورة هناء سرور عضو مجلس النواب، وعضو لجنة الصحة بالبرلمان أن حكم المحكمة الدستورية العليا خطوة مهمة تحقق التوازن فى العلاقة بين المؤجر والمستأجر، بما يضمن عدالة توزيع الأعباء والمنافع بين الطرفين ويدفع نحو زيادة الإيجار بشكل متناسب مع الوضع الحالي
وأشادت النائبة هناء سرور ببيان مجلس النواب برئاسة المستشار الدكتور حنفى جبالى رئيس مجلس النواب فى هذا الشأن والذى أشار إلى أن المجلس هو الحارس الأمين لحقوق الشعب، سيواصل مناقشة القوانين الاستثنائية لإيجار الأماكن، والتعديلات التشريعية اللازمة لتنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا المُشار إليه؛ بروح من التوازن والعدالة، ملتزمًا بحماية مصالح جميع الأطراف دون تغليب مصلحة طرف على حساب طرف آخر؛ فالأمر لا يتعلق فقط بضبط العلاقة بين المالك والمستأجر، بل بخلق بيئة قانونية تعزز من الاستقرار الاجتماعى وتدعم النسيج المجتمعى.
وأشارت الدكتورة هناء سرور إلى أن المحكمة الدستورية أكدت على أهمية وضع ضوابط موضوعية ومرنة لتحديد الأجرة السنوية، بحيث تراعى الأوضاع الاقتصادية المتغيرة وتحقق توازنا عادلا بين حقوق الطرفين ويعنى هذا أن التشريعات الجديدة يجب أن تتضمن آليات تتيح تعديل الأجرة بناء على مؤشرات اقتصادية واضحة، مثل معدلات التضخم ومستويات الدخل من أجل ضمان عدم استغلال المستأجرين من جهة، والحفاظ على عوائد مناسبة للملاك من جهة أخرى.