تعد مشروعات ريادة الأعمال والشركات الناشئة هى القاطرة التى يعول عليها الجميع حاليا لقيادة النهضة الاقتصادية المنشودة، وهو ما دعا مجلس الوزراء إلى تشكيل مجموعة وزارية خاصة لريادة الأعمال بهدف تحقيق نمو اقتصادى مستدام ومتسارع قائم على التنافسية والمعرفة ويسهم فى خلق فرص عمل لائقة.
وأكد المستثمرون وممثلو قطاع الشركات الناشئة، أن تشكيل مجموعة وزارية متخصصة لريادة الأعمال يعد خطوة كبيرة ومؤشر إيجابى لاتجاه الحكومة المصرية الهادف لتمكين الشركات الناشئة، موضحين أن تلك المجموعة كانت مطلبًا لكثير من المعنيين بقطاع الشركات الناشئة من أجل التنسيق بين كافة الجهات الحكومية فيما يتعلق بالمبادرات التى تُطلقها الدولة لرواد الأعمال، كما يعمل على بلورة المجهودات فى شكل مختلف ينعكس إيجابًا على النهوض بهذا القطاع.
جدير بالذكر الحكومة حرصت على تأسيس مجموعات وزارية متخصصة ببعض الملفات التى تُشكل أولوية قصوى ضمن برنامج عمل الحكومة للفترة من 2024-2027، ومن بينها المجموعة الوزارية لريادة الأعمال، التى صدر قرار رئيس الوزراء رقم 2878 لسنة 2024، بتأسيسها، ويستعرض التقرير التالى كافة المعلومات المتعلقة بالمجموعة الوزارية لريادة الأعمال.
نص قرار رئيس الوزراء، على أن وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولى، ترأس المجموعة، بعضوية كل من: وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، ووزير التعليم العالى والبحث العلمى، ووزير المالية، ووزير التموين والتجارة الداخلية، ووزير الاستثمار والتجارة الخارجية، والرئيس التنفيذى لجهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، وممثلين عن وزارة الصناعة والبنك المركزى والهيئة العامة للرقابة المالية.
ومن جانبها عقدت أمس الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولى، رئيس المجموعة الوزارية لريادة الأعمال، اجتماعًا تشاوريًا ضم نخبة من مُمثلى صناديق رأس المال المخاطر، ومكاتب المحاماة والاستشارات القانونية، ومجتمع الشركات الناشئة، والقطاعات الداعمة لريادة الأعمال، والجهات الوطنية المعنية، وذلك من أجل استعراض خارطة طريق عمل المجموعة، والتعرف على مجموعات العمل الفنية التى تم تشكيلها، ومناقشة أهم المقترحات والتحديات التى يتطلبها نمو القطاع من أجل العرض على الاجتماع الثانى للمجموعة الوزارية، بما يُدعم جهود الحكومة لدعم بيئة عمل الشركات الناشئة وتشجيع ريادة الأعمال لبناء اقتصاد تنافسى جاذب للاستثمارات، وذلك بحضور الدكتورة جيهان صالح، مستشار رئيس مجلس الوزراء للشئون الاقتصادية.
وفى مستهل الاجتماع، رحبت الدكتورة رانيا المشاط، بالحضور من مجتمع الأعمال والشركات الناشئة، واستعرضت قرار رئيس مجلس الوزراء بتأسيس المجموعة الوزارية لريادة الأعمال، الذى يأتى انطلاقًا من الأهمية الكبيرة التى توليها الدولة لهذا القطاع الحيوى، الذى يُعول عليه كثيرًا لدفع جهود خلق فرص العمل، وتشجيع بيئة الأعمال، وتحفيز التنمية فى مختلف القطاعات، والاستفادة من الأفكار المُبتكرة، مؤكدة أن المجموعة الوزارية لريادة الأعمال تم تأسيسها فى وقت محورى حيث استطاعت الدولة تعزيز استقرار الاقتصاد الكلى، من خلال تنفيذ برنامج وطنى للإصلاحات الاقتصادية والهيكلية، وتذليل العديد من التحديات التى كانت تواجه بيئة الأعمال بشكل عام وقطاع الشركات الناشئة بشكل خاص.
وأوضحت أن أمام المجموعة فرصة كبيرة لتحقيق تقدم ملموس فى ملف ريادة الأعمال، استغلالًا للدعم الكبير الذى يوفره دولة رئيس مجلس الوزراء للمجموعة، مشددة على أن المجموعة الوزارية الاقتصادية تعمل فى إطار تكاملى وتنسيق تام من أجل النهوض بالاقتصاد المصرى، ولذلك فإننا منفتحون على أية قرارات أو تشريعات من شأنها فتح الآفاق للشركات الناشئة، وتعزيز دورها فى الاقتصاد القومى، والحفاظ على الكوادر والمواهب المصرية، وترسيخ مكانة مصر كمركز إقليمى محورى للشركات الناشئة وريادة الأعمال، وتحفيز الشركات الناشئة المصرية للوصول إلى الأسواق العالمية.
وفى ذات السياق، تطرقت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولى، إلى ما نفذته الحكومة من برنامج للإصلاحات الهيكلية يقوم على 3 ركائز رئيسية، أولها دعم استقرار وصمود الاقتصاد الكلى، وتحت هذا المحور تأتى التشريعات والقرارات التى يتم اتخاذها، لذلك فإن أى قرار سيتم اتخاذه لدعم قطاع الشركات الناشئة سيُعزز البرنامج الوطنى للإصلاحات الهيكلية؛ والركيزة الثانية تتعلق بتحسين بيئة الأعمال وتمكين القطاع الخاص؛ وثالثًا دفع التحول إلى الاقتصاد الأخضر.
وخلال اللقاء استعرضت «المشاط»، خارطة الجهات الوطنية الداعمة لملف ريادة الأعمال والابتكار، والدور الذى ستقوم به المجموعة الوزارية لريادة الأعمال، من أجل التنسيق بين كافة تلك المبادرات والجهات لمنع تكرار آليات الدعم، وتحقيق الاستفادة القصوى، كما عرضت الوزيرة، تشكيل الأمانة الفنية، ومجموعات العمل التابعة للمجموعة الوزارية لريادة الأعمال، التى تتعلق أعمالها بصياغة السياسات والتشريعات، والتنسيق بين المبادرات، والوصول إلى الأسواق العالمية، وربط الشركات الناشئة بالتحديات التنموية.
وشددت على أنه تم الحرص على أن يكون أعضاء كل مجموعة عمل من المعنين بشكل مباشر ببيئة ريادة الأعمال، سواء من النواحى القانونية، أو الفنية، أو التمويلية، وكذلك الدمج والتكامل بين مُمثلى المجالس النيابية والجهات الوطنية، إلى جانب القطاع الخاص، من أجل الخروج بأفضل الأفكار والمقترحات، التى تُحفز بيئة عمل الابتكار والشركات الناشئة، وفى هذا الصدد أكدت الوزيرة على أهمية المُشاركة بفعالية واستمرارية فى تلك اللجان لتحقيق النتائج المرجوة.
ولفتت إلى أن الأمانة الفنية للجنة الوزارية عكفت على مدار الأسابيع الماضية، لدراسة القوانين واللوائح المنظمة لعمل الشركات الناشئة فى مصر، والتى يزيد عددها عن 35 وثيقة، والاطلاع على أبرز الدراسات والتقارير الدولية فيما يتعلق بتحديات الشركات الناشئة، ووضع أهم المقترحات والتوصيات انطلاقًا من تجارب الدول الأخرى، والتشريعات المحفزة للقطاع.
وناقش الاجتماع عددًا من المقترحات المتعلقة بأهداف المجموعة الوزارية لريادة الأعمال على المدى القصير، والمتوسط، والطويل، وأهم ما يتعلق بالتوجهات المستقبلية، كما تمت مناقشة التعريف الموحد المقترح للشركات الناشئة والذى سيسهم فى وضع إطارًا واضحًا لصياغة السياسات وتوجيه الموارد بفعالية، وكذلك مناقشة مقترح لتفعيل حوافز تشجيع استثمارات الشركات الكُبرى فى الشركات الناشئة Corporate Venture Capitals سواء بشكل مباشر أو عن طريق صناديق راس مال المخاطر، وهو النموذج الذى أثبت فعاليته دوليًا وساهم فى ضخ استثمارات ضخمة للشركات الناشئة فى أسواق عدة.
وشهد الاجتماع مناقشات فعّالة وتبادل وجهات النظر حول أبرز المتطلبات خلال المرحلة المقبلة، كما استعرض عدد من مُمثلى الشركات التجارب الناجحة فى عدد من الدول لتحفيز الشركات الناشئة، وضرورة تبسيط وتيسير إجراءات اعتماد الشركات الناشئة فى مصر، وزيادة الحوافز الضريبية والمالية الموجهة للقطاع، ووجود تعريف موحد ومتفق عليه بين كافة أطراف المنظومة مما يُمهد الطريق حول حصول الشركات على الدعم والمساندة المطلوبة، كما أكدوا على أهمية وجود حوافز أكبر تُشجع الشركات الكبرى على ضخ الاستثمارات فى الشركات الناشئة بما يضمن توجيه مئات الملايين من الدولارات لتلك الشركات، فضلًا عن تحقيق التكامل بينها والاستفادة من الحلول التى تتيحها الشركات الناشئة فى مختلف القطاعات والصناعات.
كما أكدوا أهمية التوعية بأهمية الاستثمار فى الشركات الناشئة، مشيرين إلى أن مصر لديها فرصة ذهبية لتُصبح ليس فقط مركزًا إقليميًا على مستوى منطقة الشرق الأوسط للشركات الناشئة، ولكن أيضًا على مستوى قارة أفريقيا، من خلال جذب صناديق الاستثمار الأفريقية، وذلك من خلال زيادة التنافسية ودفع الاستثمارات، وتبسيط الإجراءات لدخول المستثمرى، كما شددوا على ضرورة تحفيز الدولة لإجراءات نمو الشركات العائلية التى تُسهم عالميًا بشكل كبير فى دعم الشركات الناشئة وزيادة الاستثمارات.
شارك فى الاجتماع نخبة من المعنيين بقطاع ريادة الأعمال، الدكتور حسام عثمان، نائب وزير التعليم العالى والبحث العلمى، واتامر طه، مستشار وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولى للابتكار وريادة الأعمال، ومحمد مدحت، نائب رئيس جهاز المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، والدكتور سعيد سمير المطرى، مدير عام بوزارة المالية، والدكتور مينا فخر، رئيس قسم التطوير المصرفى بالبنك المركزى، علاء مصطفى، عضو مجلس الشيوخ، وياسر هاشم، الشريك الإدارى لمكتب زكى هاشم، وجرجس عبد الشهيد، الشريك الإدارى لمكتب الشهيد وشركاه، وهانى السنباطى، مدير عام سوارى فينشرز، وداليا إبراهيم، رئيسة شركة نهضة مصر ومؤسس إديو فينشرز، وعمرو المنسى، مؤسس شركة IEvent، وعبد الحميد شرارة، مؤسسة رايزاب، وامحمد إيهاب، المدير التنفيذى لشركة انطلاق لدعم ريادة الأعمال، ومحمد عزت، مؤسسة شركة بوسطة، وعمرو العبد، مدير إنديفور، ومحمد نجاتى، شريك مؤسسة بشركة Exits MENA، وزياد على، مؤسس مشروع 2043، واحنان عبد المجيد، المؤسس والشريك التنفيذى لشركة كاميليزر تكنولوجى بالإضافة إلى العديد من المشاركين افتراضيًا.
ومن جانبه، أشار الدكتور أيمن عاشور وزير التعليم العالى والبحث العلمى، إلى الدور الذى تقوم به الجامعات المصرية لدعم ريادة الأعمال من خلال مراكز الابتكار وريادة الأعمال بالجامعة وكذلك من خلال التعاون مع القطاع الخاص، من أجل صقل خبرات الطلاب وتنمية مهاراتهم ليكونوا قادرين على تلبية مُتطلبات سوق العمل المحلى والإقليمى والدولي.
واستعرض الدكتور أيمن عاشور جهود صندوق رعاية المُبتكرين والنوابغ لدعم الطلاب المُبتكرين والمُبدعين وتشجيعهم على التميز والابداع، مشيرًا إلى تزايد دعم الجامعات المصرية فى التشجيع على الابتكار والإبداع، لافتًا إلى وجود 43 حاضنة أعمال بـ 14 جامعة بالإضافة إلى 60 ناديًا لريادة الأعمال، فضلًا عن الجهود المبذولة لتحويل الأبحاث إلى مشروعات وشركات ناشئة تعمل على أرض الواقع.
وفى ذات السياق تحدث حسام هيبة، رئيس هيئة الاستثمار، عن ضرورة توحيد جهود الحكومة بما يتناسب مع بيئة ريادة الأعمال، بهدف دعم رواد الأعمال واستغلال إمكانياتهم، مع وضع إرشادات تشجعهم على الاستفادة من الفرص التنموية.
بينما استعرضت نائبة وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، الجهود المبذولة من خلال منصة إبداع مصر Egypt Innovate، التى تتم إدارتها من خلال القطاع الخاص بشكل كامل، مؤكدة حرص الوزارة على دعم كافة جهود المجموعة الوزارية لريادة الأعمال من أجل العمل على تنمية قطاع الشركات الناشئة فى مصر.
كما أكد نائب وزير المالية، على تقديم كافة أوجه الدعم على مستوى الحوافز الضريبية للشركات الناشئة، فى ظل الأهمية القصوى للابتكار والتكنولوجيا لتحقيق النمو الاقتصادى والاستقرار الكلي.
وأفاد وكيل محافظ البنك المركزى المصرى، بضرورة تعظيم الاستفادة بالشركات الناشئة ورواد الأعمال، وتوعية القطاع الحكومى بهذا الدور، وتحليل الوضع الحالى لبيئة ريادة الأعمال على مختلف الأصعدة، مشيرًا إلى أن التمويل يعد من أهم التحديات التى تواجه مجتمع ريادة الأعمال فى مصر مما يتطلب استراتجيات واضحة وفعالة.
وناقشت اللجنة الإطار التنظيمى المقترح للمجموعة الوزارية لريادة الأعمال، على مستوى الأمانة الفنية ومجموعات العمل والمهام الرئيسية لكل مجموعة، كما تم التأكيد على التنسيق الوطنى لتنمية ملف ريادة الأعمال والابتكار لتقليل التداخل بين المبادرات والبرامج المختلفة وتعزيز كفاءءة استخدام الموارد، وضمان تقديم الدعم الشامل، وتطوير الحلول المبتكرة لمواجهة التحديات، وتعزيز القدرة التنافسية للاقتصاد المصري.
وشهد اللقاء استعراض فيديو عن اّراء عدد من مؤسسى شركات ناشئة والمستثمرين والجهات الداعمة وشركاء التنمية الدوليين، حيث أشادوا بتكوين مجموعة وزارية لدعم ريادة الأعمال باعتباره مؤشر إيجابى وإشارة داخل مصر وعالميًا لاتجاه متميز من الحكومة المصرية، حيث كان مطلب للشركات الناشئة ومجتمع رجال الأعمال فى مصر لسد الفجوات بينهم وبين الحكومة كما يسهم فى بلورة المجهودات التى كانت تقوم بها كل وزارة على حدى.