يبدو أن مجمع اللغة العربية عاد إلى نقطة الصفر مرة أخرى بعد أقل من عامين على وفاة رئيسه الأسبق الدكتور صلاح فضل، وذلك بعدما أصبح موقع الرئيس شاغرا مرة أخرى بعد وفاة رئيس مجمع الخالدين الدكتور عبدالوهاب عبدالحافظ، الذي رحل عن عالمنا أول أمس الأحد عن عمر ناهز 87 عاما، ويأتي ذلك مع خلو منصبى النائب والأمين العام، لعدم إجراء انتخابات منذ عام 2016، وعدم اعتماد نتيجة انتخابات عام 2020، وتأخر إجراء أخرى لعدم اعتماد مشروع قانون إعادة تنظيم مجمع الخالدين أمام مجلس النواب إلى الآن.
ويشهد مجمع الخالدين حاليا سابقة لم يمر بها على مدار تاريخه منذ تأسيسه عام 1932، حيث تقول لائحة النظام الأساسي، إن نائب رئيس المجمع يتولى تسيير أعمال المجمع لحين انتخاب رئيس جديد، وفي حالة خلو موقع النائب، يتولي مكتب مجمع اللغة العربية وأمين المجمع مهام رئيس مجمع اللغة العربية في تسيير أعمال المجمع المالية والإدارية لحين اختيار رئيس للمجمع من بين أعضائه، وهنا أيضا تأتي الأزمة حيث إنه قد انتهت المدة القانونية للأمين العام للمجمع الدكتور عبد الحميد مدكور، ولم يصدر قرار بتوليه مسئولية تسيير أعمال المجلس والأعمال الإدارية والمالية الخاصة بالمجمع مثلما أجرى الراحل الدكتور صلاح فضل عند توليه تسيير أعمال المجمع في عام 2020.
عدم اعتماد مشروع قانون إعادة تنظيم مجمع الخالدين حتى الآن من البرلمان، يجعل الأمر الآن في يد وزير التعليم العالي الدكتور أيمن عاشور، لأنه بحسب لائحة المجمع فإن الوزير يتولى بصفته منصب الرئيس الأعلى للمجمع، وهو حلقة الوصل بين المجمع ورئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء، وعليه فإن "عاشور" من المقرر أن يختار أحد أعضاء المجلس الحاليين ليقوم بأعمال رئيس المجمع لحين اعتماد مشروع قانون مجمع الخالدين من مجلس النواب، ومن ثم يتم إجراء انتخابات جديدة، ولحين صدور قرار الوزير المنتظر بعد خلو منصب الرئيس بوفاة الدكتور عبد الوهاب عبد الحافظ، يتولى أكبر الأعضاء سنا رئاسة جلسات المجلس، وهو للمصادفة الرئيس الأسبق للمجمع الدكتور حسن الشافعي، والذي شهدت عملية إعادة انتخابه الأخيرة في 2020، خطأ فى الإجراءات بسبب عدم تطابق عدد أصوات المنتخبين مع إجمالي الحضور، وحين أعيدت الانتخابات مرة ثانية عقدت دون وجود مندوب من وزارة التعليم العالي، لذا لم يتم اعتماد النتيجة من الوزير كما كان يعمل به سابقًا.
ومن المقرر أن يقوم وزير التعليم العالي خلال الأيام المقبلة، باختيار أحد أعضاء مجمع الخالدين لتسيير أمور المجمع لحين إجراء انتخابات جديدة، ولعل من أبرز الأسماء المرشحة لشغل هذا المنصب هو الأستاذ الدكتور محمد العبد أستاذ العلوم اللغوية بكلية الألسن جامعة عين شمس، وعضو المجلس العلمي المصري، باعتباره أحد كبار اللغويين في مصر والوطن العربي حاليا، وتصديه للكثير من المشاريع العلمية خلال السنوات الأخيرة، وإشرافه على إصدار عدة معاجم لغوية، بالإضافة إلى أنه يحوز على ثقة وقبول لدى عدد كبير من أعضاء وخبراء المجمع، فضلا عن صغر سنه مقارنة بأعضاء مجلس المجمع الآخرين، كما أن من بين الأسماء المرشحة يبقى الدكتور حافظ شمس الدين عبدالوهاب أستاذ المعادن والصخور بقسم الجيولوجيا بكلية العلوم جامعة عين شمس، باعتباره أحد أقدم أعضاء المجمع، وصاحب الخبرة الكبيرة في مجمع الخالدين.
يذكر أن قانون المجمع الحالي ينص على أن مدة الرئاسة 4 سنوات، وتنص لائحة المجمع على انتخاب رئيسه، ونائبه، وأمينه العام، من بين المرشحين من أعضاء مجلسه، الذي يتشكل من أربعين عضواً من المصريين. ولا يشترط القانون مدة ما لاختيار مَن يخلف رئيس المجمع في حالة خلو المنصب، حيث يتقدم اثنان أو ثلاثة للترشح على مقعد رئيس المجمع، ويقوم أعضاء المجمع باختيار واحد من بينهم.
خطر آخر أصبح يهدد مجمع الخالدين، وهو خطر التجميد، لعدم إجراء انتخابات للمجمع منذ أكثر من 8 سنوات، وعدم قبول أي أعضاء جدد بالمجمع منذ أكثر 7 سنوات حين تم انتخاب الدكتور محمد السيد العبد، والدكتور مأمون وجيه، أعضاء جدد بالمجمع، ومع رحيل عدد كبير من أعضاء المجلس، أصبح هناك خطر عدم اكتمال النصاب القانوني لانعقاد المجلس.