أوضح الدكتور أسامة عبد البارى أستاذ علم الاجتماع في جامعة أم القيوين، أن تطور الذكاء الاصطناعى بات يفرض تحديات جديدة على الإنسان للحفاظ على قيمه وعاداته، خاصة في ظل ما يعرف بعصر "ما بعد الإنسانية"، حيث بدأت التقنية تتداخل بشكل عميق في حياتنا اليومية.
وأضاف "عبدالباري"، هناك نوع من الحوار المتواصل بين ثلاث قضايا وهي "مفهوم الإنسان، والاستدامة، والذكاء الاصطناعي"، إذ إنها تجتمع حول محور مركزي وهو الإنسان، ومفهوم الإنسان يتسم بالتعقيد، حيث يجمع بين العقلانية والروحانية، وبين التجارب الفردية والقيم المجتمعية.
جانب من ندوة الذكاء الاصطناعى
كما ناقش مستقبل العلاقات الإنسانية وتأثير الذكاء الاصطناعي عليها، متسائلاً حول قدرة الإنسان على الحفاظ على خصوصيته واستقلاليته في ظل تطور الآلة، مؤكدًا أن الإنسان يتمتع بميزة فريدة تجمع بين العقل والقلب، ما يكسبه وعيًا وإدراكًا لا يمكن للآلة تقليده، جاء ذلك ضمن فعاليات معرض الشارقة الدولى للكتاب تحت شعار "هكذا نبدأ"، جاء ذلك خلال ندوة "الإنسان بين الاستدامة والذكاء الاصطناعي"، ضمن فعاليات معرض الشارقة الدولى للكتاب، أدارها الدكتور محمد السويدي، من جمعية الاجتماعيين بالشارقة، وتطرقت إلى التفاعل بين الإنسانية والتقنيات الحديثة، وأهمية استدامة القيم الإنسانية في ظل التطور المتسارع للذكاء الاصطناعي.
وقال، "رغم التحديات، سيظل الإنسان قادرًا على تحقيق التوازن، حيث أن الذكاء الاصطناعي لا يشكل تهديدًا لهويته، بل يمثل فرصة لتعزيز قدراته وتطوير إمكاناته بمساعدة هذه التقنية، كما أن الذكاء الاصطناعي لن يهدم مفهوم الإنسان إطلاقًا، فالضمان لعدم توغل الآلة هو العقل الذي يتمتع به الإنسان.
وأشار الدكتور عبدالباري إلى أن أحد التحديات الكبرى في هذا العصر هو تحقيق التوازن بين الاستفادة من التقنية المتقدمة والاحتفاظ بالهوية الإنسانية، فالتكنولوجيا، بحسب رأيه، ليست مجرد أدوات وأجهزة، بل هي منظومة يمكن أن تغيّر أساليب التفكير والتفاعل وتعيد تشكيل مفاهيمنا الأساسية حول الحياة والعلاقات. وقال: "الإنسان بوعيه المتجدد وحكمته، يمتلك القدرة على استثمار هذه التقنيات بشكل إيجابي، بحيث تكون جزءًا من تجربته الإنسانية وليست بديلاً عنها، علينا أن نرى في الذكاء الاصطناعي شريكاً يعزز من إمكانياتنا، بدلاً من أن ننظر إليه كتهديد، فالتحدي الحقيقي هو في كيفية توظيفه ليخدم أهدافنا الإنسانية ويسهم في استدامة قيمنا المجتمعية".
وفى ندوة أخرى بعنوان "الأجناس الأدبية بين الحضور والغياب: المقال الصحفي الإماراتي في نصف قرن"، أكدت الكاتبة الصحفية فضيلة المعيني، رئيسة جمعية الصحفيين الإماراتية، أن الصحافة المدرسية كانت الأساس الذي أسس شغفها بالكتابة، مشيرة إلى أن فترة الثمانينيات والتسعينيات كانت الأكثر حيوية وإثراءً للمقال الصحفي الإماراتي، إذ شهدت ظهور جيل من الكتّاب الذين أثروا المشهد الصحفي.
وقالت المعيني: "الكتابة بالنسبة لي هي القلم والكلمة، وقد بدأت هذه العلاقة منذ صغري حين كنت في الصف الأول الإعدادي، عندما كانت الصحافة المدرسية هي المنطلق الأول لشغفي". وأضافت أن جيل كتّاب الثمانينيات صقل مواهبه رغم غياب التوجيه الأكاديمي، واصفةً الإبداع في الكتابة بأنه "أحد أجمل الأقدار التي يمر بها الإنسان".
جانب من الأجناس الأدبية بين الحضور والغياب
وأوضحت المعيني أن كتابة العمود اليومي هي نتاج سنوات من العمل، تتوج أحياناً خبرة تمتد إلى 15 أو 20 عاماً. فبينما يستطيع الصحفي كتابة الأخبار أو التقارير، يبقى مقال الرأي أداة مؤثرة في تشكيل الوعي المجتمعي.
أشارت المعيني إلى أن تطور الصحافة، سواء بالتحول إلى الرقمنة أو غيرها، لم يؤثر على قيمة المقال الصحفي، موضحةً أن التحدي يكمن في كيفية استثمار الصحف للفرص لتحسين المحتوى، مؤكدةً على أهمية استعادة المقال اليومي أو الأسبوعي لمكانته الأساسية.