بعد فوز دونالد ترامب بالانتخابات الأمريكية، واقتراب وصوله إلى البيت الأبيض مع بداية العام الجديد، ارتفعت وتيرة الارتباك في حلف شمال الأطلسى الناتو، وتحديدًا المخاوف من خفض المساعدات العسكرية الموجهة إلى أوكرانيا، وتنفيذ تهديداته بالانسحاب من الحلف.
ولم يتردد ترامب في انتقاد التحالف أثناء حملاته الانتخابية، في تصريحات أدانتها إدارة الرئيس جو بايدن ووصفتها بأنها "مروعة وغير متوازنة"، حيث بدا وكأنه أعطى الضوء الأخضر لهجمات روسية على دول في حلف شمال الأطلسي، قال إنها لا تساهم بأموال كافية للتحالف .
وتعهد ترامب أيضًا بإنهاء المساعدات العسكرية لأوكرانيا قبل فرز الأصوات في جميع أنحاء الولايات المتحدة، وتعتمد كييف بشكل كبير على حلفائها في الأسلحة والمعدات، وسوف يتطلب الأمر جهودا ضخمة من أوروبا لتعويض العجز الذي ستتركه الولايات المتحدة إذا تبخرت مساعدات واشنطن.
ويطلب من كل عضو في حلف شمال الأطلسي تخصيص 2% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد للدفاع، ولسنوات، لم تتمكن العديد من الدول من تحقيق هذه الأمر، ومن المرجح أن تصل نحو ثلثي الدول إلى 2% بحلول نهاية العام 2024.
ويتكهن المسؤولين والخبراء، بأن ترامب قد يخبر الدول الأوروبية بشكل لا لبس فيه بأن الإنفاق الدفاعي لابد أن يرتفع وأن يعطي الدفعة الأخيرة التي ما زال بعض الساسة في حاجة إليها.
وقال الرئيس التشيكي بيتر بافيل، إن الدول الأوروبية ستضطر دائما إلى بذل المزيد من الجهود لتعزيز دفاعاتها، ولكن مع الرئيس ترامب، ربما يتعين علينا القيام بذلك بشكل أسرع.
وأضاف أنه سيكون هناك نهج أكثر عملية لتشكيل كيفية تفاعل دول حلف شمال الأطلسي الأوروبية مع الزعيم الأميركي الجديد اعتبارا من يناير2025.
من جانبه قال وزير الدفاع الإستوني: أعتقد أن ترامب لا يريد أن يكون على الجانب الخاسر، حيث قال ترامب مرارا وتكرارا إنه سيوقف الحرب في أوكرانيا في غضون 24 ساعة إذا أعيد تعيينه في البيت الأبيض، ولم يكشف عن الكيفية التي يأمل بها في إنهاء أكبر حرب برية في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.
ويعتقد المسئولون، أن ترامب سيتوصل إلى نوع من الاتفاق مع بوتن، الذي أشاد الرئيس المنتخب بـ علاقته الجيدة للغاية معه.
وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف للصحفيين بعد فوز ترامب في الانتخابات: دعونا ننتظر ونرى ما سيحدث في يناير.
فيما هنأ الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي دونالد ترامب، وقال إنه يقدر التزام ترامب بـ "السلام من خلال القوة"، وقال زيلينسكي في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي: أتذكر اجتماعنا الرائع مع الرئيس ترامب في سبتمبر، عندما ناقشنا بالتفصيل العلاقات بين أوكرانيا والولايات المتحدة. الشراكة الاستراتيجية وخطة النصر وسبل وضع حد للعدوان الروسي على أوكرانيا.
كما بدأ قادة الحلف الأطلسى التودد إلى ترامب من أجل علاقات جديدة ناجحة، حيث سارع الأمين العام لحلف شمال الأطلسى، مارك روته، بتهنئة المرشح الجمهوري ترامب، بفوزه في الانتخابات الرئاسية الأمريكية.
وقال روته عبر حسابه على منصة "إكس": لقد هنأت للتو دونالد ترامب على انتخابه رئيسًا للولايات المتحدة الأمريكية .
وأضاف روته أن قيادة ترامب ستكون عنصرًا أساسيًا في تعزيز قوة الحلف مرة أخرى ، مشيرًا إلى أنه يتطلع للعمل معه مجددًا من خلال الناتو لتعزيز السلام .
وأكد المسؤول الهولندي، الذي تولى قيادة الحلف الشهر الماضي، أن التعاون المشترك داخل حلف شمال الأطلسي سيلعب دورًا مهمًا في ردع الاعتداءات، وتعزيز أمننا الجماعي، ودعم اقتصاداتنا.
كما تناول روته مسألة تحسين توزيع عبء النفقات العسكرية بين الدول الأعضاء، وهي قضية كانت قد أثارت توترًا بين واشنطن والدول الأوروبية خلال ولاية ترامب السابقة.
وأشار إلى أن ثلثي الحلفاء حاليا يخصصون ما لا يقل عن 2% من ناتجهم المحلي الإجمالي للنفقات الدفاعية، مع اتجاه هذه النفقات نحو الزيادة في جميع أنحاء الحلف".
وأضاف روته أنه عندما يتولى الرئيس المنتخب ترامب منصبه في 20 يناير المقبل، سيستقبل حلفًا أقوى، وأكثر اتساعًا، وأشد وحدة.
فيما كشفت صحيفة "بوليتيكو" عن ثغرات قانونية قد تمكن الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب من الانسحاب من حلف شمال الأطلسي (ناتو)، متجاوزًا بذلك القيود التشريعية التي وضعها الكونجرس العام الماضي ، والذي يشترط موافقة ثلثي أعضاء مجلس الشيوخ أو إقرار قانون من الكونجرس للانسحاب من الناتو.
وأوضح خبراء قانونيون أن هذا القانون، الذي قدمه السيناتوران تيم كين وماركو روبيو، يعاني من ثغرات دستورية قد تسمح للرئيس المنتخب بتجاوزه.
وكشفت الصحيفة عن سابقة خطيرة في التعامل مع القيود التشريعية على الانسحاب من المعاهدات الدولية، إذ في عام 2020، تجاهلت إدارة ترامب المتطلبات القانونية عندما قررت الانسحاب من معاهدة "الأجواء المفتوحة".
واستندت الإدارة في ذلك إلى رأي قانوني صادر عن مكتب المستشار القانوني في وزارة العدل، بقيادة ستيفن إنجل، الذي أكد أن سلطة الرئيس في الانسحاب من المعاهدات تنبع من دوره الدستوري باعتباره الجهاز الوحيد للأمة في علاقاتها الخارجية .
ومنح هذا الرأي القانوني الرئيس سلطة تقديرية واسعة في إدارة الشؤون الخارجية وتنفيذ المعاهدات أو إنهائها دون قيود من الكونجرس على القرارات الدبلوماسية.
وأشار التقرير إلى تحديات عملية هائلة تتعلق بمصير أكثر من 100 ألف جندي أمريكي متمركزين في أوروبا، وهو عدد شهد زيادة بنسبة 20% منذ بدء الحرب الروسية الأوكرانية قبل عامين، كما سيؤثر أي انسحاب على القيادة العسكرية للناتو، التي ظلت تحت قيادة جنرال أمريكي منذ تأسيسها على يد الجنرال دوايت أيزنهاور في عام 1949.
ورغم عدم إعلانه صراحة نية الانسحاب من التحالف، إلا أن تصريحات ترامب الأخيرة تثير قلقًا متزايدًا، إذ نقلت الصحيفة عن الرئيس المنتخب قوله في تجمع انتخابي مؤخرًا إنه سيشجع روسيا على "فعل ما تريد" مع حلفاء الناتو الذين لا ينفقون ما يكفي على الدفاع.
وكشفت "بوليتيكو" تفاصيل اجتماع سابق جمع ترامب برئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين عام 2020، أبلغها صراحة أن الولايات المتحدة لن تدافع عن أوروبا في حال تعرضها لهجوم.
وتفاخر ترامب لاحقًا بأن هذه التهديدات دفعت دول الناتو إلى إنفاق "مليارات وملياراتٍ" من الدولارات على دفاعاتها.
ومع ذلك، يبقى موقف الكونجرس حاسمًا، إذ أكد السيناتور كريس فان هولين، عضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، أن المشرعين سيواصلون العمل على تعزيز الناتو ومواجهة أي محاولات لإضعاف التحالف.