خلافات عميقة حول السياسة الاقتصادية في ألمانيا، بعد انهيار الائتلاف الحكومي الذي شكله في البداية كل من الحزب الاشتراكي الديمقراطي بزعامة أولاف شولتس وحزب الخضر والليبراليين، الأربعاء الماضي، حيث تصاعدت الضغوط على المستشار لتنظيم انتخابات سريعة، ليعرب المستشار اليوم، عن استعداده لطلب التصويت على الثقة في حكومته هذا العام لتمهيد الطريق أمام إجراء انتخابات مبكرة.
وقال شولتس الذي انهار ائتلافه الحكومي ، في مقابلة تلفزيونية: بالنسبة إلي لن تكون هناك مشكلة لطلب التصويت على الثقة في البرلمان قبل عيد الميلاد، في حال وافقت الأحزاب الرئيسية، بعد أن كان قد تحدث في وقت سابق عن تصويت في منتصف يناير وانتخابات في أواخر مارس.
ووفقًا لوكالة الصحافة الفرنسية قال شولتس: أريد أن يحدث ذلك سريعاً، ألمانيا تحتاج إلى حكومة جديدة ذات شرعية ديمقراطية في أقرب وقت.
وبعد التصويت على الثقة الذي من المتوقع أن يخسره شولتس، لأنه لم تعد لديه غالبية كافية في البرلمان، سيكون أمام الرئيس فرانك فالتر شتاينماير 21 يوماً لحل البوندستاج (البرلمان) وسيتعين إجراء انتخابات جديدة في غضون 60 يوماً.
وتأتى هذه الانهيارات السياسية، في وقت يواجه فيه الاقتصاد الأكبر في أوروبا، الكثير من التحديات وهو يقف على حافة الركود ويخشى عواقب عودة دونالد ترمب إلى قيادة الولايات المتحدة.
وفى استطلاع رأى قامت به صحيفة بيلد أم زونتاغ الألمانية، ومعهد إنسان، فلا يزال المحافظون هم القوة السياسية الأكبر بنسبة 32% دون تغيير، يليهم حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف بنسبة 19%.
ويأتي بعدهما الحزب الاشتراكي الديمقراطي بزعامة شولتس بنسبة 15% ، أما فيما يتعلق بالعضوين الآخرين في الائتلاف السابق لشولتس، فقد حصل حزب الخضر على 10%، والليبراليون على 4 %، أي أقل من الـ5 % اللازمة للبقاء في البوندستاج.
و كان المستشار أولاف شولتس، قد أقال وزير المالية كريستيان ليندنر من الحزب الليبرالي بسبب مواقفه المتناقضة في مسألة الميزانية والمسائل الاقتصادية، وهذا الخلاف له بعد قوي في السياسة الخارجية يرتبط مباشرة بالانتخابات الرئاسية الأمريكية، وهذا الخلاف كان يدور بالتحديد وقبل كل شيء حول نية شولتس تحميل ألمانيا المزيد من الديون لدعم أوكرانيا، وذلك بسبب توقعه أن يقوم الرئيس ترامب بخفض المساعدات الأمريكية لأوكرانيا بشكل كبير أو حتى بإيقافها تمامًا، ولذلك فقد كان شولتس يريد إعلان حالة طوارئ لكي يتمكن من حل مشكلة تحديد سقف الديون المحدد في الدستور الألماني، ولكن ليندنر رفض المشاركة.
ويبدو أن الوضع الدولي بات مضطربًا أكثر مما كان عليه منذ فترة طويلة، ففي الولايات المتحدة الأمريكية تم انتخاب دونالد ترامب، الذي لا يمكن التنبؤ بتصرفاته، ولكنه سيتولى منصبه بداية في يناير 2025، وفي ألمانيا، التي تعد ثالث أكبر اقتصاد في العالم وأهم دولة في الاتحاد الأوروبي، انهارت الحكومة، وفي فرنسا، الشريك الأقرب لألمانيا، أصبح الرئيس إيمانويل ماكرون يعاني من ضعف شديد على مستوى السياسة الداخلية وباتت البلاد تعاني من استقطاب شديد، وهذا كله في ظل الحرب الأوكرانية والصراع في الشرق الأوسط وتوغل الصين.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة