"فقدت مصر أحد رجالها المعدودين، فى ظروف دقيقة تحتاج فيها لحكمة الحكماء وخبرتهم وصفاء أذهانهم" هكذا جاء نعي الأزهر الشريف لقداسة البابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية الـ 117 حيث يعتبر من أكثر باباوات الكنيسة تأثيراً في جموع الأقباط.
وتحتفل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية اليوم الخميس، بذكرى تجليس قداسته بطريرك الـ 53 فى تاريخ الكنيسة على كرسي البابوية فى الكاتدرائية المرقسية الكبرى 1971 ليصبح البابا رقم 117 فى تاريخ البطاركة.
ميلاده وتعليمه
وولد البابا شنودة الثالث يوم 3 أغسـطس 1923 م بقرية سـلام بمحافظة أسـيوط ، واسمه بالميلاد : نظير جيـد روفائيـل، واجتاز مراحله التعليمية الأولى فى دمنهور والاسكندرية وأسيوط وبنها، وأتم دراسته الثانوية بمدرسة الإيمان الثانوية بجزيرة بدران بشبرا مصر ، وفى سنة 1939م بدأ خدمته فى مدارس التربية الكنسية بكنيسة العذراء بمهمشة بالقاهرة، وفى سنة 1946م بدأ خدمته بكنيسة القديس الأنبا أنطونيوس بشيكولانى بشبرا مصر، وفى سنة 1947م حصل على ليسـانس الآداب قسـم التـاريخ من كـلية الآداب بجامعـة فـؤاد الأول (جامعة القاهرة حاليا)، وفى نفس السنة (1947م) تخرج من كلية الضباط الاحتياط، وفي سنة 1946م التحق بالكلية الاكليريكية وتخرج بها سنة 1949م ، وعمل فى مجال التدريس، وفى سنة 1949م تكرس للخدمة وللتدريس بالاكليريكية.
رئيس تحرير
وتولى قداسة البابا شنودة الثالث رئاسة تحرير مجلة مدارس الأحد (فى أكتوبر 1949م) وحتى رهبنته (فى يوليو1954م)، وفى سنة 1952م أختير رئيساً لمجلس إدارة بيت مدارس الأحد، ثم استقال منه ليتفرغ للأكليريكية وللخدمة، فى سنة 1953م قام بالتدريس فى مدرسة الرهبان بحلوان، وفى 18 يوليو 1954م ترهب بدير السيدة العذراء (السريان) بوادى النطرون بأسم: الراهب أنطونيـوس السـريانى، وصار أمينا لمكتبة دير السريان ، وبدأ حياة الوحدة فى فبراير 1956م، تمت رسامته قساً يوم الأحد 31 أغسطس 1958م بيد الأنبا ثاؤفيلس أسقف الدير وقتذاك ، وفى يونيو 1959م اختاره البابا كيرلس السادس ليكون سكرتيراً له. وفى30 سبتمبر 1962م تمت سيامته أسقفاً للتعليم بأسم الأنبا شـنودة. وأسس أجتماعات روحية للوعظ والتعليم بمنطقة دير الأنبا رويس بالعباسية.
وفى يناير 1965م أصدر العدد الأول من مجلة "الكرازة" ، وفى سنة 1966م أصبح عضواً بنقابة الصحفيين، وبعد رحيل البابا كيرلس السادس يوم 9 مارس 1971م ، تم ترشيحه للجلوس على الكرسى البابوى، وكان ضمن الثلاثة الذين أختيروا بالانتخاب يوم 26 أكتوبر 1971م . وفى يوم الأحد 31 أكتوبر 1971م تم اختياره بالقرعة الهيكلية، وفى يوم الأحد 14 نوفمبر 1971م تم تتويجه وتجليسه على الكرسى البابوى، وفى فبراير 1991م أختير رئيساً لمجلس الكنائس العالمى عن الأرثوذكس الشرقيين والشرق الأوسط ، وفى 8 نوفمبر 1994م أختير رئيساً لمجلس كنائس الشرق الأوسط عن عائلة الكنائس الأرثوذكسية الشرقية وتجدد أنتخابه لمرة ثانية سنة 1998م ، ولمرة ثالثة 2003م.
زياراته الرعوية
قام قداسة البابا شنودة الثالث بعـدد 104 رحلة خارج مصر لأهداف رعوية ومسكونية للعديد من الدول فى قارات أفريقيا وآسيا وأوروبا وأمريكا الشمالية وأمريكا اللاتينية وأستراليا، وقام برسامة أول بطريرك لإريتريا وهو الأب فيلبس الأول 1998م، كما قام برسامة الأب أنطونيوس الأول بطريركاً لإريتريا 2004م . وقام برسامة 117 مطراناً وأسقفاً وخور ايبسكوبوس، وكذلك رسامة 1001 كاهن للقاهرة والاسكندرية وبلاد المهجر، وقام بعمل الـميرون المقـدس 7 مـرات، وفى سنة 1973م أحضر إلى مصر رفات القديس أثناسيوس الرسولى، وصدرت فى عهده بعض اللوائح ، منها : لائحة المجمع المقدس (1985م)، ولائحة المكرسات (1991م) . وفى 25 مايو 1980م أسس أسقفية لخدمة الشباب، وفى 1976م تأسست أسقفية عامة لشئون أفريقيا, وفى1995م تأسست أسقفية للكرازة، وأسس معهد الرعاية والتربية 1974م، ومعهد الكتاب المقدس 1974م، وفي عهده تم إنشاء المقر البابوي بمنطقة الأنبا رويس بالعباسية، وتأسست فى عهده مراكز ومؤسسات علمية وثقافية، منها: المركز الثقافى القبطى الأرثوذكسى (2008م)، ومركز البابا شنودة للتنظيم وتكنولوجيا المعلومات (15 نوفمبر 2000م)، ومؤسسة مار مرقس لدراسات التاريخ القبطى (1998م)، وأنطلقت فى عهده قنوات فضائية قبطية : قناة آجابى (2005م)، وقناة سى تى فى (ctv) (2007م)، وقناة لوجوس (2010م)، وقناة مار مرقس (مى سات) (2011م) .
تأسيس إيبارشيات
وأسس قداسة البابا شنودة الثالث إيبارشيات جديدة بمصر وبلاد المهجر ، وقام قداسته بإفتقاد إيبارشيات مصر والخارج عدة مرات، وكذلك افتقاد كنائس مصر وبلاد المهجر، وأفتقاد الأديرة داخل مصر وخارجها، والعديد من الاتفاقيات المسكونية ، والمؤتمرات واللقاءات والحوارات اللاهوتية والمسكونية. وكانت له مواقف وطنية كثيرة منها : مساندة القضية الفلسطينية ، وقضية القدس، ومساندة الوطن خلال حرب 6 أكتوبر 1973م، وبلغ عدد مؤلفاته حوالى 150 كتاباً، وتشمل العديد من المجالات الروحية واللاهوتية والعقائدية وغيرها ، وتمت ترجمة العديد من مؤلفاته إلى لغات متعددة . كما كانت له مقالات : بمجلة الكرازة ، وجريدة وطنى ، وجريدة الأهرام وجريدة الجمهورية وجريدة أخبار اليوم، ومقالات أخرى بمجلة الهلال، وله حوالى 20 قصيدة روحية إلى جـانب العديد من أبيـات الشعر.ورحل البابا شنودة الثالث يوم 8 برمهات 1827 ش الموافق 17 مارس 2012م ودفن جسده يوم 20 مارس 2012م بمقبرة خاصة بدير القديس الأنبا بيشوى بناء على وصيته، وقد جلس على الكرسى البطريركي لمدة 40 سنة و4 أشهر و4 أيام وبهذا يعتبر سابع البابوات من حيث طول مدة الجلوس على الكرسى المرقسى .. وعاش 88 سنة و7 أشهر و14 يوم .. واشتهر بمواقفه الوطنية .. ومن أشهر عبارته : “مصر ليست وطناً نعيش فيه ، بل مصر وطن يعيش فينا ”
نعى تاريخى من الأزهر الشريف
وجاء النعى التاريخى من الأزهر الشريف لقداسة البابا شنودة الثالث "فقدت مصر أحد رجالها المعدودين، فى ظروف دقيقة تحتاج فيها لحكمة الحكماء وخبرتهم وصفاء أذهانهم، ولم يكن لفقيد مصر مواقفه الوطنية وشخصيته الخيرية وسعيه الدؤوب على المستوى الوطنى فحسب، بل على الصعيد القومى، حيث عاشت قضية القدس ومشكلة فلسطين فى ضميره، ولم تغب أو تهُن أبدا، فقد بذل قصارى جهده من أجل الدفاع عنهما"، بتلك الكلمات الخالدة جاء نعى فضيلة الإمام الأكبر أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف لقداسة البابا شنودة الثالث يوم 17 مارس من عام 2012.