عقوبات لم تؤتي ثمارها ، وأزمة عابرة للخرائط والمحيطات والسبب: استفزاز أوكراني لروسيا ، دعمته إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، وقدمت في سبيله وعود، وحشدت علي هامشه دعماً أوروبياً، لم يؤتي حتي كتابة هذه السطور مع اقتراب الذكرى الثالثة لتلك الحرب، فلم تؤتي العقوبات الأمريكية ـ الغربية على روسيا ثمارها، بل كان لتلك العقوبات آثاراً اقتصادية طاحنة على الدول الأوروبية واقتصاد الولايات المتحدة الأمريكية.
الاستفزازات الأوكرانية التي قابلتها روسيا بتحرك عسكري في الشرق الأوكراني، تحت مظلة حماية المصالح وحفظ الأمن القومي بعد ظهور نوايا أمريكية غربية في ضم كييف إلى عضوية حلف الناتو ، فرضت قبل قرابة 3 أعوام واقعاً عسكريا واقتصاديا امتدت أثاره لتقود موجة تضخم عالمية وعرقلة لسلاسل الامدادات حول العالم ، وكبدت الاقتصاد الأمريكي ما يقرب من 140 مليار دولار ، من بينهم 106 مليارات مساعدات رسمية معلنة قدمتها واشنطن لنظام الرئيس الأوكراني فولديمير زييلنسكي ، دون أن ينجح حتي الآن في صد الهجوم الروسي.
وأمام اتساع دوائر القتال ، لجأت واشنطن لسلاح العقوبات الاقتصادية ، وقادت الدول الأوروبية في تلك المعركة لتتوالي حزم العقوبات الغربية ضد روسيا بشكل متصاعد ، كان آخرها ما أعلنته إدارة بايدن نهاية أكتوبر الماضي، بإدراج 400 كيان وفرد، بما في ذلك 120 لعقوبات وزارة الخارجية، و270 من وزارة الخزانة، و40 من وزارة التجارة، تتضمن كيانات وأفرادا في الصين والهند وماليزيا وتايلاند وتركيا، بجانب العديد من كبار المسؤولين في وزارة الدفاع الروسية، الذين تم تعيينهم في وقت سابق من هذا العام، وكذلك القاعدة الصناعية العسكرية الروسية.
خسائر مفتوحة وأهداف غير محققة .. هذا ما جنته إدارة بايدن من حرب أوكرانيا
وعمدت إدارة بايدن التي تستعد لمغادرة البيت الأبيض في غضون أقل من 3 أشهر علي تقديم دعم سخي للحليف الأوكراني ، ما يعقد من عملية رصد أرقام دقيقة لهذا الدعم، إلا أن مجلة "Responsible statecraft" الأمريكية رصدت في تقرير لها مع حلول ذكري الحرب ـ أي قبل قرابة 9 أشهر من الانتخابات الأمريكية الأخيرة ـ تفاصيل المساعدات الأمريكية لأوكرانية ، موضحة أنها تقدر بما مجموعه 113 مليار دولار في ذلك الحين، شملت مساعدات عسكرية، ومساعدات للحفاظ على عمل حكومة كييف، ومساعدات اقتصادية، وذهبت نحو 5 مليارات دولار، لإعادة تسليح الحلفاء، ونحو 15 مليارات دولار أخرى لتوسيع العمليات العسكرية الأمريكية في الدول الأوروبية.
ويري متابعين للشأن الأمريكي أن الحرب الأوكرانية كانت أحد أبرز نقاط الضعف في إدارة جو بايدن، وكانت سبباً رئيسياً في فوز الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب علي منافسته ، نائبة الرئيس كامالا هاريس ، حيث فشلت الإدارة الأمريكية من إرغام روسيا على وقف القتال بعدما أثبتت العقوبات الأمريكية ـ الأوروبية فشلها في عرقلة موسكو، وبعدما ارتدت تلك العقوبات بأزمات كبري داخل أوروبا ، تتعلق بإمدادات الغاز وأزمات الطاقة شبه المتكررة كل شتاء، وعلي الاقتصاد الأمريكي الذي عاني كذلك من تلك الأثار، ففي إبريل 2022 سجلت الولايات المتحدة أعلي معدل تضخم في تاريخها منذ 40 عاماً، حيث ارتفعت أسعار السلع بنسبة قاربت 9%، ومنذ ذلك الحين ، وحتي الأيام القليلة الماضية توالت مؤشرات الاقتصاد الأمريكي ما بين صعود وهبوط، وكان آخرها ما أكدته وزارة العمل الأمريكية من ارتفاع أسعار السلع 0.2% خلال أكتوبر الماضي علي أساس شهري.
ارتفعت أسعار المستهلكين في الولايات المتحدة مثلما هو متوقع في أكتوبر ، وتباطأ التقدم نحو انخفاض التضخم منذ منتصف العام، وهو ما قد يدفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي إلى خفض أسعار الفائدة بوتيرة أقل في 2025.
وقالت وزارة العمل الأمريكية، الأربعاء، إن مؤشر أسعار المستهلك ارتفع 0.2% للشهر الرابع على التوالي. وخلال الاثني عشر شهرا حتى أكتوبر ، ارتفع المؤشر 2.6% بعد ارتفاعه 2.4% في سبتمبر، وهي أرقام تعكس تراجع قدرات الاقتصاد الأمريكي على التعافي.
أما عن مؤشر أسعار المستهلكين الأساسي -الذي يستبعد الغذاء والطاقة- فارتفع 3.3% على أساس سنوي، مستقرًا عند قراءة سبتمبر السنوية، وصعد بنسبة 0.3% على أساس شهري.
فض الاشتباك .. ماذا يدور في عقل ترامب ؟
وفى الوقت الذي تتوالي فيه العمليات العسكرية ، أثار فوز ترامب حالة من الارتباك في دوائر صنع القرار الأوروبي وداخل كييف بطبيعة الحال، فالرئيس الأمريكي المنتخب لم يخفي نوايا تجاه تلك الحرب خلال حملته الانتخابية، وألمح في مناسبات عدة إلى اعتقاده أن أوكرانيا هي الطرف المتسبب في اندلاع الحرب مع روسيا، ودائما ما تباهي بعلاقته التي وصفها بصداقة قوية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ما أثار غضب دول الناتو. كما أعرب صراحة عن رفضه للكم الهائل من المساعدات التي ترسلها إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى كييف.
وخلال الحملة الانتخابية، لم يقف ترامب بقوة إلى جانب أوكرانيا ورفض مرتين أن يقول، أثناء مناظرته مع هاريس، ما إذا كان يريد أن تفوز في حربها مع روسيا.
وقالت شبكة ايه بي سي الأمريكية أن ولاية ترامب الثانية قد تعني استعدادًا أكبر من جانب الولايات المتحدة لإبرام صفقة مع روسيا بدلاً من اتباع نهج صارم لوقف توسعها في أوروبا، كما اقترح أن تدفع أوروبا المزيد في دعم أوكرانيا، قائلاً إنها ستستفيد أكثر بكثير من الولايات المتحدة.
ووفقا لصحيفة ذا هيل، يخشى المنتقدون لسياسات ترامب من أن أي اتفاق لإنهاء الحرب على الفور من المرجح أن ينطوي على التنازل عن الأراضي لروسيا وإغلاق الباب أمام انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي.
وسبق أن تعهد ترامب بإنهاء الحرب الأوكرانية في غضون 24 ساعة من دخوله البيت الأبيض، وقال إن تلك الحرب ما كان لها أن تندلع لو كان رئيساً للولايات المتحدة في ذلك الحين، وهو ما دفع مقربون إلى التأكيد على أن أحد أبرز أسلحة ترامب لحسم هذا الملف، هو صداقته مع نظيره الروسي.
وفور لقاء ترامب مع الرئيس المنتهية ولايته جو بايدن مساء الأربعاء ، قال البيت الأبيض إن الأخير أكد للرئيس المنتخب تعهداته بأن يكون انتقال السلطة "سلسا" ، ونقل إليه ضرورة أن يستمر الدعم الأمريكي لأوكرانيا، وهو البيان الذي اعقبه نباءً حصرياً لشبكة فوكس نيوز المعروفة بدعمها لسياسات ترامب، بأن الأخير يعتزم تعيين مبعوثاً أمريكا للسلام في أوكرانيا ، دون الكشف عن المزيد من التفاصيل.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة