على مر التاريخ، كانت الحضارات بمثابة شهادة على المرونة والاستراتيجية والقدرة على التحمل لدى المهاجمين والمدافعين على حد سواء، وأصبحت المدن والحصون مراكز لبعض من أكثر المساعي العسكرية إثارة وغير عادية.
ولم يصبح الدهاء العسكري للغزاة مجرد مادة للكتب المدرسية للتاريخ فحسب، بل أدت أيضاً إلى ظهور الكثير من الأساطير والخرافات، فمن العالم القديم إلى العصور الوسطى وما بعدها، كانت الحصارات تحدد مسار الحضارات وتلعب دوراً رئيسياً في مد وجزر القوة، ومن بين هذه الحصارات، حصار سبتة.
يعتبر حصار سبتة، الذي استمر من عام 1694 إلى عام 1727، الأطول على الإطلاق في التاريخ المسجل، كان الصراع، الذي بدأ بتحريض من السلطان المغربي إسماعيل بن شريف، صراعًا طويل الأمد للسيطرة على المدينة المحصنة التي تسيطر عليها إسبانيا على ساحل شمال إفريقيا.
وفي عام 1720، توقف الحصار لبضعة أشهر فقط ثم استؤنف مرة أخرى، وبعد أن أصابه الإرهاق والضعف، صمدت سبتة لعدة سنوات أخرى من النضال حتى جاءت وفاة إسماعيل بن شريف في عام 1727 لتمنح المدينة الراحة أخيرًا، وبعد وفاته، بدأ أبناؤه حربًا على العرش، وانتهى الحصار.
كانت إحدى النتائج الأكثر وضوحًا للحصار هي إضفاء الطابع الأسباني على المدينة، حيث كانت اللغة البرتغالية هي اللغة الرئيسية لفترة طويلة حتى أوائل القرن الثامن عشر.