وصفت المديرة التنفيذية لمكتب الأمم المتحدة المعنى بالمخدرات والجريمة الدكتورة غادة والى، مؤتمر الأطراف فى اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ Cop29 بأنه فرصة حاسمة لدمج استجابات نظام العدالة فى أجندة المناخ وتمويل المناخ.
وفى مقال نشرته وكالة أنباء "أذرتاج" الأذرية، قالت غادة والي "لقد اجتمع العالم في باكو لحضور مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ (Cop29) بحضور عشرات الآلاف من ممثلي الحكومات وغيرهم من المشاركين الذين يسعون إلى الاتفاق على حلول جريئة لتعزيز العمل المناخي".
وأضافت "ومع ذلك هناك مجموعة من الجهات الفاعلة التي تلوث الكوكب وتستفيد من إزالة الغابات وفقدان التنوع البيولوجي والتي لن تكون مسؤولة عن تنفيذ الالتزامات والاتفاقيات لإنقاذ كوكبنا".
وأشارت إلى أن جماعات الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية في كل منطقة من مناطق العالم تشارك في أنشطة غير قانونية لها عواقب مدمرة على البيئة، وحذرت من أن عدم دمج استجابات قوية من نظام العدالة الجنائية في جهود مكافحة تغير المناخ سيمكن الاستغلال الإجرامي للطبيعة من الاستمرار في تقويض تلك الجهود.
وتابع المقال "إن الجرائم التي تؤثر على البيئة تعد صناعة غير مشروعة منخفضة المخاطر وعالية الربح، وهي تؤدي إلى تفاقم فقدان التنوع البيولوجي وتغير المناخ من خلال تدمير أحواض الكربون الطبيعية وتغيير النظم البيئية، فقطع الأشجار غير القانوني والاتجار بالأخشاب يسهمان في إزالة الغابات، ما يولد مليارات الدولارات من الأرباح غير المشروعة في حين يخنق رئات كوكبنا".
ولفتت المسؤولة الأممية إلى أن جرائم الحياة البرية تستهدف الأنواع النادرة والمهددة بالانقراض من النباتات والحيوانات وتهريبها عبر الحدود، ما يخل بتوازن الطبيعة، فالصيادين الذين يستخدمون السيانيد والديناميت لصيد الأسماك قد يتسببون في قتل الشعاب المرجانية التي توفر البيئة التي يعيش فيها نحو 32% من جميع الأنواع البحرية.
وقد وجد تقرير جرائم الحياة البرية العالمية لعام 2024 الصادر عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة أن نحو 4 آلاف نوع من النباتات والحيوانات يتم تداولها بشكل غير قانوني في حوالي 162 دولة، وأكثر من 80% من هذه الأنواع مدرجة في معاهدة التجارة العالمية لأصناف الحيوانات والنباتات البرية المهددة بالانقراض.
بالإضافة إلى ذلك فإن الاتجار بالنفايات والتخلص منها بشكل غير قانوني يلقيان بقمامة الدول الغنية في الدول النامية، في حين أن أنشطة مثل التعدين غير المنظم تتخلص أيضا من المواد الكيميائية السامة في التربة والمياه.
ونوهت في مقالها بأن الجريمة المنظمة قد لا تكون التهديد الأكبر للعمل المناخي، ولكن الشبكات الإجرامية تعمل على تقويض حلول أزمة المناخ، ومع تضافر جهود العالم لمقاومة تغير المناخ، فإن هذه المؤسسات الإجرامية تدفع في الاتجاه المعاكس وتلحق الضرر بالمجتمعات، وقالت "نرى مثالا واضحا على ذلك في حوض الأمازون حيث تقوم عصابات الإتجار بالمخدرات بتنويع أنشطتها لتشمل الجرائم التي تؤثر على البيئة، وإعادة استثمار عائدات المخدرات في الأنشطة القانونية وغير القانونية التي تسهم في زيادة إزالة الغابات".
وتابعت "وبالمثل في جنوب شرق آسيا تقوم عصابات الجريمة المنظمة بتهريب الحياة البرية والأنواع المهددة بالانقراض، إلى جانب أنشطة غير مشروعة أخرى مثل الاتجار بالمخدرات والاحتيال عبر الإنترنت، وفي هذه المناطق كما هو الحال في العديد من المناطق الأخرى، تعمل الجريمة المنظمة على تهجير المجتمعات المحلية والأصلية وتهدد سبل عيشهم، كما أنها تعرضهم لخطر أكبر من الاتجار بالبشر والاستغلال وتجبرهم على العمل في مناجم خطيرة وعمليات قطع الأشجار".
وأكدت غادة والي أنه حان الوقت للتعامل مع الجرائم التي تؤثر على البيئة بجدية أكبر ومعاملتها كجزء لا يتجزأ من أجندة المناخ.
وأشادت بالتزام أذربيجان القوي مع انطلاق مؤتمر (Cop29) من خلال نداء باكو للعمل على حشد إنفاذ القانون لتعزيز العمل المناخي، والذي يتم تقديمه في المؤتمر، وقالت "إن نداء باكو للعمل هو خطوة حاسمة إلى الأمام، بناء على المؤتمر الذي أطلق خلاله مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة مبادرة مشتركة مع الدولة المضيفة الإمارات لتعزيز الجهود التي يبذلها مجتمع إنفاذ القانون العالمي في سياق تغير المناخ".
وذكرت أن مؤتمر (Cop29) يقدم فرصة حقيقية للدفع نحو استجابات عدالة أقوى لحماية كوكبنا وجهودنا المناخية، وقالت "إنه فرصة للدعوة إلى قوانين قوية تنص على عقوبات صارمة للجرائم التي تؤثر على البيئة وقدرات إنفاذ القانون الأقوى للكشف عن هذه الجرائم والتحقيق فيها ومكافحتها، وتحقيقات مالية أكثر فعالية لتتبع الأموال وتفكيك الشبكات الإجرامية المتورطة، وتحسين التعاون الدولي لملاحقة العدالة عبر الحدود".
وأوضحت أن وقف الاستغلال الإجرامي لكوكبنا يتطلب تدابير قوية لمكافحة الفساد للقضاء على الاحتيال والرشوة التي تمكن الأنشطة الإجرامية، وحماية تمويل المناخ، وبينما تستعد الدول لمساهماتها الوطنية المحددة يمكن للمؤتمر أن يؤكد الحاجة الملحة إلى دمج استجابات العدالة لتسريع التقدم نحو تحقيق أهداف المناخ، وثبت في كثير من الأحيان أن التوصل إلى اتفاق بشأن العمل المناخي هو مسعى معقد، ولكن الحاجة إلى وقف الجريمة المنظمة وافتراس الطبيعة أحد الجوانب التي يمكن لكل مشارك في قمة المناخ أن يتفق عليها.
وقالت "إنه مع احتفال العالم بأول يوم دولي على الإطلاق لمنع ومكافحة جميع أشكال الجريمة المنظمة العابرة للحدود هذا الشهر، فهذه هي اللحظة المناسبة لنتطلع إلى العمل معا من أجل هذه القضية الحاسمة"، معربة عن فخر مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة بالتواجد في باكو في مؤتمر (Cop29) لبناء الجسور والشراكات لحماية أجندة المناخ وتمويل المناخ من التهديدات الإجرامية، مؤكدة "يمكننا اتخاذ إجراءات مشتركة ضد الجريمة المنظمة العابرة للحدود مع إنقاذ الأرواح وحماية المجتمعات وحماية كوكبنا".
ويصادف يوم 15 نوفمبر 2024 اليوم الدولي الأول على الإطلاق لمنع ومكافحة جميع أشكال الجريمة المنظمة العابرة للحدود، والذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة لزيادة الوعي بالتهديدات التي تشكلها جميع أشكال الجريمة المنظمة العابرة للحدود وتعزيز التعاون الدولي.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة