لاشك أن السير ريدلي سكوت، هو أحد أعظم صناع السينما خلال العقود الأخيرة الماضية، فله عشرات الأفلام التي حازت على ترشيحات عدة لجوائز عالمية، فسبق وتم ترشيحه ثلاث مرات لحصد جائزة الأوسكار هما Thelma & Louise وفيلم Gladiator الجزء الأول الذي عرض عام 2000، وBlack Hawk Down الذى عرض عام 2001.
السير ريدلي سكوت الذي يبلغ من العمر 86 عامًا، اشتهر بالدراما التاريخية والفنتازيا والمعارك الضخمة، وكان آخر أعماله هو فيلم Gladiator II الذي عرض منذ أيام قليلة في صالات السينما ومنحه النقاد تقييمات ضخمة رشح من خلالها كل من النجم العالمي دينيزل واشنطن وبول ميسكال لجوائز الأوسكار المقبلة عن أدوارهم في الفيلم.
الفيلم الذي يبلغ مدته 150 دقيقة، تجربة متكالمة من كل شيء، فمنذ البداية وتحضيرات الغز الروماني، وكل شيء وكل تفصيلة وهي على أكمل وجه، فلم يسرح المخرج في إنتاج مئات المراكب والسفن الضخمة في الحرب الأولى واكتفي بعدد تستطيع العين المجردة رؤيته، فهو أسطول ضخم ومتكامل ويعبر عن الشموخ الروماني في ذلك الوقت، ولكنه يتوافق مع عين المشاهد ليضعه داخل الأحداث بشكل سريع، وتنتقل المشاهد من واحدة تلو الأخرى بدون أى ملل، مع إضافة موسيقي تناغمية مع الأحداث في كل دقيقة، واهتمام بالغ بالتفاصيل العمرانية التي شكلت صورة الحضارة الرومانية في ذلك التوقيت.
دينزيل واشنطن
نجح سكوت في خلق روح تنافسية قتالية بين الممثلين أمام الكاميرات لإخراج أفضل ما لديهم في شخصياتهم داخل الفيلم، وكان اختيار الممثل المتمكن والحائز على الأوسكار مرتين دينزيل واشنطن لدور "ماكرينوس" كان الاختيار الأقوى بدون منازع، فهو الشخصية التي جاءت من الأسفل بفكرها وخطواتها الاستباقية تجاه الآخرين، فهي شخصية مركبة للغاية، طموحها لا ينتهي حتى بسقوط الأمبراطور الروماني، ولعل الترابط الذي جمع سكوت وواشنطن طول سنوات عمل سويًا كان له فضل كبير سويًا لتلاقيهم فكريًا وروحيًا في حبكة الفيلم، فسبق وعمل الثنائي في الفيلم الشهير American Gangster الذي لا يزال يحافظ على تصنيفه وسط الكبار.
شجاعة "بيدرو باسكال" منذ المشهد الأول له هي الشجاعة التي ستجعله الأقرب لحصد جائزة الأوسكار يومًا ما، فمنذ الوهلة الأولي له في الظهور يعطي انطباع دائم للمشاهد بأنه القائد الذي اكتسب منصبه بخبرته الطويلة في المعارك، فهو ليس مجرد قائد روماني آخر، فهو أول من يقاتل في الحرب وأول من يدافع عن البلاد وأول من يضحي بحياته من أجل قضيته التي مؤمن بها، وفوق كل ذلك فهو المخلص الفذ للقائد "ماكسيموس ديسيموس ميريديوس".
بيدرو باسكال وبول ميسكال
وأخيرًا وليس آخرًا الممثل الصاعد بسرعة الصاروخ والذي يعتبر من أفضل إضافات سكوت للجزء الثاني من الفيلم، هو الممثل بول ميسكال، صاحب شخصية "لوسيوس" فهو شخصية متضاربة العواطف، فهو يمتلك "الغضب والغيظ" كما وصفه "واشنطن" في الفيلم، فتلك الصفات قادرة على إضعاف مالكها تمامًا وقادرة أيضًا على منحه كل القوة، فهي صفات صعب السيطرة عليها وهو ما نجح في ترويضها بسكال بحرفية شديدة داخل العمل، وبرع بشكل كبير في استدعاء كل منهما وقتما يشاء وهو ما منحه كرسي وسط الكبار في ترشيحات الأوسكار المقبل.
بول ميسكال
فيلم Gladiator II تجربة استمتاع حقيقية للمشاهدين، فهو عمل متميز ومتكامل من كل شيء، إلا شيء واحد فقط، وهو القصة، فلم يضيف السير ريدلي سكوت الكثير إلى أحداث الفيلم عن الجزء الأول، ولم يتم إضافة حوارات قوية سوى التي ظهر فيها واشنطن والنجمة كونى نيلسن، ولعل ما منحه السير للمشاهدين هو تمثيل قوي وعظيم للممثلين وتفاصيل متكاملة للجرافيك والموسيقي والديكور والملابس ومشاهد القتال، ولم ينسَ السير إضافة المشهد الأفضل في تاريخ السينما للكثير من المشاهدين وهى لقطة وصول "ماكسيموس" لمنزله في الجزء الأول وتلامس يده مع محصول القمح والموسيقي التصويرية العظيمة للعمل آنذاك.