قال الدكتور أمحمد صافي المستغانمي، الأمين العام لمجمع اللغة العربية بالشارقة، إن المعجم التاريخي للغة العربية هو مشروع العصر الحديث، وأكبر مشروع أنجزته الأمة العربية، وعلى الرغم من كثرة التجارب التى تمت فى العصور القديمة بداية من عام 1932م عندما أنشأ الملك فؤاد الأول في مصر مجمع اللغة العربية في القاهرة، الذي استضاف العالم اللغوي الألماني أوجست فيشر، المستعرب المحب للغة العربية، الذي خرج بفكرة إنشاء المعجم التاريخي للغة العربية، وبدأ بجمع 150 ديوانًا من دواوين الشعر العربى، بإرادة جبارة، لكن جهوده تبعثرت وتوقف المشروع بسبب الحرب العالمية الثانية.
وأضاف الدكتور المستغانمي، فى تصريحات خاصة لـ "اليوم السابع"، ضمن فعاليات معرض الشارقة الدولى للكتاب بدورته الـ 2024، لقد أنشأت "الجامعة العربية" اتحاد المجامع اللغوية في القاهرة كمظلة ثقافية لغوية حاولت العمل على المعجم، وحاول كبار الشخصيات الثقافية إكماله، لكن الله قضى وقدّر أن يقيّض هذا العمل للشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، رجل الثقافة والعلم والأدب في العصر الحديث، الذي استطاع أن يجمع شتات العرب وجمع شمل المجامع اللغوية على كلمة سواء، وبالفعل قضينا أكثر من 7 سنوات فى التخطيط، وكان العمل الحقيقي استغرق 5 سنوات ونصف صباحا ومساءً مع علماء اللغة، والإضافة التى حدثت عندما تقرأ اللفظ تقرأ شرح المعنى وقائل ذلك البيت أو ذلك الشاغل هل هو من القرآن أم سنة النبى صلى الله عليه وسلم، أم قاله المتنبى أو ورد على لسان أمرو القيس فكل هذا يسند اللفظ إلى قائله فى سياقه الأدبى أو الشعرى أو الإعلامى فى العصر الحديث، فهذا الشئ جميل فأنت تقرأ لغة موثوقة.
كما أشار أمين عام مجمع اللغة العربية بالشارقة، إلى أن المشروع ضمّ فريق عمل يتكون من 780 مشاركاً من المحررين والمدققين والمشرفين والإداريين، من 20 مؤسسة عربية ما بين مجمع لغوي وجامعة ومركز، ليحقق توثيقاً شاملاً من خلال 127 جزءاً تحتوى على 12,141 جذراً و348,406 شواهد من القرآن الكريم والحديث النبوي والشعر والنثر، بمجموع يقدر بحوالي 14 مليون كلمة.
حول كيفية التمكين فى اللغة العربية فى أذهان أبنائنا ونفوسهم، قال نتخذ نظرية التطبيق، فكيف نعود بصناعة الملكة اللغوية عند أبنائنا؟، فالأمر يعود إلى التعليم فهو يحتاج إلى نهضة فى الدول العربية كلها، نحتاج إلى تعليم اللغة العربية عبر قواعد نحوية أو صرفية أو بلاغية فقط إنما نحتاج إلى ما يسمى صناعة الملكة اللغوية، فإذا أردنا ذلك فى العصر الحديث فلابد أن نمر بخمس مراحل، أولها القراءة فأبناء الوطن العربى لا يقرأون، فإذا أصبح الكتاب رفيقًا وجليسًا لطلاب والطالبة فإنهم يتعلمون اللغة العربية، وثانيا الحفظ ويجب أن نكلف الطلاب بالحفظ فإذا لم يحفظ الطالب من أين ينطلق فما المخزون اللغوى الذى ينطلق منه فعلى الطالب أن يحفظ من القرآن والسنة والشعر العربى ما يشاء، وثالثا يأتى العناية بمعلم اللغة العربية فبدون معلم شغوف للغة وماهرًا ويحبب الأبناء بها فلن نستطيع النهضة باللغة العربية، رابعا وهو أهم من كل سبق وهو التدريب فأولادنا يحتاجون أن يفقوا فى المحافل والمنابر وأن نكسر الحاجز ونعلمهم كيف ينطقون، وخامسا لا إبداع بدون تقليد فقلد أمير الشعراء واكتب نص منه وهكذا، وتلك العناصر الخمسة هى أداة عودة أبنائنا إلى اللغة العربية.