كنيسة السيدة العذراء بسخا.. تطوير مسار العائلة جعلها قبلة للسياحة الدينية

تعددت المواقع السياحية والأثرية بمحافظة كفر الشيخ، ومن أهم تلك المواقع الأثرية كنيسة السيدة العذراء مريم بسخا، ومسار العائلة المقدسة، والذي حرصت الدولة على تطويره والاهتمام به.

عراقة حي سخا وارتباطها بالعائلة المقدسة

يعد حي سخا من الأماكن العريقة ، لأنها مسقط رأس ملوك الأسرة 14، ومبنى كنيسة السيدة العذراء مريم، غير مسجل في عداد الآثار ولا يخضع لقانون حماية الاثار، ويوجد بها حجر عليه أثر قدم  السيد المسيح عليه السلام، ويذكر المقريزي أنه في القرن الخامس عشر كانت كنيسة دير المغطس يحج إليها المسيحيين من سائر الأنحاء، ونزلت العائلة المقدسة بمنطقة سخا لمدة 7 أيام، وتحتوي على العديد من الآثار الدينية المهمة أبرزها الحجر الذي انطبعت عليه قدم السيد المسيح وهو طفل خلال إقامة العائلة المقدسة، إلى جانب العديد من المخطوطات التي تم الحفاظ عليها داخل الكنيسة.
 

تاريخ كنيسة السيدة العذراء بسخا

يعود تاريخ موقع الكنيسة إلى القرن الرابع الميلادي، تحت اسم دير المغطس وبنيت الكنيسة في نفس المنطقة التي أقامت فيها العائلة المقدسة وكان بجوار مغطس على روماني وانشأ بعد ذلك دير سمى دير المغطس وظل عامرا بالرهبان ، وتم ترميمها في القرن الحادي عشر بأمر من الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله، وفى القرن السادس عشر الميلادي تهدمت الكنيسة، وظلت متهدمة حتى أمر محمد على باشا بإعادة بنائها عام 1846 ميلادية. وفى عام 1968 أعيد بناء صحن الكنيسة في عهد الرئيس جمال عبد الناصر، وخلال عملية البناء تم العثور على رفات أجساد بعض القديسين منهم القديس البطريرك الأنبا ساويرس الأنطاكي والقديس الأنبا زخارياس أسقف سخا في القرن السابع الميلادي، وفى عام 2008 وقع حريق كبير بالكنيسة، وأعيد بناؤها مرة أخرى.

مشروع تطوير مسار العائلة المقدسة

إن مشروع تطوير مسار العائلة المقدسة، محطة هامة على خريطة السياحة العالمية، وذلك لما يحمله من قيم ومعاني إنسانية للتسامح والسلام والتراث، بالرؤية شملت تطويره وتحسين جودة العمران والطرق المؤدية إليه، ومرحلة التطوير مرت بمراحل وهي " مرحلة التجميل، مرحلة النخيل، مرحلة الاسفلت.

واستغرقت أعمال تطوير المسار 3 أشهر فقط، وتم تقسيم المسار إلى 4 مناطق المنطقة الأولى الشارع الرئيسي والفرعي المؤدي للكنيسة، فتم تحويل الشارعين إلى مسار للمشاة بعرض 6 متر ورصيف عرض 2 متر من الجهتين موزع عليه من الجهتين مجموعة من كراسي الانتظار بالإضافة إلى الخرائط التفاعلية مع السائحين داخل لوحة فنية تم تجميلها بعناية، وبخامات تتناسب مع القيمة التاريخية للمسار وتبليط كامل للشارعين ببلاط الانترلوك العادي والمضيء.

أثار قدم المسيح وقطع أثرية هامة

تتميز كنيسة سخا بوجود أثر لا يوجد مثله في العالم، فقد طبع قدم السيد المسيح بداخلها، ولازال موجودا على حجر ضمن مقتنيات الكنيسة من القرن الأول الميلادي، ويصل طول الحجر نحو 60 سم وسمكه 15سم، وقد سمى المكان بيخا اسوس وبيخا تعنى قدم وأسوس تعنى المسيح (أي قدم المسيح) وبهذه الكنيسة دير عامر بالرهبان واستمر حتى القرن الثاني عشر الميلادي.

كما أن يوجد بالكنيسة أيقونة مرسومة على جلد غزال تحكي بداية الخليقة منذ سيدنا آدم حتى السيد المسيح عليهما السلام وايقونة أخرى خاصة بالقديسين والرحلة المقدسة، كما يوجد ماجور اعداد الخبز للسيدة العذراء مازال موجودا بالكنيسة بالإضافة إلى تاريخ الكنيسة البيزنطية موجود على حجارة الطوب الأحمر الصغير.

كما يعد الممر المتحفي والذي به مدخل صحن الكنيسة تحفة فنية ومعمارية، حيث يوجد به الحجاب الحامل للأيقونات ال 12 والتي تحكي تاريخ المسار كما يوجد 3 هياكل بالكنيسة الأوسط منها هيكل السيدة العذراء مريم، ويعود بداية الهياكل إلى القرن الرابع الميلادي ومازال موجودا بالكنيسة حتى الان، والكنيسة تعد مزارا هاما لجميع الاقباط، وكما قال المقريزي في كتابه في القرن ال15 أن دير المغطس" موقع كنيسة السيدة العذراء بسخا"، كان يحج إليه المسيحيين من سائر الأنحاء في يوم 24 بشنس، كما كانوا يحجون إلى كنيسة القيامة في القدس، والكنيسة تضم الهيكل "المذبح"، الذي تقدم عليه الذبيحة الغير دموية "وتسمى القربان، وما يقدمه الاقباط من قربان غير دموي "الخبز وعصير العنب" كرمز للجسد ورمز للدم، مثلما يقدم من قربان مثل هيكل سليمان، وذبيحة اسماعيل لدى المسلمين.

 

زيارة تاريخية للبابا تواضروس للكنيسة

تفقد البابا تواضروس، بابا الإسكندرية وبطريرك الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، خلال الاحتفال بعيد دخول السيد المسيح أرض مصر ورحلة العائلة المقدسة فيها، وهي سادس محطات رحلة العائلة المقدسة في مصر، مؤكداً أن مصر ملجأ آمن اتخذته العائلة المقدسة دونًا عن البلاد المتعددة حول فلسطين، وعن البركة التي أعطتها هذه الزيارة لمصر، كما أثنى على رؤية القيادة السياسية ممثلة في الرئيس عبدالفتاح السيسي، لهذا المسار وأهميته على مختلف المستويات وتطويره والاهتمام بمحطاته، مشيرًا إلى أن تذكار دخول العائلة المقدسة إلى مصر مناسبة وطنية بالدرجة الأولى قبل كونها دينية، كما أعلن أنه قرر الاحتفال به كل عام في محطة مختلفة بعد أن كان يحتفل به داخل القاهرة في السنوات الماضية.

وقال البابا تواضروس، أثناء زيارته، إن التاريخ المصري يطوي صفحات كثيرة لنا جميعا أن نفتخر بها، ونحن في هذا الصدد نفتخر بصفحة من صفحات التاريخ المصري الرائعة، و أود أن تعلموا جميعا أن الكنيسة القبطية المصرية هي أقدم كيان شعبي على أرض مصر، ويجب على كل مصري سواء مسلم أو مسيحي أن يفتخر بأن كنيسة مصر من أقدم كنائس العالم، ومن أكثر كنائس العالم امتلاء بالتاريخ وبالجذور، وعلى الجميع أن يفتخر بها، مشيراً إلى أننا كنا نحتفل في الماضي بالكنائس بالقاهرة، ولكننا أردنا أن يكون الاحتفال في المحافظات، ومن بين الكنائس التي لها تاريخ عريق كنيسة السيدة العذراء بسخا.