تناقش قمة العشرين التي انطلقت فعالياتها اليوم، في ريودى جانيرو بالبرازيل التحديات الكبيرة التي تواجه العالم، بمشاركة رفيعة المستوى من مصر بحضور الرئيس عبد الفتاح السيسى الذي توجه أمس إلى مدينة "ريو دي جانيرو" بالبرازيل، للمشاركة في قمة مجموعة العشرين، التي تُعقد 18-19 نوفمبر الجاري.
وتبحث قمة دول مجموعة العشرين في البرازيل هذا الأسبوع عددا من الموضوعات الرئيسية من بينها التوتر الدبلوماسي بشأن ظاهرة الاحتباس الحراري العالمية بعد أن وصل مفاوضون في محادثات للأمم المتحدة في أذربيجان إلى طريق مسدود بشأن تمويل المناخ.
ويأمل المفاوضون في أن يتمكن زعماء الاقتصادات العشرين الكبرى في العالم من فتح السبيل مجددا أمام التمويل، بحسب ما ذكره تقرير لوكالة رويترز.
وتعد مشاركة مصر فى قمة العشرين المقبلة هى الرابعة من نوعها فى قمم المجموعة منذ نشأتها والثانية على التوالى بعد المشاركة في إجتماعات قمة العشرين الدورة الماضية، خلال فترة رئاسة الهند، والتى تكللت بمشاركة الرئيس عبد الفتاح السيسي في أعمال قمة المجموعة في دلهى، في سبتمبر من العام الماضى
وفي القمة الحالية التقى الرئيس عبد الفتاح السيسي، مع الرئيس البرازيلي "لولا دا سيلفا"، وذلك على هامش مشاركة الرئيس السيسى في اجتماعات قمة مجموعة العشرين المنعقدة بريو دي جانيرو في البرازيل.
وأشار المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية إلى أن الرئيس حرص في مستهل المقابلة على توجيه الشكر للرئيس البرازيلي على دعوة مصر للمشاركة في فعاليات مجموعة العشرين العام الجاري، بما يعكس تقدير البرازيل لثقل مصر في منطقة الشرق الأوسط وفي قارة أفريقيا، مشيداً بالتنظيم المتميز للقمة على المستويين الموضوعي والإجرائي، وحرص الجانب البرازيلي على تضمين أولويات الدول النامية في جدول الأعمال، وعلى رأسها إطلاق التحالف العالمي لمكافحة الجوع والفقر، في ظل تنامي التحديات الجيوسياسية والاقتصادية والاجتماعية على المستوى العالمي.
ومن جانبه؛ ثمن الرئيس البرازيلي المشاركة المصرية الفاعلة في اجتماعات المجموعة على مدار العام، والتي جاءت داعمة لاحتياجات وأولويات الدول النامية، مشدداً على تقديره لمشاركة الرئيس في أعمال القمة.
وتباحث الرئيسان بشأن الأوضاع الإقليمية، حيث استعرض الرئيس السيسى الجهود المصرية لاستعادة الاستقرار في الشرق الأوسط، والوقف الفوري لإطلاق النار في قطاع غزة ولبنان، مشيداً بالمواقف البرازيلية التي تدعم القضية الفلسطينية، وهو ما ثمنه الرئيس البرازيلي الذي أكد تقدير بلاده الكبير للدور المصري التاريخي المساند للشعب الفلسطيني وقضيته.
وتوافق الجانبان على ضرورة تنفيذ حل الدولتين وتوسيع الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية، ورفض أية محاولات لتصفية القضية الفلسطينية.
وأضاف المتحدث الرسمي أن المقابلة شهدت أيضاً تباحث الرئيسين بشأن سبل تعزيز العلاقات الثنائية، مع إدراك البلدين لأهمية تعزيز التعاون في ضوء تقارب مصالحهما ومواقفهما من مختلف القضايا.
وفي هذا الإطار، وقّع الرئيسان في أعقاب المقابلة على بيان مشترك بشأن ترفيع العلاقات بين البلدين إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية، بما يحقق مصالح وتطلعات الشعبين الصديقين.
وحول تفاصيل مشاركة مصر قال السفير راجى الإتربى، مساعد وزير الخارجية الممثل الشخصى لرئيس الجمهورية لدى كل من مجموعة العشرين وتجمع البريكس إن مشاركة مصر تأتي بناء على الدعوة التى وُجِهت للرئيس عبد الفتاح السيسى من الرئيس البرازيلى "لولا دا سيلڤا".
وتجسيداً لمكانة مصر إقليمياً ودوليا ودورها المؤثر فى القضايا والملفات الاقتصادية الدولية الرئيسة، والمستقبل الواعد الذى ينتظرها مع المشروعات العملاقة التى تشيدها والانطلاقة التنموية الكبيرة التى تشهدها، كانت مصر على موعد جديد لتكون حاضرة فى صفوف الدول الكبرى، فقبل أيام من حلول العام الجاري 2024، جاءت دعوة حكومة البرازيل، الرئيس الحالي لمجموعة العشرين "جى20"، لمصر للمشاركة كدولة ضيف فى كافة إجتماعات المجموعة خلال فترة الرئاسة البرازيلية.
وتأتي المشاركة المصرية فى اجتماعات العشرين - التى تشكل أحد أهم أطر اتخاذ القرار الاقتصادى على المستوى الدولى- تحت الرئاسة البرازيلية فى مرحلة تواجه فيها المجموعة تحديات متزايدة فى ضوء الأزمات الحادة والمتعاقبة التي يواجهها العالم منذ تفشى وباء كورونا مروراً بتداعيات الأزمة الأوكرانية والعدوان الاسرائيلى الغاشم المتواصل على قطاع غزة.
وقال السفير الإتربى فى هذا الصدد في تصريحات لوكالة انباء الشرق الاوسط إنه رغم كون مجموعة العشرين فى الأساس محفلاً رئيسياً لبحث الموضوعات الاقتصادية الدولية، إلا أن الصراعات الچيوسياسية الراهنة، وخاصةً العدوان الإسرائيلى على الأراضى الفلسطينية واللبنانية، ستفرض نفسها على أجندة القمة وستكون حاضرة بقوة فى مناقشات القادة، موضحاً أن مجموعة العشرين تحمل تقديراً كبيراً للجهود المتواصلة التى تبذلها مصر لوضع حد للحرب الاسرائيلية ومنع توسع دائرة الصراع.
وأضاف أنه بناء على التوجيهات الرئاسية، فقد شاركت مصر بفاعلية فى اجتماعات العشرين خلال العام الجارى، وبما يعظم المصالح الاقتصادية الوطنية، حيث تمثلت الأولويات المصرية فى حشد الإرادة السياسية اللازمة من جانب دول المجموعة لاتخاذ التدابير اللازمة لتخفيف معاناة الدول النامية من تداعيات الأزمات الاقتصادية الدولية المتعاقبة، وتعزيز قدرتها على الصمود فى مواجهة أزمات مستقبلية، وهو ما لن يتحقق سوى بإصلاح جذرى فى النظام الاقتصادى الدولى، سواء المالى أو النقدى أو التجارى، بشكل يزيد من قدرات الدول النامية على توفير التمويل اللازم لتنفيذ خطط وبرامج التنمية المستدامة، وتخفيف أعباء الديون المتزايدة بسبب ارتفاع معدلات التضخم العالمية، ودفع جهود توطين الصناعات ونقل التكنولوچيا بما فى ذلك تطبيقات الذكاء الاصطناعي، وتسهيل نفاذ صادرات الدول النامية من السلع والخدمات لأسواق الدول المتقدمة.
وتشهد العلاقات الثنائية بين مصر والبرازيل، طفرة كبيرة خلال السنوات العشرة الأخيرة وخاصة بعد زيارة الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا إلى مصر في فبراير الماضي، والتي تم خلالها الاتفاق على ترفيع العلاقات إلى مستوى "الشراكة الاستراتيجية".
كما تتواصل الاتصالات رفيعة المستوى واللقاءات الوزارية حيث التقى وزير الخارجية والهجرة الدكتور بدر عبد العاطي مؤخراً مع وزير خارجية البرازيل "ماورو فييرا" على هامش قمة "البريكس" التى عقدت فى شهر اكتوبر الماضى بروسيا، وبحثا فرص تعزيز التبادل التجاري والاستثمارات بين البلدين الصديقين من خلال الأطر الثنائية وأطر التعاون التي يتيحها تجمع البريكس، ومنها تلك المتعلقة باستخدام العملات الوطنية في المُعاملات التجارية.
وبحسب سكاي نيوز عربية وصل رؤساء دول المجموعة إلى ريو دي جانيرو لحضور القمة لبحث مجموعة من القضايا، بدءا من الفقر والجوع ووصولا إلى إصلاح المؤسسات العالمية، في الوقت الذي ألقى فيه مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (كوب29) الضوء على جهودهم لمعالجة ظاهرة الاحتباس الحراري العالمية.
وفي حين أن كوب29 المنعقد في باكو بأذربيجان مكلف بالاتفاق على تخصيص مئات المليارات من الدولارات لمشروعات تحد من تغير المناخ، فإن زعماء دول مجموعة العشرين الذين سيعقدون قمتهم في ريو هم الذين يمسكون بزمام الأمور.
وتمثل دول مجموعة العشرين 85 بالمئة من اقتصاد العالم وهي أكبر المساهمين في بنوك التنمية متعددة الأطراف التي تساعد في توجيه تمويل المناخ، كما أنها مسؤولة عن أكثر من ثلاثة أرباع انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري عالميا.
وقبل أيام قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش خلال كوب29 "يتعين على جميع البلدان أن تقوم بدورها لكن مجموعة العشرين لابد أن تقود الجهود لأنها أكبر الدول المسببة للانبعاثات ولديها أعظم القدرات والمسؤوليات".
وقد يصبح التوصل إلى مثل هذا الاتفاق أكثر صعوبة مع عودة الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب إلى السلطة إذ يتردد أنه يستعد لسحب الولايات المتحدة مرة أخرى من اتفاق باريس للمناخ.
وذكر موقع (إنفستنج) الأمريكي المختص في شؤون الاقتصاد والتداول، أنه من المقرر أن يصل رؤساء الدول إلى ريو دي جانيرو الأحد لحضور قمة مجموعة العشرين حيث سيتم مناقشة قضايا متنوعة من الفقر والجوع إلى إصلاح المؤسسات العالمية.
ومع ذلك، فإن محادثات الأمم المتحدة حول المناخ ستظل تهيمن على الأضواء، حيث يركز العالم على الجهود المبذولة لمكافحة التغير المناخي.
وأشار الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا، الذي تتولى بلاده الرئاسة الحالية للمجموعة خلفا للهند إلى أنه يضع رئاسته الحالية للمجموعة تحت شعار "محاربة الجوع والفقر وانعدام المساواة" ويسبق هذه القمة، قمة أخرى هي قمة مجموعة "أبيك" للتعاون الاقتصادي بين دول آسيا والمحيط الهادي التي تعقد في ليما عاصمة بيرو
في حين يُناط بقمة COP29 في باكو بأذربيجان تحديد هدف لجمع مئات المليارات من الدولارات لتمويل المناخ، فإن قادة مجموعة العشرين في ريو هم من يملكون مفاتيح التمويل، فدول مجموعة العشرين تمثل 85% من الاقتصاد العالمي وتعد من أكبر المساهمين في البنوك التنموية متعددة الأطراف التي تسهم في تمويل المناخ كما أنها مسؤولة عن أكثر من ثلاثة أرباع انبعاثات غازات الدفيئة على مستوى العالم.
وتمثل مجموعة العشرين ثلثي تعداد سكان العالم و90% من الناتج الإجمالي الوطني العالمي و80% من حجم المبادلات التجارية العالمية.
وقد وجهت البرازيل الدعوة لـ19 دولة غير عضو لحضور القمة هذا العام من بينها مصر والإمارات وقطر وأسبانيا ونيجيريا وموزامبيق والنرويج وماليزيا وأنجولا.
وبعد البرازيل، ستتولى جنوب إفريفيا رئاسة مجموعة العشرين لعام 2025 ثم الولايات المتحدة لعام 2026.
وكان قد قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش في COP29 الأسبوع الماضي: "يجب على جميع الدول القيام بدورها، لكن مجموعة العشرين يجب أن تقود"، مضيفا "أنها أكبر الملوثين، ولديها أكبر القدرات والمسؤوليات".
لكن التوصل إلى اتفاق في هذا الصدد قد يصبح أكثر صعوبة مع عودة الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب إلى السلطة، حيث يُقال إنه يخطط لسحب الولايات المتحدة مجددًا من اتفاق باريس للمناخ.
كما يخطط ترامب لإلغاء التشريعات المناخية الرئيسية التي أقرها الرئيس المنتهية ولايته جو بايدن، الذي سيصبح أول رئيس أمريكي يزور غابات الأمازون عندما يتوقف هناك الأحد في طريقه إلى ريو.
وفي هذا السياق، كتب رئيس الأمم المتحدة للمناخ سيمون ستيل رسالة إلى قادة مجموعة العشرين يطالبهم فيها باتخاذ إجراءات عاجلة في تمويل المناخ بما في ذلك زيادة المنح للدول النامية، والتقدم في إصلاحات البنوك التنموية متعددة الأطراف.
ومع ذلك، فإن الصراعات نفسها التي أرهقت مفاوضات COP29 منذ بدايتها الأسبوع الماضي تتسرب إلى مفاوضات مجموعة العشرين في ريو، وفقًا لدبلوماسيين مقربين من المحادثات.
يعتبر نجاح كل من COP29 وقمة المناخ المقبلة COP30 في البرازيل العام المقبل مرتبطًا بشكل كبير بحدوث اختراق في ملف تمويل المناخ.
تعتبر "مهمة 1.5" جزءًا أساسيًا من استراتيجية البرازيل في COP30، وهي تهدف إلى الحفاظ على هدف اتفاق باريس المتمثل في الحد من الاحترار العالمي إلى 1.5 درجة مئوية.
وتقدر الأمم المتحدة أن الأهداف الوطنية الحالية ستؤدي إلى ارتفاع درجات الحرارة بما لا يقل عن 2.6 درجة مئوية.
وتؤكد الدول النامية أنها لن تتمكن من رفع أهدافها لتقليل الانبعاثات إلا إذا قامت الدول الغنية، التي تعد المسؤول الأكبر عن التغير المناخي، بتغطية التكاليف.
وتضم مجموعة العشرين الأرجنتين وأستراليا والبرازيل وكندا والصين وألمانيا وفرنسا والهند وإندونيسيا وإيطاليا واليابان وجمهورية كوريا والمكسيك والاتحاد الروسي والمملكة العربية السعودية وجنوب إفريقيا وتركيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة.
وتتولى البرازيل رئاسة مجموعة العشرين منذ الأول من ديسمبر 2023 وحتى 30 نوفمبر 2024.