كشفت سارة إبراهيم المدير التنفيذي للمجلس التصديري لصناعات الطباعة والتغليف، أثر حماية الملكية الفكرية علي التجارة الدولية بعد قيام الثورة الصناعية.
وأضافت سارة إبراهيم، " برزت وتعاظمت حماية الملكية الفكرية بصورة كبيرة بعد قيام الثورة الصناعية وما رافقها من ابتكارات واختراعات وتطور تكنولوجي، ولعل المحرك الاساسي لوجود أول اتفاقية تعني بحقوق الملكية الصناعية (إتفاقية باريس لحماية الملكية الصناعية المبرمة في 20 مارس 1883) هذه الثورة الصناعية، والسبب في ذلك يعود إلى أن العديد من المخترعين اعتادوا أن يعرضوا اختراعاتهم في المعارض الدولية والرسمية وذلك بهدف إبرام عقود التراخيص أو البيع مع مستثمرين يزورون هذه المعارض.
وأوضحت، أن الاشكالية ظهرت عندما بدأت عمليات نسخ وتقليد الاختراعات مما لم يشجعهم بالاستمرار بعرض هذه الاختراعات دون وجود ضمانة فعالة، وبناء عليه فقد اجتمعت الدول لإيجاد مخرج يشجع الباحثين على الاستمرار في الابتكار إلى أن تم إبرام (إتفاقية باريس لحقوق الملكية الصناعية)، وقد تضمنت هذه الاتفاقية العديد من الاحكام الخاصة بحقوق الملكية الصناعية (البراءات – العلامات) دون أن ترتب جزاءات على الدول التي لا تلتزم بهذه الاحكام،وهذا الذي تم تداركه في اتفاقية التريبس (الاتفاقية حول الجوانب التجارية لحقوق الملكية الفكرية ) التي تم إبرامها عام 1994 ودخلت حيز النفاذ في 1995.
وكما هو الحال في الملكية الصناعية كان الوضع مشابها في مجال حقوق المؤلف والحقوق المجاورة، فبعد اختراع الطباعة والنسخ أصبح نسخ وتصوير الكتب ظاهرة بارزة لدقة النقل مما شكل خطرًا على إبداعات المؤلفين لسهولة نسخ مؤلفاتهم مقارنة مع طرق النسخ التقليدية والتي كانت تتطلب من الناسخ أن يعيد كتابة المؤلف بخط يده، وبذلك لم تعد تستغرق عملية النسخ سوى دقائق إن لم يكن ثواني في بعض الحالات، فكان لابد من إيجاد إطار دولي قانوني للحماية، ومن هنا جاءت اتفاقية برن لحماية المصنفات الادبية والفنية والتي تضمنت الحد الادنى من الاحكام والمبادئ القانونية التي لابد ان تلتزم بها الدول الاعضاء في هذه الاتفاقية.
وذكرت، "كما هو الحال مع (اتفاقية باريس) لم تتضمن هذه الاتفاقية أيضًا جزاءات على من لا يلتزم بأحكامها، واصبح التطور التكنولوجي سريع، و لقد ظهرت عام 1981 اول براءة اختراع ترتبط بفكرة الطباعة الثلاثية والتي عرفهاMattew Rimmer ،أستاذ قانون الملكية الفكرية والابتكار في كلية القانون بجامعة كوينزلاند للتكنولوجيا، في بريسبين، أستراليا، بعد ذلك بأنها المجال التكنولوجي الذي يعتمد على التصنيع بالإضافة وهي احد ابرز نتاج للثورة الصناعية الرابعة التي اطلقها المنتدي الاقتصادي العالمي في دافوس سويسرا عام 2016.
وأكدت أن التقدم التكنولوجي أدى إلى ابتكار سلع ومنتجات جديدة تؤثر بشكل مباشر على التجارة الدولية (التصدير)، وهنا يجدر بنا التأكيد على أهمية العلاقة بين الملكية الفكرية وتعزيز الابتكار، وتأثيرهما على الصناعة والتجارة، مما يسهم في زيادة الصادرات المصرية، وفي مصر أدركت وزارة التجارة والصناعة عام 2020 أهمية تسجيل العلامات التجارية على المستوى الدولي، ولذلك قامت بإدراج دعم الصادرات التي تحمل علامة تجارية مصرية مسجلة دولياً ضمن منظومة رد الأعباء التصديرية، حيث تم منح دعم إضافي بنسبة 2% على نسبة المساندة الأساسية، هذا القرار أدى إلى زيادة الطلب على تسجيل العلامات التجارية، مما انعكس إيجاباً على الصادرات المصرية.
وكشفت سارة إبراهيم ارتفاع ع معدل تسجيل العلامات التجارية المصرية دولياً (خارج نطاق نظام مدريد) بنسبة 50% مقارنة بالعام الماضي، مما جعل مصر تحتل المرتبة 68 من بين 192 دولة، أما بالنسبة للعلامات التجارية المسجلة ضمن نظام مدريد، فقد شهدت مصر زيادة بنسبة 40% في عام 2022، وفقاً لما ورد في تقرير منظمة الملكية الفكرية WIPO في تقرير مؤشر الابتكار العالمي لعام 2023.
في عام 2023، واجهت مصر أزمة اقتصادية نتيجة نقص النقد الأجنبي، مما أدى إلى انخفاض طفيف في الصادرات المصرية، ومع ذلك، بفضل التقدم التكنولوجي نتاج الثورة الصناعية الرابعة وتأثيره الكبير على الصناعة، إلى جانب تسجيل العلامات التجارية وحماية الابتكارات في مختلف المنتجات، استطاعت الشركات المصرية الحفاظ على أسواقها الدولية التي نجحت في دخولها. وأثبتت تلك الشركات أن المنتج المصري قادر على مواجهة التحديات والتأقلم مع الظروف الصعبة.
واختتمت أن الساحة الاقتصادية العالمية لا تزال تشهد جدلاً كبيرا حول حماية حقوق الملكية الفكرية ومدى استفادة البلدان النامية من تعزيزها. ويرى البعض أن تقوية أنظمة حماية الملكية الفكرية تساهم في تعزيز التجارة الدولية (التصدير ) وتحفيز البلدان النامية على الاستثمار في البحث والتطوير من خلال جذب التكنولوجيا والاستثمارات الأجنبية بشكل أكبر. وفي المقابل، يعتقد آخرون أن ضعف حماية حقوق الملكية الفكرية، أو حتى غيابها، يسمح بنشر المعرفة بسرعة وبناء القدرات المحلية. ومع ذلك، يمكن أن يؤدي تعزيز حماية حقوق الملكية الفكرية إلى زيادة الأسعار، مما يربك المستهلك في اتخاذ قراره ويقلل من مستوى الرفاهية.
لقد سعت المنظمات الدولية والأنظمة التكنولوجية العالمية إلى تيسير التعاون في مجالات العلم والتكنولوجيا والابتكار من أجل تلبية احتياجات التنمية والاستدامة بشكل أفضل. وتشجع الحكومات على تسريع نقل التكنولوجيا لتحقيق الاستدامة على المستوى المحلي، مع ضمان وجود حماية كافية لحقوق الملكية الفكرية.