توقعت مجلة "ديفينس نيوز" الأمريكية أن تشهد الولاية الثانية للرئيس المنتخب دونالد ترامب صداما وتشدداً مع قطاع الصناعات الدفاعية في الولايات المتحدة، بخصوص التعاقدات الدفاعية، لاسيما في مجال كثافة رأس المال في صناعات الطيران والفضاء الجوي.
وقال المحرر العسكري للمجلة ستيفين لوزي - في تحليل اليوم - إن تركيز ترامب على تقليص التكاليف وإصراره المحتمل على نهج متشدد لدى إبرام الصفقات، قد يواجه بمقاومة وامتناع من صناعات دفاعية أصبحت أكثر حذراً ودراية بمثل هذه النوعية من العقود التي تعرضها لمخاطر كبرى، خصوصاً بين شركات تصنيع العتاد الجوي والفضائي، التي تطور طرازات من المقاتلات الثقيلة المكلفة تعتمد بصفة رئيسية على تكنولوجيات حديثة ذات مخاطر أعلى.
وبينما يواجه سلاح الجو الأمريكي نقصاً في التمويلات النقدية؛ يحد من قدرته على تحديث فروع حيوية من السلاح، فإنه يترقب بقلق ما إذا كانت إدارة ترامب الثانية سوف تطلق المزيد من الموارد للقوات الجوية لتمويل برامجها المستقبلية، كمقاتلات الجيل التالي.
ويقول الباحث البارز في معهد ميتشيل لدراسات الفضاء الجوي، جون فينابل، إن ترامب بوسعه استخدام قدرته الفريدة على جذب انتباه الرأي العام لكي يلقي بضغوط على مقاولي الصناعات الدفاعية ذوي الأداء الضعيف.
وساق فينابل، طيار "إف- 16" المتقاعد، مثالاً على ذلك بتأجيلات عقود "لوكهيد مارتين"، قائلاً إذا تحدث ترامب علانية عن "لوكهيد مارتين"، وسمع مجلس مديري الشركة بذلك، فربما نرى تغيراً في اتجاه وكثافة تسليم منتجات (مثل مقاتلات إف-35 الشبحية)، تنتجها الشركة.
ويقول الباحث "إذا تخبط (ترامب) في اتجاه صناعة الدفاع في الولايات المتحدة، وبالأخص في مجمع الصناعات الدفاعية، أعتقد أنكم ستشهدون إلى حد بعيد الكثير من التأجيلات في الإنتاج".
وعادة ما يتحدث ترامب عن براعته كرجل أعمال وقدرته على عقد صفقات، خصوصاً عندما أعادت إدارته في 2018 التفاوض بشأن تعاقدها مع شركة "بوينج" لبناء طائرتين جديدتين من طراز في سي 258، من طائرات سلاح الجو واحد المخصصة للرئاسة، التي تتمتع بقدرات خارقة.
وفجر ترامب، الحديث عن تلك المسألة أخيراً، ووصفها بـ"هدر وغش لا يمكن تصديقهما" في الحكومة، أثناء مقابلة على الهواء أجراها معه المذيع تاكر كارلسون، في 31 أكتوبر الماضي، قبل أيام من انطلاق الانتخابات. وكانت آخر قرارات الرئيس المنتخب ترشيح الملياردير إيلون ماسك ورجل الأعمال فيفيك راماسوامي لترأس لجنة كفاءة حكومية مكلفة بالقضاء على الهدر الحكومي واجتثاثه.
وقال ترامب - في لقائه - "لقد وفرت أكثر من مليار دولار في يوم واحد عندما دخلت البيت الأبيض، عندما قلت أنا لن أدفع أكثر من ذلك لبيونج لشراء طائرة سلاج الجو واحد"، متابعاً "أتعلم أن الأمر استغرق اسبوعين بأن تقول لن أشتري، ولا أريد، لتحصل على طائرة توفر فيها أكثر من مليار دولار، وهناك آلاف الأشياء مثل ذلك. ليس بنفس القيمة، ولكن في بعض الحالات، أزيد بكثير".
وتشير مجلة "ديفينس نيوز" إلى أن نهج الإصرار على أرقام صلبة لإبرام الصفقات يصعب تطبيقه في كل الحالات، مبينة أن "بوينج" ندمت على إبرامها تلك الصفقة، وقد خسرت إجمالاً ما يقرب من 2.7 مليار دولار في "برنامج تصنيع الطائر "في سي 250 " المخصص للرئاسة الأمريكية.
ورأى رئيس مجلس إدارة الشركة السابق، ديف كالهون، أنه ما كان ينبغي للشركة أن تقبل بطلبات إدارة ترامب لإعادة التفاوض بخصوص طائرة سلاح الجو واحد المخصصة للرئاسة.
وقال كالهون - على هامش بيان نتائج الشركة في أبريل 2022، بعد أن تكبدت خسائر ربع سنوية بسبب هذا البرنامج، بلغت 660 مليون دولار - إن "طائرة سلاح الجو واحد، سأصفها الآن بأنها لحظة فريدة، ومفاوضات فريدة، وحزمة من مخاطر فريدة لم يكن ينبغي على بوينغ الخوض فيها".
وتشير المجلة إلى أنه إذا أصرت إدارة ترامب على نهج "عقود الأسعار الثابتة" لخفض مستويات الأسعار، فإن كبار متعاقدي الصناعات الدفاعية سيتراجعون. من جانبها، بفعل الخسائر الواسعة التي لحقت بها جراء برامج الأسعار الثابتة، أقسمت "بوينج" على رفض الموافقة على مثل تلك التعاقدات في المستقبل.
شركات أخرى، مثل "إل3 هاريس تكنولوجيز" و"لوكهيد مارتين"، تابعت تجربة "بوينج"، أخذت على عاتقها النأي بنفسها عن صفقات الأسعار الثابتة، حتى اذا استلزم الأمر بقاءها على الهامش بعيداً عن مضمار المنافسة في برامج دفاعية كبرى.