يناقش مجلس الشيوخ خلال جلساته العامة الأحد والاثنين، المقبلين، برئاسة المستشار عبدالوهاب عبدالرازق، تقرير اللجنة المشتركة من لجنة الإسكان والإدارة المحلية والنقل، ومكتب لجنة الشئون الدستورية والتشريعية عن مشروع قانون مقدم من الحكومة بتعديل بعض أحكام القانون رقم (84) لسنة 1949 بشأن تسجيل السفن التجارية.
وأشار تقرير اللجنة إلى أنه في ضوء ما تتمتع به مصر من موقع جغرافي فريد، حرصت الدولة على تعظيم دور النقل البحري في خطة التنمية الشاملة لها، وصولاً إلى الهدف المنشود بتحويلها إلى مركز عالمي للتجارة واللوجستيات ولتحقيق هذا الهدف لابد من تنمية وتعزيز الأسطول التجاري البحري المصري من حيث العدد والتطور، مما يسهم في تنشيط حركة التجارة الداخلية والخارجية، ويتماشى مع التطور الهائل في الموانئ المصرية، ويحقق النمو الاقتصادي المستهدف.
وأضاف اللجنة أنه في إطار تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لتنمية وتعزيز الأسطول التجاري البحري، التي اقتضت التوسع في اكتساب السفن للجنسية المصرية، بحيث لا يقتصر منح الجنسية المصرية على السفن المملوكة لشخص طبيعي أو اعتباري مصري فقط، وذلك من خلال تبني نظام مشارطة الإيجار العقاري والتمويلي لتسجيل السفن تحت العلم المصري، الذي يأتي اتساقا مــع الاتفاقية الدولية لتسجيل السفن لعام 1986 ، والتي من شأنها أن تعزز حجم الأسطول التجاري البحري.
وجاء تعديل بعض مواد هذا القانون لتنظيم تسجيل السفن المستأجرة غير المجهزة تحت العلم المصري، بما يعود بالنفع على قطاع الملاحة والتجارة البحرية.
وتنطلق فلسفة مشروع القانون من أنه في ضوء التوسع في أسباب اكتساب السفن الجنسية المصرية، بإضافة إيجار السفن غيـر المجهزة (العارية)، أو إيجار السفن غير المجهزة تمويليًا لشخص طبيعي أو اعتبارى مصري، إلى جانب التملك باعتباره سببًا لاكتساب الجنسية المصرية، ارتأت الحكومة إعداد مشروع قانون بتعديل بعض أحكام القانون رقم (48) لسنة 1949 بشأن تسجيل السفن التجارية بهدف تنمية وتعزيز حجم الأسطول التجارى البحرى المصرى، وذلك بوضع إطار قانوني إجرائي منظم، لتسجيل السفن المستأجرة غير المجهزة تحت العلم المصري، لدفع عجلة التنمية وزيادة الاستثمار البحري.
وبين تقرير اللجنة النصوص الدستورية واللائحية الحاكمة لمشروع القانون فذكر أن المادة (27) من الدستور تنص على أنه: "يهدف النظام الاقتصادي إلى تحقيق الرخاء في البلاد من خلال التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية، بما يكفل رفع معدل النمو الحقيقي للاقتصاد القومي، ورفع مستوى المعيشة، وزيادة فرص العمل وتقليل معدلات البطالة، والقضاء على الفقر.
ويلتزم النظام الاقتصادي بمعايير الشفافية والحوكمة، ودعم محاور التنافسية وتشجيع الاستثمار، والنمو المتوازن جغرافيا وقطاعياً وبيئياً، ومنع الممارسات الاحتكارية، مع مراعاة الاتزان المالي والتجاري والنظام الضريبي ،العادل، وضبط آليات السوق، وكفالة الأنواع المختلفة للملكية، والتوازن بين مصالح الأطراف المختلفة .
الملامح الأساسية لمشروع القانون
جاء مشروع القانون المعروض منتظمًا في ثلاثة مواد بخلاف مادة النشر، ومن أهم الأحكام التي يتضمنها المشروع ما يأتي:
المادة الأولى؛ نصت على استبدال بعض العبارات بعبارات أخرى أينما وردت هذه العبارات سواء في هذا القانون أو في أي قانون آخر ، وكذلك استبدال نصوص المواد 14.21.22 23، 24.25 26 بالنصوص الواردة في مشروع القانون ؛ وذلك وفق التفصيل الآتي:
المادة (14): ألزمت كل من المالك أو المجهز أو الربان بإبلاغ الهيئة المصرية لسلامة الملاحة البحرية أو مكتب التسجيل في حالة ما إذا غرقت السفينة أو احترقت أو كسرت أو استولى عليها العدو أو هلكت وألزمت ما يعرف بـ "المستغل بذات الالتزامات. ويترتب على
الإبلاغ في الحالات المتقدمة شطب تسجيل السفينة من سجل السفن من قبل الهيئة المصرية
لسلامة الملاحة البحرية.
اما المواد أرقام من 21 إلى 26 و هي نصوص عقابية تم تعديلها بما يضمن زيادة عقوبات الغرامات المقررة حال مخالفة بعض أحكام قانون تسجيل السفن المشار إليه بما يكفل تناسبها مع الجرائم المرتكبة وتحقيق الردع المطلوب حال انتهاك أحكام القانون، كما تم إخضاع "المستغل" للعقوبات المنصوص عليها بالمواد أرقام 23.24.26
المادة الثانية جاءت هذه المادة لتضيف مادتين جديدتين إلى القانون رقم 84 لسنة 1949 المشار إليه، وهما:
المادة (1) مكررا): وقد بينت هذه المادة الإجراءات التي يجب اتباعها من قبل مستأجر
السفينة الأجنبية غير المجهزة، أو مستأجر السفينة تمويليًا، إذا رغب في تسجيل السفينة في أحد الموانئ المصرية ورفع العلم المصري عليها طوال فترة الإيجار ، شريطة أن يرفق بهذا الطلب جميع المستندات والوثائق اللازمة. والغرض من هذه الإجراءات هو تنظيم عملية تسجيل السفن الأجنبية تحت العلم المصري خلال فترة الإيجار ، وضمان استيفاء كافة الشروط القانونية والرقابية المتعلقة بالسفينة والمستأجر ، بما يضمن سلامة النظام البحري وحمايته من المخاطر القانونية والمالية.
مادة (1) مكررا (1) وقد حددت الإجراءات التي يجب على مالك السفينة المصرية غير
المجهزة اتباعها في حالة رغبته في تعليق تسجيلها تحت العلم المصري بغرض تسجيلها تحت علم أجنبي.
المادة الثالثة أوضحت التزام وزير النقل بوقت زمني محدد لإصدار القرارات اللازمة لتنفيذ أحكام هذا القانون، مع سريان العمل بالقرارات السارية حتى صدور هذه القرارات.
المادة الرابعة، وهي الخاصة بنشر هذا القانون في الجريدة الرسمية وتاريخ بدء العمل به.
رابعا: أهم التعديلات التي أدخلتها اللجنة على مشروع القانون ومبرراتها.
استعادت اللجنة نظر النصوص الدستورية الحاكمة لاختصاص مجلس الشيوخ، واستبان لها أن الدستور قد وسَّدَ للمجلس إبداء رأيه في التشريعات المحالة إليه قبل أن ينظرها مجلس النواب. فرؤية مجلس الشيوخ لأي تشريع بمثابة خطوات واسعة للأعمال التحضيرية له، حيث تتأتى هذه الرؤية من ضبط وإحكام صياغة العبارات الواردة بنصوصه . لذا فقد رأت اللجنة، بعد أن أجرت مناقشات مستفيضة لمواد مشروع القانون المعروض، إدخال بعض التعديلات بالتوافق مع ممثلي الحكومة، لضمان توافق مشروع القانون مع المبادئ الدستورية ذات الصلة والاتفاقيات الدولية، ولمزيد من الوضوح التشريعي.
وتتمثل أهم تلك التعديلات في الآتي:
المادة الأولى:
أولاً- تم ضبط صياغة صدر الفقرتين الأولى والثانية بحذف كلمتي (أولاً وثانيا) لحسن النسق التشريعي، كما تم إعادة الصياغة لعبارة "وزير النقل" لتصبح "الوزير المختص بشئون النقل"؛ لضبط الصياغة التشريعية.
ثانيا - ارتأت اللجنة حذف عبارة " أو المستغل الواردة بالمواد أرقام" 14،23، 24، 26، من مشروع القانون، إذ تضمن مشروع القانون إلزامًا جديدًا يقع على عاتق مـن أطلـق عليه "المستغل"، حيث ألزمه بإبلاغ الهيئة المصرية لسلامة الملاحة البحرية أو مكتب التسجيل في حال تعرض السفينة لحوادث مثل الغرق الحريق، الكسر ، الاستيلاء عليها من قبل العدو، أو هلاكها، وذلك إلى جانب الالتزامات المقررة على كل من المالك، المجهز، و الربان.
كما استحدث مشروع القانون عقوبات على "المستغل" ، وردت في المواد 14،23،24،26، وقد استعادت اللجنة نظر أحكام قانون التجارة البحرية الصادر بالقانون رقم (8) لسنة 1990
- بحكم الشريعة العامة في مجال التجارة البحرية - والذي أفرد الباب الثاني منـه الـمـواد مـن 78، وحتى 151 لبيان أشخاص الملاحة البحرية - وهم: "المالك، والمجهز، والربان، والبحارة، والوكلاء البحريون، والمقاولون البحرين، ومن بين المواد التي نظرتها اللجنة تحديدا هي المادة 78من قانون التجارة البحرية - والتي تنص على أن المجهز هو من يقوم باستغلال السفينة لحسابه بوصفه مالكًا أو مستأجرًا لها، ويعتبر المالك مجهزا حتى يثبت غير ذلك".
وقـد اسـتظهرت اللجنـة المشتركة اتسام مشروع القانون بعدم الوضوح في تحديد مفهـوم
"المستغل".
وفقا لقانون التجارة البحرية، باعتباره الشريعة العامة في هذا المجال، تم تحديد أشخاص الملاحة البحرية بدقة على النحو المبين سلفا، وليس من بينهم ما يُعرف بـ "المستغل"، كما أن المادة (78) عرفت "المجهز" بأنه كل من يقوم باستغلال السفينة لحسابه بوصفه مالگا أو مستأجرًا لها، ويعتبر المالك مجهزا حتى يثبت غير ذلك؛ وبالتالي يظهـر مـن ذلـك أن مفهوم "المستغل" مرادف للمجهز".
وبالتالي فإن ذكر المستغل" في النصوص المتقدمة مع وجود المالك والمجهز، يعد لغـوا غير جائز - لاسيما في النصوص العقابية – خاصة وأن قانون تسجيل السفن، ومشروع تعديلـه المعروض، لم يوردا تعريفا للمستغل يُفرقه عن المجهز أو المالك الوارد في النصوص الحالية للقانون أو في قانون التجارة البحرية، وهو ما يؤدي إلى خلط المفاهيم وخلق حالة من الغموض التشريعي، وهو أمر يُضعف من وضوح النصوص ويُهدد بتباين تفسيراتها.
ومن جانب آخر؛ فمن المبادئ الراسخة في الصياغة التشريعية أن النصوص العقابية
يجب أن تكون واضحة الدلالة محددة المخاطبين بأحكامها بصورة قاطعة، وألا تترك مجالا للبس أو التأويل؛ الأمر الذي يجعل استخدام مصطلح "المستغل" في ضوء غموضه أمرًا مخلاً بمبدأ شرعية العقوبة، الذي يقتضي أن تكون النصوص العقابية غير غامضة، وألا تتحول - وفقًا لما استقر عليه قضاء المحكمة الدستورية - إلى شباك أو شراك يلقيها المشرع متصيدا باتساعها أو بخفائهـا مـن يقعون تحتها أو يخطئون مواقعها. وأخيرًا، تلاحظ أيضًا للجنة المشتركة أن مشروع القانون تضمن فرض عقوبات على "المستغل" حال مخالفته لبعض المواد رغم عدم تقرير التزامات صريحة عليه في تلك المواد. فمثلا، تضمنت المادة (12) من القانون إلزام مالك السفينة أو مجهزها أو ربانها بإبلاغ الهيئة المصرية لسلامة الملاحة البحرية أو مكتب التسجيل فورا، وبالكتابة، عن أي تغيير يطرأ على البيانات الواردة في سجل السفن"، مع التأشير بهذا التغيير.
غير أن الالتزام الوارد في المادة لم يشمل "المستغل"، ورغم ذلك، تم فرض عقوبات عليـه، وهـونهج يُخالف مبدأ الشرعية الجرائم والعقوبات"، والذي يستلزم أن تكون الالتزامات التي يترتب علـى مخالفتها توقيع العقاب واضحة وموجهة صراحةً إلى الشخص المخاطب بها.
وفي ضوء ما تقدم، وما تبين للجنة من استغراق مفهوم المجهز" لمـا يعـرف بـ "المستغل"، فقد انتهت إلى حذف عبارة أو المستغل) من المواد 14،23،24،26، من مشروع القانون على النحو المبين سلفًا.
المادة الثانية: تم ضبط صياغة المادة (6) مكررًا بما يضمن انصراف لفظ "الأجنبية" إلى جميع السفن غير المجهزة التي يجوز للمستأجر تسجيلها تحت العلم المصري بما في ذلك تلـك المؤجرة بطريـق "الإيجار التمويلي"، كما تم إعادة الصياغة للفقرة الثانية وتقسيم أحكامها إلى ثلاثة بنـــود لبيان وإيضاح المقصود مـن عبـارة" المستندات والوثائق" المؤيدة للطلب، كما تم ضبط صياغة المادة (6) مكررا (1) حيث رأت اللجنة تقسيم الفقرة الأولى إلـى فقرتين لضبط الصياغة ولبيان دلالة الأحكام التي تتضمنها المادة، مع دمج حكـم الفقرة الثانية الأصلية مع الفقرة الثانية المستحدثة؛ للارتباط.
المادة الثالثة: تم إعادة الصياغة لعبارة "وزير النقل" لتصبح "الوزير المختص بشئون النقل" ضبط للصياغة واتساقا مع تعديل اللجنة في المادة الأولى من مشروع القانون.
وأكدت للجنة المُشتركة أن مشروع القانون جـاء متماشيًا مع أحكام الدستور والقانون.