يعتمد البنك المركزى المصرى، آلية نظام سعر الصرف المرن والذى يعنى أن قوى العرض والطلب هى أساس تسعير الجنيه أمام الدولار والعملات الأخرى، حيث تعد آلية مرونة سعر الصرف مهمة لحماية الاقتصاد من الصدمات الخارجية الناتجة عن تأثيرات تباطؤ الاقتصاد العالمى والتوترات الجيوسياسية.
ويتحرك الدولار أمام الجنيه خلال الشهور الماضية فى نطاق سعرى يتراوح بين 46 و49.7 جنيه للدولار، وهو ما يؤكد على مرونة سعر الصرف حيث تشهد الفترة الحالية زيادة فى الطلب على الدولار من قبل المستثمرين والمستوردين وهو ما يقابله تلبية للطلب بمعروض دولارى من قبل البنوك، مما يؤكد توافر السيولة بالعملة الأجنبية وزيادة الموارد الدولارية ويرد على شائعات تعويم العملة التى تطل بين الحين والآخر وتضر بالاقتصاد.
ورفعت وكالة فيتش التصنيف الائتمانى لأربعة بنوك مصرية وهى البنك الأهلى المصرى وبنك مصر وبنك القاهرة والبنك التجارى الدولى إلى نظرة مستقبلية إيجابية من مستقرة، وهو ما يعد مؤشرًا مهمًا للثقة فى الاقتصاد والجهاز المصرفى المصرى.
كانت وكالة فيتش رفعت التصنيف الائتمانى لمصر، قبل أيام وللمرة الأولى من 2019، فى مؤشر إيجابى لتحسن مؤشرات الاقتصاد المصرى عقب إجراءات 6 مارس الإصلاحية وتوحيد سعر الصرف.
وارتفعت تحويلات المصريين العاملين بالخارج خلال شهر أغسطس 2024 بمعدل 65.5% لتسجل نحو 2.6 مليار دولار، مقابل نحو 1.6 مليار دولار خلال شهر أغسطس 2023، ولتسجل 18 مليار دولار فى أول 8 شهور من العام الحالى، وتشير التوقعات إلى تسجيلها نحو 30 مليار دولار خلال عام 2024 مما يعد أحد المؤشرات الرئيسية للثقة فى الاقتصاد وتزايد معدلات نمو النقد الأجنبى.
ومن شأن رفع التنصيف الائتمانى لمصر أن يدعم ثقة المستثمرين الأجانب فى مستقبل الاقتصاد بما يحسن موارد النقد الأجنبى.
وتنفذ الدولة المصرية رؤية شاملة للإصلاحات الاقتصادية والمالية للعمل على جذب 100 مليار دولار استثمارات أجنبية مباشرة خلال 6 سنوات بمعدل سنوى 15 مليار دولار عبر حزم حوافز ضريبية والتوسع فى منح الرخص الذهبية لتمكين القطاع الخاص.
وتسعى الدولة المصرية لتعزيز ثقة المستثمرين المحليين والدوليين فى القدرات المتنوعة للاقتصاد المصرى، فى إطار سعى الدولة لتعظيم عوائد الاستثمار فى مصر من خلال بيئة أعمال متوازنة وجاذبة وأكثر تنافسية، ومحفزة لزيادة مساهمة القطاع الخاص حيث تم تحجيم الاستثمارات العامة بسقف لا يتجاوز تريليون جنيه، وتطوير وثيقة سياسة ملكية الدولة لدفع الاستثمارات الخاصة.
ويسهم رفع التصنيف الائتمانى فى زيادة الإقبال على شراء السندات الدولارية المصرية فى الأسواق الدولية بما يدعم تدفقات بقيمة 7 مليارات دولار سنويًا.
واستقبلت مصر نحو 46 مليار دولار استثمارات أجنبية مباشرة خلال عام 2024 نتيجة إجراءات 6 مارس وتوحيد سعر الصرف وحوافز الاستثمار الضريبية والتوسع فى منح الرخص الذهبية.
وتسهم الاستثمارات الأجنبية المباشرة فى زيادة فرص العمل والنمو، وعندما ترتفع معدلات النشاط الاقتصادى والنمو تدريجيًا من 4% إلى 7% ترتفع الإنتاجية والإيرادات العامة والتى يتم إعادة توظيفها مرة أخرى فى دعم قطاعى الصحة والتعليم حيث تم توفير موارد بنحو 1.5 تريليون جنيه لهما فى الموازنة العامة الحالية.
وشهدت تدفقات الدولار لشرايين الاقتصاد المصرى تحسنا ملحوظا خلال الشهور الماضية مدفوعة بقرارات 6 مارس الإصلاحية التى وحدت سعر صرف الدولار فى الاقتصاد المصرى بما ساهم فى جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة وغير المباشرة وزيادة معدلات تحويلات المصريين بالخارج، بما يدعم استقرار سعر الدولار حيث يدور خلال الشهور الماضية فى نطاق سعر بين 46 و49.7 جنيه للدولار.
وأكدت وكالة فيتش للتصنيف الائتمانى أن صفقة رأس الحكمة عززت من تدفقات النقد الأجنبى إلى جانب زيادة الاستثمارات غير المباشرة فى سوق السندات.
وشهدت تدفقات النقد الأجنبى للسوق المحلية زيادة بنحو 200%، متضمنة ارتفاع بأكثر من 100% فى تحويلات المصريين بالخارج بمعدل شهرى بلغ نحو 3 مليارات دولار مقارنة بمستوياتها قبل توحيد سعر الصرف، إلى جانب تدفقات دولارية من الاستثمار بنحو 46 مليار دولار أبرزها 35 مليار دولار من صفقة رأس الحكمة.
وساهمت قرارات 6 مارس الماضى بشأن توحيد سعر الصرف فى تعزيز موارد النقد الأجنبى وتنامى تحويلات المصريين بالخارج وارتفاع الاحتياطى الأجنبى إلى مستوى قياسى بنحو 46.7 مليار دولار، مما دفع أكبر البنوك العاملة فى مصر لرفع حدود استخدام بطاقات الائتمان عند السفر للخارج والمبلغ الكاش المتاح الحصول عليه عند السفر.
وتم زيادة حدود الصرف على بطاقات الائتمان بالعملة الأجنبية خارج مصر لتصل أعلى شريحة إلى 300 ألف جنيه ما يعادل نحو 6000 دولار وزيادة حدود الصرف على البطاقات الائتمانية بالعملة الأجنبية بدون سفر لتصل أعلى شريحة إلى 100 ألف جنيه، ورفع قيمة المبالغ المتاح بيعها نقدا لعملائه المسافرين لتصل إلى 5 آلاف دولار وذلك وفقا وشرائح العملاء.
وتلتزم جميع البنوك المصرية بتغطية كافة عمليات تدبير النقد الأجنبى اللازمة للعمليات الاستيرادية فى مختلف القطاعات دون أية اشتراطات أو قيود تتعلق بتدبير العملات الأجنبية من خارج النظام المصرفى الرسمى، حيث ساهمت قوة وصلابة الإجراءات الاقتصادية المتخذة وفعاليتها فى تعزيز استقرار السوق النقدى والقضاء على أية قنوات غير رسمية لتداول العملات الأجنبية.
ولدى البنك المركزى المصرى أرصدة صافى الاحتياطات الدولية من النقد الأجنبى بنهاية أكتوبر الماضى بنحو 47 مليار دولار، وهو أعلى مستوى له على الإطلاق ويغطى نحو 8 أشهر من الواردات السلعية وبالتالى هو فى مستوى أعلى من المعدل العالمى البالغ 3 أشهر.
وتستورد مصر بما يعادل متوسط 7 مليارات دولار شهريًا من السلع والمنتجات من الخارج، بإجمالى سنوى يقدر بأكثر من 70 مليار دولار، وبالتالى فإن المتوسط الحالى لـ الاحتياطى من النقد الأجنبى يغطى نحو 8 أشهر من الواردات السلعية لمصر، وهى أعلى من المتوسط العالمى البالغ نحو 3 أشهر من الواردات السلعية لمصر، بما يؤمن احتياجات مصر من السلع الأساسية والاستراتيجية.
ويستخدم الاحتياطى من النقد الأجنبى لدى البنك المركزى، بمكوناته من الذهب والعملات الدولية المختلفة، فى توفير السلع الأساسية وسداد أقساط وفوائد الديون الخارجية، ومواجهة الأزمات الاقتصادية، فى الظروف الاستثنائية، مع تأثر الموارد من القطاعات المدرة للعملة الصعبة، مثل الصادرات والسياحة والاستثمارات، بسبب الاضطرابات، إلا أن مصادر أخرى للعملة الصعبة، مثل تحويلات المصريين فى الخارج التى وصلت إلى مستوى قياسى، واستقرار عائدات قناة السويس، تساهم فى دعم الاحتياطى فى بعض الشهور.
وتراجع الدين الخارجى لمصر ليسجل 153 مليار دولار بانخفاض قدره نحو 15 مليار دولار ويعد هذا الانخفاض الأكبر حجما فى تاريخ المديونية الخارجية على الاطلاق، بما يؤكد قدرة مصر على سداد الديون الخارجية فى مواعيد محددة خاصة مع الظروف الاقتصادية العالمية المعقدة والتوترات الجيوسياسية الحالية شديدة التعقيد التى تعانى منها منطقة الشرق الأوسط.