كيف تضلل إسرائيل أطفالها؟.. أساتذة الأدب العبرى بمصر: كتب أدب الطفل بدولة الاحتلال تقلب الحقائق.. وتزعم أن أرض فلسطين حقهم وأنهم يريدون السلام.. ويظهرون العرب درجة ثانية وفلسطين شعبا همجيا لا يستحق الاستقلال

الجمعة، 22 نوفمبر 2024 10:34 ص
كيف تضلل إسرائيل أطفالها؟.. أساتذة الأدب العبرى بمصر: كتب أدب الطفل بدولة الاحتلال تقلب الحقائق.. وتزعم أن أرض فلسطين حقهم وأنهم يريدون السلام.. ويظهرون العرب درجة ثانية وفلسطين شعبا همجيا لا يستحق الاستقلال غلاف الكتاب الإسرائيلى
بسنت جميل

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

لا تتوقف إسرائيل عن سياساتها المُضللة سواء لشعبها أو العالم أجمع، فهى اعتادت عن تصدير صورة ذهنية مغلوطة حول القضية الفلسطينية، محاولة دائمًا تصدير صورة سلبية حول الفلسطينيين والعرب بشكل عام، مع ادعاءات مُستمرة بالمظلومية، ونحن الآن نشهد ما يحدث فى غزة من جرائم إنسانية، حيث ما تفعله إسرائيل تجاه الشعل الفلسطينى لأكثر من عام حتى الآن، فهى لا تُفرق بين كبار السن والأطفال والنساء، فكلهم سواسية أمام رصاص جيش الاحتلال، الذى يقتلهم دون شفقة أو رحمة ولم تكتف إسرائيل عند هذا الحد، بل تدس فى عقول شعبها فكرة أنها بلد يريد السلام والخير، وهو ما تؤكده أيضًا من خلال الأدب، وخاصة المُوجه منه للأطفال لصناعة جيل كامل عدوانى يكره العرب. 

من هنا حرصنا على الكشف عما يكتبه جيش الاحتلال الإسرائيلى لأطفاله، لنرى كذبهم وخداعهم وكيف يضعون غمامة سواء على عيون أطفالهم؟ حتى لا يصدقوا ما يشاهدونه فى وسائل الإعلام أو على مواقع التواصل الاجتماعى، خوفًا من تخلى الأطفال عن هويتهم الإسرائيلية وإدراكهم بأنهم شعب دموى ومعاد للإنسانية على مدار التاريخ.


 

كتاب "من أجل الصهيونية"

ويتناول الكتاب فكرة «عرّف طفلك على التاريخ الحقيقى الملهم لإسرائيل والشعب اليهودى»، وهو صادر فى يناير عام 2020 للمؤلف زئيف صهيون.

يبدأ المؤلف بتحديد عمر الطفل الإسرائيلى الذى يرغب فى التحكم بأفكاره، ويقول «اصطحب طفلك (6 سنوات فأكثر) فى رحلة مثيرة لروح الشعب اليهودى عبر التاريخ حتى تحول الحلم الصهيونى إلى حقيقة».

ويعترف المؤلف بأنه كتب الكتاب لمهاجمة كتاب يدعم فلسطين، ويوضح المؤلف «عرّف طفلك على عودة الشعب اليهودى إلى الأرض الموعودة، والدور المهم الذى تلعبه إسرائيل فى تأمين مستقبل اليهود من بين أمور أخرى، يعد هذا الكتاب ردا على كتاب الأطفال الشهير P is for Palestine.

ويحفز المؤلف الأطفال على ضرورة العداء، ويقول «لقد ولت الأيام التى يمكن فيها لأطفالنا أن يكبروا أبرياء، لقد غمرتهم الآن الدعاية المناهضة لأمريكا /المناهضة لإسرائيل عبر الإنترنت، وفى المدرسة وفى وسائل الإعلام».
ويبدو أن المؤلف يتخوف من عرض حقائق إسرائيل على وسائل الإعلام ويزعم، قائلًا: «إن هذا الكتاب هو إجراء صغير للرد على المعلومات المضللة التى قد يتعرض لها الأطفال، بالنسبة للبعض، أصبحت الصهيونية كلمة سيئة لا يمكن نطقها فى الأماكن العامة»، مضيفًا: «هذا هراء.. نحن بحاجة إلى تعليم أطفالنا أن يكونوا صهاينة فخورين».
ونظرًا لفقدان الشعب الإسرائيلى المحتل للتاريخ فهو دائمًا يميل إلى كتابة تاريخه وفقًا لأهوائه ومتطلباته من وجه نظره، فالكتاب يبدأ بعرض مقدمة عن اليهودية؛ تاريخ إسرائيل.

ويزعم المؤلف، إن إسرائيل قوة من أجل الخير فى العالم؛ وتكمن أهمية إسرائيل للدفاع عن النفس اليهودية ويدور حول مناقشة معاداة السامية؛ والرفض العربى الفلسطينى لإسرائيل.

b246759e-753e-41f8-9ac5-39ee53dd0c8f
غلاف الكتاب من أجل الصهيونية

 

قصة إسرائيلية أخرى

ولم تكتف إسرائيل بهذا الكتاب، بل بين وقت وآخر تقدم كتب أخرى وقصص مختلفة لجميع الأطفال، فعلى سبيل المثال قدمت قصة: ماذا تعنى إسرائيل بالنسبة لنا؟، وهو يشرح أهمية إسرائيل ومكانتها الأخلاقية لأطفالهم الصغار، للمؤلف يسرائيل جوسكويتز، والكتاب صدر فى 16 مارس 2024، وبالطبع مُلاحظ أن توقيت الصدور جاء بعد المجازر الدموية التى تحدث فى فلسطين، وتزعم القصة أيضًا، أنه تم بناء إسرائيل على قيم أخلاقية رائعة وتريد حقًا السلام مع جميع جيرانها.

 

1665a933-1ed7-43c5-b0af-2d718a24e7f0
غلاف كتاب ماذا تعنى اسرائيل بالنسبة لنا 

 

أساتذة الأدب العبرى بمصر يكشفون الحقائق

من جانبنا تواصلنا مع الدكتورة مروة وهدان، أستاذة الأدب العبرى بكلية الألسن، جامعة عين شمس، وقالت إن الأدب العبرى الإسرائيلى تغير بشكل عام، فقبل حرب أكتوبر 1973 شىء وبعد حرب 73 شىء آخر.

وأوضحت، أن قبل 73 كانت أغلب الأعمال الأدبية تظهر العربى بأنه قاتل، وتظهره فى صورة سلبية جدًا، وبعد الحرب تغيرت الصورة الذهنية عندهم فى أدب الطفل، فبدأ التركيز على ضحايا الهولوكوست ومعادة السامية واللاجئين الإسرائيليين.

وتابعت «وهدان»، أنه بسبب طبيعة الشعب الإسرائيلى بأنه من الشعوب الخائفة، فبدأت تظهر القصص والروايات التى تقدم بطلا يهوديا موازيا له بطل عربى، ولكن دائمًا البطل العربى يكون درجة ثانية وهم درجة أولى، كما أن متن القصة فى الأغلب يصدر ضرورة التعايش وتقبل الوضع الحالى مع عدم مطالبة الفلسطينيين بأرضهم.

فى السياق ذاته قالت ناهد رحيل، أستاذ الأدب العبرى بكلية الألسن جامعة عين شمس، إن أدب الأطفال يؤدى دورا مركزيا فى تشكيل الأيديولوجية السياسية للمتلقى الناشئ بشكل عام، وفى بلورة الصراع العربى الإسرائيلى وصياغة السردية الفلسطينية والشخصية العربية على وجه الخصوص؛ حيث يتوسط أدب الأطفال الصراعات التى يجد المجتمع المتحكم بالسرد نفسه فيها، ويصيغها بطرق مختلفة تخدم أهدافه الخاصة. وأوضحت ناهد رحيل، من المهم أن نذكر أن الخطاب الأدبى المُوجه للطفل فى المجتمع الإسرائيلى، مثله مثل المناهج التعليمية، يندرج ضمن الخطابات الخاضعة للسلطة بصورة مباشرة، فهى التى توفر له سبل البوح والاعتراف، أو المنع والمُصادرة، فإن دولة إسرائيل تُحاول منع الروايات المختلفة ومصادرتها؛ فهى لا تسمح بتداول أى رواية غير الرواية الرسمية التى تنفى وقوع النكبة، فى محاولة لمنع حدوث تصدعات فى القصة القومية المتجانسة التى تسعى إلى سردها.

وأشارت، إلى أن النكبة الفلسطينية على سبيل المثال من الموضوعات التى لا يتم تدريسها فى المناهج التعليمية داخل المجتمع الإسرائيلى، إلا بشكل قليل، مقارنة بالمحرقة النازية، ففى أكتوبر 2009 أمرت وزارة التربية والتعليم بجمع كل نسخ كتاب التاريخ المدرسى «بناء دولة فى الشرق الأوسط»، المخصص للصفوف 11 و12 الثانوية؛ لأن الكتاب يشرح مفهوم «النكبة» ويستخدم مصطلح «التطهير العرقى»، ويعرض لأول مرة فى الكتب الدراسية الرواية الفلسطينية والرواية الإسرائيلية جنبًا إلى جنب، وبالتالى، فإن مستوى معرفة  الطلاب الإسرائيليين بالنكبة، عمدًا، قليل جدًا.

وتابعت «رحيل»، قد ميز التصنيف الكلاسيكى لأدب الأطفال بين أدب الأطفال الرسمى وأدب الأطفال غير الرسمى، ووفق هذا التصنيف يوجد نظامان لأدب الأطفال؛ الأول، يعزز القيم المهيمنة باعتباره جزءا من نظام التنشئة الاجتماعية الذى يمر به الأطفال ويبنى صورة لعالم متناغم بين الأطفال والكبار، وآخر يبنى عالمًا تخريبيًا ظاهريًا، فعالم الأطفال لا مكان فيه للكبار، وعلى الرغم من الشعور بأن هذا الأدب يمنح الطفل الحرية السلوكية والفكرية التى سلبت منه، فإنه فى الواقع يشجع الأطفال على التكيف مع القواعد الحاكمة لعالم الكبار.

وأضافت، حافظ هذا التصنيف فى مجمله على الصورة النمطية الاستيهامية لشخصية الفلسطينى التى تتواءم مع أهداف المشروع الاستعمارى واتخذ موقفًا متعاليًا ونمطيًا تجاه العرب، حيث قدمهم بطريقة نمطية وأحادية، وتبنى موقفًا نمطياً أو عنصريًا أو شوفينيًا. وفى هذا الصدد، كانت الشخصية المتخيلة بمثابة  قوالب تؤدى الوظائف الاجتماعية نفسها، التى تتطلب تسييس الخوف، وإنكار الدافع الوطنى للشعب الفلسطينى، وتقديمه على أنه شعب بدائى وهمجى لا يستحق الاستقلال السياسى، ومن هنا، يتشكل وعى الطفل داخل المجتمع الإسرائيلى فى ظل شعور هائل بالتهديد، مما يحول دون أى إمكانية للتماهى مع الطفل الفلسطينى أو معرفته، بل من خلال التعميمات وسردية العنف، مما يجعل الطفل ضحية، مدعوة للتضحية بمن يهددونه.

ولفتت، إلى أنه رسخ هذا التصنيف لمفهوم الخيال الجغرافى الذى عمد إليه المستعمر لصياغة عالم تخييلى يفرغ الفضاء الجغرافى من الوجود الإنسانى ليسهل من فرض سيطرته على المكان من ناحية، ولمحو تاريخ المكان المادى وتغيير معالمه وإعادة ملئه بالاستعمار من ناحية أخرى، ليتجاور النسق التخييلى مع تمثيله على أرض الواقع، إلا أنه مع بداية تسعينيات القرن العشرين، تشكلت مجموعة ثالثة اشتملت على إنتاجات أدبية تهدم مفهوم الهيمنة، ليس فقط فيما يتعلق بمكانة الطفل فى عالم الكبار، بل فيما يتعلق بصحة القيم التى تكرسها تلك الهيمنة كذلك، وهو ما يطلق عليه «أدب الأطفال التخريبى»، الذى يرى فى الطفل كيانًا قادرًا على تكوين رأيًا مخالفًا لرأى المؤسسة المهيمنة، وهذا الأدب يقوض النهج الذى يعتبر أدب الأطفال «أدبًا  ممنهجا» أو حتى إمبرياليًا يربى النشء على تبنى الصوت الرسمى والأعراف المهيمنة.

وأكدت ناهد رحيل، على أن تلك المجموعة تميزت بعدة سمات؛ حيث تتبنى نهج الكتابة الواعية، عادة ما تكون واقعية، أو بأسلوب الواقعية السحرية سواء من ناحية التمثيل السياسى والفعلى للواقع المعيب، أو من ناحية التطلع إلى تصحيحه، وتميل إلى استخدام الكتابة ثنائية اللغة كوسيلة لشرعنة صوت «الفلسطينى» المهمش، ولوضع الرواية الفلسطينية بجانب الرواية الإسرائيلية، كما اتخذت تلك الكتابات موقفا مضادا تجاه المشكلات السياسية والاجتماعية السائدة فى الواقع ورغبت فى إثارة حساسية مماثلة لدى القراء، ومالت إلى التنازل عن بنية الخروج مقابل رحلة العودة، والتحول من النهاية السعيدة إلى النهاية التى بموجبها سيكون «كل شيء على ما يرام»، وتحويل تمثيل الطفولة المتجانسة إلى طفولة متنوعة تعطى صورة صلاحية مختلفة للاعتراف بـ«الآخر»، والانتقال من صورة الطبيعة الرعوية إلى طبيعة مصابة ومتحللة ومهددة.

وأفادت، يمكن القول بأن أدب الأطفال داخل المجتمع الإسرائيلى هو أدب «غير ممكن تحقيقه»، فبالرغم من أنه أدب يستهدف الأطفال فى الواقع، إلا أنه يتعامل مع الكبار، ويصنعه الكبار، ويهدف إلى تلبية احتياجاتهم عبر صياغة شخصيات الأطفال الأدبية، والتى  تجعل القراء الصغار يتماثلون معها، وبالتالى يستوعبون الصور التى يرغب الكبار فى صناعتها ونقلها، لذلك نجد أنفسنا أمام نوعين من أدب الأطفال: الأدب الذى ينتجه الكبار ممن ينشرون قيم الهيمنة، إلى جانب الأدب الذى ينتجه الكبار ممن ينتمون إلى أقلية إدراكية/إيديولوجية، يريدون أن تكون أعمالهم نقيضًا تخريبيًا للروايات الرسمية.

p
عدد اليوم السابع






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة