تستعد أوروبا لأزمة جديدة للطاقة هذا الشتاء، حيث أن أسعار الغاز الطبيعي القياسية آخذة فى الارتفاع مما يشير إلى حالة من عدم اليقين بشأن العرض الكافى وارتفاع الطلب مع دخول أوروبا فصل الشتاء الثالث لحرب أوكرانيا.
سجلت أسعار الغاز فى أوروبا أعلى مستوى فى نحو عام، وتجاوزت مستوى 500 دولار لكل ألف متر مكعب، وذلك للمرة الأولى منذ نهاية نوفمبر 2023، وذلك بالتزامن مع ملء مخزونات أوروبا للاستعداد للشتاء.
ووفقا للخبراء فإن قدرة تخزين الغاز فى الاتحاد الأوروبى بلغت 90% فى أغسطس، قبل الموعد النهائى بوقت طويل، و"اليوم، يبلغ تخزين الغاز 95% من طاقته، أى أكثر بكثير من 100 مليار متر مكعب، ومع ذلك، فإن الطلب المتزايد على التدفئة والكهرباء بسبب انخفاض درجات الحرارة قد اختبر القدرات بالفعل فى الأسابيع الأولى من شهر نوفمبر، حسبما قالت صحيفة لابانجورديا الإسبانية.
وفقًا لبيانات من مؤسسة Gas Infrastructure Europe، البنية التحتية للغاز فى أوروبا، فإن درجات الحرارة المنخفضة الأخيرة أدت إلى زيادة تدفقات الغاز إلى الخارج فى أوروبا خلال الأسبوعين الأولين من شهر نوفمبر، مما أدى إلى ضغط حوالى 4% (4.29 مليار متر مكعب) من إجمالى سعة تخزين الغاز فى أوروبا، وهناك توقعات أن مستويات التخزين لن تكون مرتفعة فى ربيع 2025 كما كانت فى نهاية الشتاء السابق، فى أبريل 2024، عندما بلغت 60% من طاقتها.
وأشارت المؤسسة الأوروبية إلى أنه "يبدو أنها قد تكون أقل بكثير من 50% هذا الشتاء، مما يعنى أن أوروبا ستحتاج إلى شراء المزيد من الغاز هذا العام لاستعادة تخزين الغاز إلى مستوياته الكاملة تقريبًا، وهذا، إلى جانب الطقس البارد نسبياً، من المرجح أن يبقى الأسعار مرتفعة بشكل معقول مقارنة بمستوياتها خلال فصل الشتاء السابق، الذى كان أكثر اعتدالاً نسبياً".
كما أشارت صحيفة الدياريو الإسبانية فى تقرير لها نشرته على موقعها الإلكترونى، إلى أن وكالة بلومبرج حذرت أيضا من انخفاض احتياطات الغاز ووصول الطقس البارد والعقوبات التى فرضتها الولايات المتحدة الأمريكية على بنك جازبروم الروسى، السئول عن معاملات الدفع لمستوردى الوقود الروسى، حيث أنها ستؤثر على أسعار الغاز فى الشتاء.
حذرت وكالة بلومبرج من أن العقوبات الأمريكية الأخيرة ضد البنك الروسى جازبروم تزيد من تعقيد الوضع ويمكن أن تؤدى إلى أزمة فى أوروبا. ويزداد الخطر مع اقتراب نهاية صفقة نقل الغاز الطبيعى المسال الروسى عبر أوكرانيا.
يشار إلى أن النمسا ودول الاتحاد الأوروبى التزمت منذ وقوع الحرب الروسية على أوكرانيا بإنهاء الاعتماد تدريجيا على إمدادات الغاز الطبيعى الروسى.
وهذا يعنى أن أى شيء يحدث فى العالم يؤدى إلى زعزعة استقرار أسواق الطاقة فى أوروبا، وهو ما حدث منذ سنوات مضت فى الحرب فى أوكرانيا، حيث أن اعتماد أوروبا الوسطى والشرقية فى مجال الطاقة على مورد مثل روسيا أدى إلى تغيير جذرى فى استراتيجية الطاقة الأوروبية.
كما هو الحال بالنسبة للكهرباء، حيث أن قلة الشمس مع هطول أمطار الخريف وموسم إغلاق محطات الطاقة النووية استعدادًا لفصل الشتاء، تؤدى إلى إحداث فوضى فى سوق الكهربا، وبالنظر إلى الأسعار التى تزيد عن 120 يورو لكل ميجاوات فى الساعة، إلا أنها لن تقف هنا بل من المتوقع أن تزيد خلال الفترات المقبلة نتيجة لزيادة أسعار الغاز أيضا.
وهذه المستويات هى الأعلى التى يتم تسجيلها فى أوروبا ولم يتم الوصول إلى مستويات الطلب العالية بعد، لذا قد يرتفع السعر فى الأسابيع المقبلة مع قدوم الشتاء.
ويجب أن نضيف إلى ذلك الشكوك الجيوسياسية التى حدثت فى الأيام الأخيرة، والانقطاع المحتمل لإمدادات الغاز عن بلدان وسط وشرق أوروبا يضغط على الأسعار، وفى هذه البلدان يمكن رؤية أسوأ الأوضاع على النحو الذى هى عليه الآن.
قد يكون لدى ألمانيا 60% من مصادر الطاقة المتجددة، ولكن فى هذه الأيام وصلت ساعات العمل إلى 800 يورو لكل ميجاوات فى الساعة لأن الرياح اختفت واضطرت إلى تشغيل محطات زيت الوقود،ويعنى ارتفاع أسعار الطاقة أن الاقتصاد الأوروبى وصناعته سوف يعانيان بشكل أكبر، خاصة وأن أوروبا خسرت سنة كاملة بسبب الانتخابات، ما تأثيرات واضحة لألمانيا بشكل خاص مع انتخابات مبكرة وخسائر واضحة.