في وقت تتزايد فيه المخاوف من ظهور شباب مدمنين، يبرز تهديدٌ آخر يعصف بجهود مكافحة هذه الآفة، وهي مراكز علاج الإدمان غير المرخصة، حيث أصبحت هذه المراكز التي تفتقر إلى الترخيص والمراقبة الصحية تُمثل خطراً حقيقياً على صحة المرضى وعلى المجتمع بأسره، ورغم ما تبذله الحكومة من جهود للحد من هذه الظاهرة، فإن هذه المراكز تُشكل نقطة ضعف كبيرة في المعركة ضد الإدمان، مع ما تحمله من أخطار كبيرة.
وفي هذا الإطار، وجهت وزارة الداخلية مؤخرا العديد من الحملات الأمنية لاستهداف مراكز علاج الإدمان غير المرخصة، ونجحت في ضبط مركز لعلاج الإدمان بدون ترخيص بالقاهرة والقائمين على إدارته، وذلك إستمراراً لجهود أجهزة وزارة الداخلية لمكافحة الجريمة بشتى صورها لاسيما ضبط المنشآت الطبية لعلاج الإدمان بدون ترخيص، حيث أكدت معلومات وتحريات الأجهزة الأمنية بمديرية أمن القاهرة قيام أحد الأشخاص بإدارة مركز طبى لعلاج الإدمان كائن بدائرة قسم شرطة المقطم "بدون ترخيص".
وعقب تقنين الإجراءات تم استهداف المركز المشار إليه وتبين وجود 35 نزيل بداخل المركز ، فتم ضبط المدير المسئول ومالك المركز، وبمواجهتهما إعترف بإدارة المكان كمنشأة طبية لعلاج الإدمان مقابل مبالغ مالية "بدون ترخيص" .
وفي ذات السياق، شنت الإدارة العامة لمكافحة المخدرات بقطاع مكافحة المخدرات والأسلحة والذخائرغير المرخصة بالاشتراك مع قطاع الأمن العام ومديرية أمن القاهرة والجهات المختصة حملة أمنية لضبط المراكز العلاجية غير المرخصة بنطاق محافظة القاهرة.
وعقب تقنين الإجراءات تم ضبط 8 مراكز لعلاج الإدمان بدون ترخيص وضبط 8 أشخاص من المشرفين على تلك المراكز، لوجود العديد من المخالفات أبرزها "عدم وجود ترخيص – عدم وجود موافقة من الجهات المختصة – مزاولة مهنة الطب البشرى بدون ترخيص – عدم إتباع سياسات مكافحة العدوى"، فتم اتخاذ الإجراءات القانونية.
اللافت للانتباه، أن الضحايا في هذه المراكز يؤكدون أنها تزيد الجروح ولا تشفيها ويتلقون معامة قاسية داخلها، فهى عبارة عن لافتات وهمية تخفي وراءها مأساة كبيرة وتخنق الطريق إلى الشفاء.
وأكد خبراء أمنيون، أن العديد من المراكز غير المرخصة في مجال علاج الإدمان تعمل تحت غطاء من السرية، فبدلاً من تقديم علاجٍ علمي متكامل، تعتمد هذه المراكز على طرق غير قانونية وغير مهنية قد تتسبب في تفاقم حالة المرضى أو تعرضهم لمخاطر صحية إضافية، وتستقطب هذه المراكز فئات عديدة من المدمنين، خاصةً في المناطق ذات الكثافة السكانية المرتفعة.
وتتمثل المخاطر الناجمة عن هذه المراكز في عدم توفر المعدات الطبية الحديثة، والافتقار إلى الأطباء المتخصصين، بالإضافة إلى وجود بيئة غير صحية قد تؤدي إلى مضاعفات صحية خطيرة، وفي حالات عديدة، يتم استخدام أساليب قاسية وغير إنسانية في التعامل مع المرضى، مما يؤدي إلى مشاكل نفسية حادة قد تفاقم معاناتهم بدلاً من علاجها.
وفي مواجهة هذا التحدي، تتسارع جهود الأجهزة الأمنية لضبط مراكز علاج الإدمان غير المرخصة، حيث نجحت وزارة الداخلية في ضبط أكثر من 120 مركزًا غير مرخص خلال العامين الماضيين في عدة محافظات، بالإضافة إلى إغلاق العديد من المنشآت التي تمارس أنشطة غير قانونية في مجال علاج الإدمان، وقد أسفرت هذه الحملات عن إلقاء القبض على 75 شخصًا من العاملين في هذه المراكز، بينهم عدد من الأطباء غير المؤهلين، بالإضافة إلى مصادرة كميات كبيرة من الأدوية والمستحضرات المخدرة المستخدمة في العلاج.
وعلى الرغم من هذه الجهود المبذولة من قبل الجهات الأمنية، إلا أن مشكلة مراكز العلاج غير المرخصة تظل قائمة بشكل كبير، وتزداد مع تفشي ظاهرة الإدمان في المجتمع.
ويُعزى انتشار مراكز العلاج غير المرخصة إلى عدة عوامل، منها: ضعف الثقافة الصحية المتعلقة بالإدمان، والافتقار إلى الوعي الكافي لدى بعض الأسر التي تجد في هذه المراكز منفذًا سريعًا لعلاج أبنائها المدمنين.
وتسعى الجهات المعنية إلى تكثيف الرقابة على مراكز علاج الإدمان وضمان ترخيصها بشكل قانوني، وقد أطلقت وزارة الصحة في السنوات الأخيرة حملات توعية للمواطنين، تشدد خلالها على ضرورة اللجوء إلى المراكز المرخصة فقط، والتي يتم إشرافها من قبل مختصين في علاج الإدمان، بالإضافة إلى ذلك، أُنشئت مراكز علاجية مرخصة جديدة في مختلف أنحاء البلاد، لضمان توافر الرعاية الصحية المتكاملة للمحتاجين.
ومن ثم، فإن قضية مراكز علاج الإدمان غير المرخصة في مصر تتطلب استجابة شاملة على المستوى الأمني والصحي والتثقيفي، وعلى الرغم من أن جهود وزارة الداخلية في ضبط هذه المراكز قد أثمرت في عدة مناسبات، إلا أن الأمر مازال يحتاج لرفع الوعي المجتمعي، لضمان القضاء على هذه المراكز غير المرخصة بشكل جذري.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة