مع التوصل إلى اتفاق لـ وقف إطلاق النار فى لبنان، أصبحت الآمال معلقة الآن بإمكانية تحقيق مثل هذه الخطوة فى غزة، وإن كان الأمر أكثر تعقيدا على مستويات عدة، لكن يبدو أن الرئيس الأمريكي جو بايدن سيركز أيامه الأخيرة فى البيت الأبيض من أجل تحقيق هذا "الإنجاز".
وقالت صحيفة نيويورك تايمز إن جو بايدن حصل أخيرا على اتفاق للسلام فى حديقته الوردية، لم يكن هو نفس الاتفاق الذى سعى للتوصل إليه على مدار أغلب العام الماضى. ورغم ذلك، كان إنجازا، ولحظة حلوة من التصديق بعد انتخابات مريرة.
والسؤال هو ما إذا كان اتفاق وقف إطلاق النار فى لبنان الذى أعلنه بايدن أمس الثلاثاء، سيكون بمثابة خاتمة لجهوده الدبلوماسية فى الشرق الأوسط أو حجر الأساس لمزيد من الاتفاقيات الأكثر شمولا، التي يمكن أن تنهى الحرب المدمرة فى غزة، وربما تمهد أيضا لتحول إقليمى أوسع.
وتقول نيويورك تايمز إنه لو صمد، فإن اتفاق وقف إطلاق النار فى لبنان نفسه يمكن أن يحدث فارقا مهما. فقد تم تصميمه لاستعادة الاستقرار على الحدود بين إسرائيل ولبنان، والسماح لمئات الآلاف من المدنيين النازحين على كلا الجانبين بالعودة إلى منازلهم مع تقديم منطقة عازلة لضمان الأمن الإسرائيلى ويقم فرصة للحكومة اللبنانية لإعادة فرض سيطرتها على أراضيها من حزب الله الذى تم إضعافه.
لكن مع خروج بايدن من المكتب البيضاوى إلى الحديقة الوردية فى يوم مشمس فى نوفمبر فى شتاء رئاسته ليعلن عن الاتفاق، كان لدى بايدن بشكل واضح طموحات أكبر فى ذهنه. حيث قال إن الاتفاق يذكرنا أن السلام ممكنا، وأضاف أقول هذا مجددا: السلام ممكنا، وطالما أن الأمر كذلك، فلن أتوقف للحظة واحدة عن العمل لتحقيقه.
ومع تبقى 55 يوما له فقط فى البيت الأبيض، فإن بايدن يصارع ساعة التاريخ. وربما يود أن يتم تذكره باعتباره الرئيس الذى وضع الشرق الأوسط على الطريق نحو تسوية دائمة لعداوات قديمة بدلا من أن يكون رئيس سلم الفوضى لخلفه.
ومع وجود اتفاق لبنان، قال بايدن إنه سيجدد جهوده من أجل اتفاق لوقف إطلاق النار فى غزة ، ويعمل مع مصر وقطر وتركيا، ودعا إسرائيل وحماس إلى استغلال الفرصة.
من ناحية أخرى، قال موقع أكسيوس إن الوصول إلى اتفاق لوقف إطلاق نار بين إسرائيل وحزب الله كان إنجازا دبلوماسيا تم تحقيقه بصعوبة، إلا أن منع انهياره قد يكون فى نهاية المطاف أكثر صعوبة.
وأشار الموقع إلى أن الولايات المتحدة ستكون أمامها مهمة الحفاظ على الهدوء على طول واحد من أكثر الحدود اشتعالا فى الشرق الأوسط بين إسرائيل ولبنان، وذلك خلال فترة انتقال السلطة الرئاسية، وفى ظل أزمة إقليمية أكبر لم تنته بعد.
وتطلب التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار فى لبنان مفاوضات معقدة، وشارك فيها الرئيس المنتخب دونالد ترامب وفريقه فى الأيام الأخيرة. ولو نجح الاتفاق فإنه سينهى عاما من إراقة الدماء ويسمح المئات الآلاف من الناس من كلا الجانبين بالعودة إلى ديارهم.
إلا أن الاتفاق يمنح الولايات المتحدة مهام صعبة تتعلق بمراقبة الانتهاكات، وربما ردع رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، الذى تعهد، حتى قبل إتمام الاتفاق، بالتخلى عنه لو تجاوز حزب الله أحد الخطوط الحمراء العديدة الواردة فيه.
وذكر التقرير بأن إسرائيل، وبعد الإعلان عن مبادرة أمريكية فرنسية لوقف إطلاق النار فى ديسمبر، فاجأت البيت الأبيض والعالم باغتيال زعيم حزب الله حسن نصر الله.
وفى حين أن الرئيس جو بايدن وكبار مستشاري لم يحزنوا لمقتل نصرالله، إلا أن قرار نتنياهو بعدم إخباره أدى إلى خلق توترات، بحسب ما قال مسئولون أمريكيون.
لكن بحلول منتصف أكتوبر، بدا مستشار بايدن أموس هوتكشتاين فى العمل مع لبنان وإسرائيل لصياغة اتفاق لوقف أطلاق النار.
وفى 31 أكتوبر، وقبل أيام من الانتخابات الأمريكية، زار مستشار بايدن إسرائيل والتقى بنتياهو. وبعد خمسة أيام من الانتخابات، التقى رون ديرمر المقرب من نتنياهو بالرئيس المنتخب دونالد ترامب فى مارالاجو، وأخبره بشأن المفاوضات اللبنانية. ولم يعترض ترامب، بل أبدى تأييدا لعمل نتنياهو مع بايدن للوصول إلى اتفاق قبل 20 يناير.
من ناحية أخرى، تحدثت مجلة فورين أفيرز عن الإجراءات التي يمكن أن يقوم بها بايدن فى أيامه الأخيرة فى البيت الأبيض من أجل تعزيز فرص السلام، وقالت إن هناك ثلا خطوات مهمة يمكن للرئيس الامريكى اللجوء إليها. إما من خلال العمل التنفيذي الذى قد يخفف معاناة الفلسطينيين والحفاظ على إمكانية حل الدولتين، والذى قد يكون أفضل سبيل لتعزيز أمن إسرائيل على المدى الطويل. وأضافت المجلة فى تقرير لها، الأربعاء، أنه ينبغى أن يعترف بايدن بالدولة الفلسطينية، وأن يرعى حلا على أساس الدولتين فى مجلس الأمن الدولى ويعزز التشريع الامريكى الخاص بنقل الأسلحة.
وتشير المجلة إلى أن هذه الإجراءات الثلاث بسيطة نسبيا، ومن الصعب التراجع عنها. كما أنها يمكن أن تساعد يوما ما فى تغيير مسار الشرق الأوسط الذى يتجه نحو كارثة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة