في ظل العدوان الذي يشنه جيش الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة ولبنان، أصدر وزير الدفاع الجديد يسرائيل كاتس قرارا بوقف استخدام قانون الاعتقال الإداري ضد المستوطنين المتورطين في أعمال عنف بحق الفلسطينيين في الضفة الغربية.
ويبرر الوزير كاتس إصدار القانون بقوله إن "الدولة اليهودية تتعرض لتهديدات إرهابية فلسطينية، وإن عقوبات دولية غير مبررة تفرض ضد المستوطنين بالإضافة لقانون الاعتقال الإداري الذي يعد إجراءً صارما ضد سكان المستوطنة".
ولقي قرار كاتس ترحيبا من وزيري الأمن الداخلي إيتمار بن غفير والمالية بتسلئيل سموتريتش، فهو يرفع التهديدات القانونية ضد عنف المستوطنين، الذي يتزايد بشكل واسع النطاق منذ هجوم طوفان الأقصى.
ويستخدم قانون الاعتقال الإداري بالأساس ضد الفلسطينيين كأداة للردع، إذ يسمح للجيش الإسرائيلي باعتقال الأشخاص دون مساءلة أو محاكمة علنية، بناءً على "معلومات سرية" لا يمكن للمحتجزين أو محاميهم الاطلاع عليها.
وفي حين يبلغ عدد الأسرى الفلسطينيين المحكوم عليهم إداريا 3343، فإنه لم يصدر إلا 16 أمر اعتقال إداري ضد المستوطنين، في عهد وزير الدفاع السابق يوآف جالانت، وما زال 7 منهم قيد الاعتقال، وفقا لصحيفة تايمز أوف إسرائيل.
وجاء في بيان لوزارة الخارجية الفلسطينية قالت فيه إن القرار الإسرائيلي يشجع المستوطنين على ارتكاب المزيد من الجرائم ضد الفلسطينيين وممارسة الإرهاب ضدهم، مضيفة أنها تنظر بخطورة بالغة للقرار الصادر بحق المستوطنين "الذين يرتكبون جرائم وانتهاكات ضد المواطنين الفلسطينيين".
من جهته، نشر النائب العربي في الكنيست أحمد الطيبي على صفحته في إكس أن "القرار هو شهادة كوشير (في إشارة إلى شهادات الطعام الحلال اليهودي) من وزير الدفاع للإرهاب اليهودي، ثم يتذمرون من لاهاي، باعتبارها حكومة تناصر الإرهاب".
وترى تقارير حقوقية أن حكومة الاحتلال تسعى في ظل الضغط الهائل على الجيش والشرطة إلى تقليل العبء عن المنظومة العسكرية عبر تجنيد غير رسمي للمستوطنين لتنفيذ اعتداءاتهم ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية، إذ يمنحهم حرية الحركة بحماية أمنية تحت غطاء حكومي مع حصانة تبعدهم عن أي مساءلة قانونية.
وذكر تقرير نشرته صحيفة هآرتس أن الأمور الرسمية المتعلقة بالمستوطنات أصبحت في أيدي المستوطنين بشكل كامل تقريبا، مضيفة أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عهد بصلاحيات واسعة النطاق للوزير سموتريتش، لذا فهو يتمتع بنفوذ كبير على الحياة اليومية للمستوطنين والفلسطينيين على حد سواء.
وعين سموتريتش بدوره حليفه المقرب، يهودا إلياهو، لقيادة إدارة المستوطنات التي تم تشكيلها حديثًا، بالإضافة لتعيين المستوطن المتطرف هيليل روث، نائبًا لرئيس الإدارة المدنية، والذي عدته الصحيفة مؤشرا صارخا على الضم الفعلي ونقل السلطات من الجيش إلى سلطة المستوطنين.
واعتبر تقرير الصحيفة أن القرار ليس مجرد استجابة ظرفية، بل يمثل جزءا من سياسة ممنهجة سبقتها سلسلة من الإجراءات والتسهيلات التي قدمتها وتقدمها إسرائيل للمستوطنين.
وظهر ذلك من خلال تسليح المستوطنين بشكل علني وتدريبهم، وازداد ذلك بعد إطلاق بن غفير نهاية العام الماضي حملة لتسليحهم، بدعوى توفير الحماية لهم من الهجمات الفلسطينية.
كما ظهر من خلال سياسة التغاضي عن الجرائم التي يرتكبها المستوطنون ضد الفلسطينيين، فيتم إشراكهم في مهام تتراوح بين حماية المستوطنات إلى تنفيذ اعتداءات على القرى الفلسطينية المجاورة.
ويقول سموتريتش في رده على القرار، إن كاتس "ألغى التمييز طويل الأمد ضد المستوطنين، ووضع حدا للظلم الذي يأتي فيه المستوطنون في المرتبة الثانية".
وهكذا يتم إلغاء الاعتقال الإداري، الذي يُستخدم بشكل واسع ضد الفلسطينيين حتى في حالات الشكوك غير المثبتة، عندما يتعلق الأمر بالمستوطنين، وهذا التمييز ووصف الفلسطيني بمواطن من الطبقة الثانية يكشف عن واقع الفصل العنصري الذي تديره إسرائيل في الضفة الغربية، حيث تُمارس سياسات ازدواجية تمنح المستوطنين امتيازات على حساب حقوق الفلسطينيين.
وفي تعليقه على القرار، حذر رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الأسبق غادي إيزنكوت من أن هذه الخطوة ستدفع باتجاه تصعيد خطير في الضفة الغربية سيدفعون ثمنه جميعا.
وقال إن جهاز الأمن الداخلي "الشاباك" كان يرفع تقارير للجيش فيما يخص اعتقال المستوطنين المتورطين في أعمال عنف ضد الفلسطينيين سابقا، أما بعد هذا القرار فكل مستوطن حر في تصرفه مع كل ما هو فلسطيني.
ولم تردع العقوبات الدولية إسرائيل لمنع المستوطنين من تنفيذ عمليات العنف ضد الفلسطينيين، بل جعلت منهم أكثر إصرارا على فتح جبهة لتدارك الوضع في الضفة الغربية، في ظل انشغال الجيش في الحرب على غزة في الجنوب ولبنان في الشمال.
فلقد سجل مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في تقريره الأخير أكثر من 300 حادثة مرتبطة بالمستوطنين في الضفة الغربية، في الفترة ما بين 1 أكتوبر و4 نوفمبر الجاري.
لذا، فإن القرار حول الضفة إلى مسرح لتصعيد غير مسبوق، تفرط فيه إسرائيل في استخدام القوة سواء عبر الجيش أو عبر مستوطنين مسلحين دعمتهم الحكومة في السابق أمنيا والآن تدعمهم أمنيا وقضائيا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة