سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 29 نوفمبر 1994.. الشيخ محمد الغزالى يزور نجيب محفوظ فى المستشفى بعد محاولة اغتياله ويؤكد: الشيخ كشك رجل جاهل وعمر عبدالرحمن إنسان مريض

الجمعة، 29 نوفمبر 2024 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 29 نوفمبر 1994.. الشيخ محمد الغزالى يزور نجيب محفوظ فى المستشفى بعد محاولة اغتياله ويؤكد: الشيخ كشك رجل جاهل وعمر عبدالرحمن إنسان مريض الشيخ محمد الغزالى
سعيد الشحات

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

كان الروائى الكبير «أديب نوبل» نجيب محفوظ بغرفته رقم 920 فى الدور التاسع بمستشفى الشرطة فى العجوزة يوم 29 نوفمبر، مثل هذا اليوم، 1994، يواصل علاجه من أثر محاولة اغتياله الفاشلة التى وقعت أمام منزله يوم 14 أكتوبر 1994، وإذا بالشيخ محمد الغزالى يدخل عليه زائرا، حسبما يذكر الكاتب والناقد رجاء النقاش فى كتابه «صفحات من مذكرات نجيب محفوظ».


كانت الزيارة هى اللقاء الأول بين الاثنين، وكان «محفوظ» فى المستشفى ضحية لحالة هستيريا دينية بسبب روايته «أولاد حارتنا»، التى انتهت «الأهرام» من نشرها مسلسلة يوم الجمعة 25 ديسمبر 1959، وظلت لسنوات سببا فى هجوم تيارات التكفير والإرهاب ضده، حتى وصلت إلى ترديد مفتى الإرهاب، عمر عبدالرحمن، فى أكثر من خطبة له بمسجده فى الفيوم فتواه بأن نجيب محفوظ مرتد عن الإسلام، وفقا لرجاء النقاش، موضحا: «أدلى الشيخ عمر بحديث لجريدة الأنباء الكويتية فى أبريل 1989 جاء فيه: إنه من ناحية الحكم الإسلامى فسلمان رشدى -مؤلف آيات شيطانية - ومثله نجيب محفوظ، مرتدان، وكل من يتكلم عن الإسلام بسوء فهو مرتد، والحكم الشرعى أن يستتاب، فإن لم يتب قتل، ولو نفذ هذا الحكم فى نجيب محفوظ عندما كتب أولاد حارتنا لتأدب سلمان رشدى».


كان «الغزالى» ممن وضعوا مبكرا حجرا فى هذه الهستيريا، وهو ما يتتبعه الكاتب الصحفى محمد شعير فى كتابه «أولاد حارتنا.. سيرة الرواية المحرمة»، قائلا، إن الكاتب والروائى سليمان فياض كان يعمل سكرتيرا فى مكتب وزير الأوقاف عام 1960، وكان الغزالى مسؤولا كبيرا فى الوزارة، وهو من سعى إلى تعيينه لقرابة بينهما، وفى تلك الفترة حضر فياض اجتماعا لما سميت لجنة «الدفاع عن الإسلام»، وهى لجنة ابتكرها الشيخان سيد سابق ومحمد الغزالى، وكلاهما كان عضوا سابقا فى جماعة الإخوان، وضمت اللجنة فى عضويتها 12 من كبار رجال الدين، وهدفها رصد افتراءات المستشرقين على الإسلام والرد عليها.


فى أحد اجتماعات هذه اللجنة كان محور «الدفاع عن الإسلام» مخصصا لمناقشة كيفية التصدى لرواية «أولاد حارتنا»، وكان فياض - بالمصادفة - حاضرا، ويتذكر فى شهادته لشعير: «كنت كاتب الجلسة، عندما بدأ الكلام عن «أولاد حارتنا»، هاجم الشيخ الغزالى الرواية هجوما شديدا، وقال إنها «إلحاد، وعبث بتاريخ الديانات»، فارتعش القلم فى يدى، فنظر إلىّ الغزالى، وكان يعرف أننى أكتب القصة، وأمرنى ألا أكتب شيئا من مناقشات اللجنة، بل هو من سيقوم بالكتابة»، ويؤكد «فياض» أنه حصل على نسختين من التقرير النهائى الذى تضمن نقدا حادا لمحفوظ وإدانة له، وفى يوم ندوة محفوظ الأسبوعية أعطاه نسخة، وعندما قرأها محفوظ تغير لونه، وأصبح أصفر مثل الليمونة.


يذكر «شعير» موقفا آخر فى يونيو 1991، قائلا، إن الغزالى كان ضيفا على صالون الأوبرا الذى يحمل اسم «صالون إحسان عبدالقدوس الثقافى»، واعترف وقتها علنا، لأول مرة، أنه كتب تقريرا رفعه إلى الرئيس جمال عبدالناصر يعترض فيه على نشر الرواية، وشاركه فى كتابة تقارير أخرى الشيخان محمد أبوزهرة وأحمد الشرباصى، وأعلن رأيه بصراحة تامة، قائلا: «الرواية كانت ناضحة بأن الحضارة محت الدين كله»، ودعا محفوظ إلى التبرؤ منها، مقرا أنه «كاتب ثرى ولديه أعمال رفيعة القيمة»، وعلق محفوظ باختصار على ما طالب به الغزالى: «الإنسان لا يستطيع أن يتراجع عن عمل كتبه»، وأنه على استعداد لمناقشة شيوخ الأزهر فى ما جاء فى الرواية، ولكن للمرة الثانية لم يكن أى من شيوخ الأزهر مستعدا للمناقشة.


أمام هذا الموقف للغزالى، يأتى السؤال: كيف كانت طبيعة زيارته ولقائه مع «محفوظ» الجريح فى المستشفى؟ يذكر «النقاش» أن اللقاء حضره من الكُتاب، «أحمد بهجت، ويوسف القعيد، ومحمد عبدالقدوس، وجمال الغيطانى، ويحيى مختار القاص المصرى المعروف بكتاباته عن أهل النوبة»، بالإضافة إلى زوجة نجيب محفوظ وابنتيه ونجل الشيخ الغزالى.


يضيف النقاش، أن الغزالى قال: «أدنت محاولة الاغتيال فى اليوم التالى لوقوعها، أنا ضدها على طول الخط، والمحاولة لا يقرها شرع ولا دين، والإسلام دين السماحة والعقل والتفكير، والذى يفتى فى الناس لا بد أن يكون من العلماء الذين يعلمون أصول الدين، والشيخ كشك رجل جاهل، وكتبت عنه، ووقف ضدى، أما عمر عبدالرحمن فهو إنسان مريض».


يوضح «النقاش» أن الشيخ عبدالحميد كشك الذى وصفه الغزالى بالجاهل، اعتاد فى خطبه كل يوم جمعة أن يهاجم نجيب محفوظ بعنف ويتهمه بالارتداد عن الإسلام، وأصدر كتابا بعنوان: «كلمتنا فى أولاد حارتنا» يردد فيه اتهامه لمحفوظ بالارتداد عن الإسلام، يذكر «شعير» نقلا عن يوسف القعيد الذى روى تفاصيل اللقاء بمجلة المصور 2 ديسمبر 1994، أن الغزالى شدد على أنه ضد «أولاد حارتنا» لكنه يدين محاولة الاغتيال التى «لا يقرها شرع ولا دين»، وعلق على إتاحة الرواية فى مصر، قائلا: «السموم أيضا تنشر خلسة والناس تقبل عليها».










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة