تمثل منصات التواصل الاجتماعى خطرا داهما على الأطفال ، وخاصة أنه لا يمكن التحكم فيما يشاهدون من مواد تنشر عبر تلك الوسائل مما يؤثر على تنشئتهم.
تنبهت بعض الدول لتلك المخاطر، فبعد أن حظرت فرنسا العام الماضي دخول الأطفال دون سن الـ15 إلى وسائل التواصل الاجتماعي دون موافقة الوالدين، بدأت أستراليا اتخاذ خطوات جدية لمواجهة هذا الخطر وصده، حيث صوت برلمان أستراليا، الجمعة، لصالح حظر استخدام وسائل التواصل الاجتماعي للأطفال دون سن الـ16، وسيبدأ تنفيذ القانون في يناير، على أن يدخل حيز التنفيذ بالكامل بنهاية 2025 لمنح الشركات الوقت الكافي للامتثال.
وبالمقابل، عبر قاصرون أستراليون عن عزمهم على التحايل على هذا الحظر، بطرق مختلفة .
ويُعتقد أن حكومات في النرويج والمملكة المتحدة، بالإضافة إلى بعض الولايات الأمريكية، تتابع باهتمام كيفية عمل التشريع الأسترالي عمليًا.
وهناك دول أخرى تدرس تطبيق الفكرة أيضا، وفى هذا السياق اتخذت هيئة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات (BTK) ووزارة الأسرة والخدمات الاجتماعية في تركيا إجراءات ضد استخدام الأطفال دون سن 13 عامًا لوسائل التواصل الاجتماعي.
وفي اللائحة المزمع إصدارها لحظر الوصول إلى هذه الوسائل، فإن الممارسات المتبعة في دول مثل الولايات المتحدة الأمريكية والصين وروسيا وإيطاليا مدرجة على جدول الأعمال، وفي هذا السياق، من المقرر حظر دخول الأطفال دون سن 13 عامًا إلى وسائل التواصل الاجتماعي.
وأعلن نائب رئيس هيئة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات عبد الكريم غون أنهم يعملون على وضع لائحة قانونية تحد من وصول الأطفال دون سن 13 عامًا إلى منصات التواصل الاجتماعي.
مضمون القانون
يُعتبر "قانون الحد الأدنى لسن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي" الذي أقره البرلمان الأسترالي أحدث وأشمل تشريع يُمرر من قبل دولة ديمقراطية؛ للحد من الوصول إلى وسائل التواصل الاجتماعي، وفق ما ذكرته صحيفة "واشنطن تايمز" الأمريكية.
ولفتت الصحيفة إلى أن القانون حصل على 34 صوتًا مقابل 19 في مجلس الشيوخ الأسترالي، وسط اعتراضات من نواب المعارضة الذين طالبوا بمناقشات أطول. وتم تأكيد القانون، بعد أن تم إحالته من مجلس الشيوخ إلى مجلس النواب.
ويشترط القانون على الشركات التي تدير منصات وسائل التواصل الاجتماعي مثل "ميتا" و"تيك توك" اتخاذ "خطوات معقولة" لمنع الأطفال دون سن الـ16 من الوصول إليها، وإلا فستواجه الشركات غرامات تصل إلى 32.5 مليون دولار أمريكي.
وفى هذا السياق ، قال رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيزي- بعد إقرار القانون- "وسائل التواصل الاجتماعي تضر بأطفالنا، والمنصات الآن تتحمل مسؤولية اجتماعية لضمان أن تكون سلامة أطفالنا أولوية لها." وأضاف: "رسالتنا للآباء الأستراليين هي: نحن معكم"، وأشارت وزيرة الاتصالات ميشيل رولاند إلى أن قوانين جديدة ستشمل منصات مثل "فيسبوك" و"إنستجرام" و"سناب شات" و"تيك توك" و"إكس".
وبحسب وسائل الإعلام الأسترالية، فإن المواقع التي لا تتطلب تسجيل دخول مثل "يوتيوب" لن تتأثر، وكذلك مواقع المراسلة والألعاب.
ويضع القانون العبء على المنصات لتثبيت بروتوكولات تحقق العمر في أستراليا. ومن يخالف من الأطفال الحظر- مثل أولئك الذين يصلون إلى المواقع عبر أدوات تجاوز الجدران النارية مثل VPN- لن يتعرضوا للعقاب.
وفي أولى ردود الفعل من الشركات المنصات، قالت ميتا (مالكة فيسبوك وإنستجرام): "نحترم القوانين التي قررها البرلمان الأسترالي"، لكنها أضافت: "نحن قلقون بشأن عملية تسريع التشريع".
وفي حين قالت تيك توك أستراليا: "نريد أن نعمل معًا لحماية المراهقين وتقليل العواقب غير المقصودة لهذا القانون بالنسبة لجميع الأستراليين".
وتم التعليق عالميًا على الأضرار النفسية المحتملة والفعلية للأطفال المعرضين للتنمر الإلكتروني والإقصاء والإساءة على وسائل التواصل الاجتماعي، والتي تتراوح بين معاناة الأطفال من تدهور صورتهم الذاتية إلى الانتحار.
وتقدم كانبيرا مرجعية للبرلمانات الأخرى التي تضمن حرية التعبير والتجمع لمواطنيها، ولكنها تكافح مع معضلة تنظيمية: إلى أي مدى يجب أن تكون حماية الشباب أولوية مقابل حقوق المواطنين، وما هي مسؤوليات المنصات؟.
ماسك ينتقد
ومن جانبه سبق وقد انتقد الملياردير الأمريكي إيلون ماسك، مالك منصة التواصل الاجتماعي "X"، القانون المقترح في أستراليا لحظر وسائل التواصل الاجتماعي للأطفال دون سن 16 عامًا وتغريم منصات التواصل الاجتماعي بما يصل إلى 49.5 مليون دولار أسترالي (32 مليون دولار) للشركات بسبب الخروقات النظامية.
وقال ماسك، في رد على منشور رئيس الوزراء أنتوني ألبانيز على X حول مشروع القانون: "يبدو وكأنه وسيلة خلفية للتحكم في الوصول إلى الإنترنت من جانب جميع الأستراليين".
وتعهدت العديد من الدول بالفعل بالحد من استخدام وسائل التواصل الاجتماعي من جانب الأطفال من خلال التشريع، لكن سياسة أستراليا قد تصبح واحدة من أكثر السياسات صرامة بدون استثناء لموافقة الوالدين والحسابات الموجودة مسبقًا.
كما ذهب X إلى محكمة أسترالية في أبريل الماضى للطعن في أمر هيئة تنظيمية إلكترونية بإزالة بعض المنشورات حول طعن أسقف في سيدني، مما دفع ألبانيز إلى وصف ماسك بأنه "ملياردير مغرور".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة