اخفاقات عدة شهدتها ولاية الرئيس الأمريكي جو بايدن علي صعيد الداخل والخارج، ربما تكون سبباً رئيسياً فى تحديد اسم الرئيس الجديد للولايات المتحدة، فما بين انسحاب فوضوي من أفغانستان، وإدارة خرجت عن السيطرة للحرب الروسية ـ الأوكرانية، وصولاً إلى غياب الحزم الأمريكي فى ملفات الشرق الأوسط، فضلاً عن ارتفاع مؤشرات التضخم داخل الولايات المتحدة وتراجع للقدرة الشرائية للأمريكيين، يعتقد الكثير من الناخبين أن عودة دونالد ترامب للبيت الأبيض باتت واجبة، غير أن نسبة لا يستهان من الأمريكيين تري أن ما تمثله المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس من استقرار والقليل من الصخب، يستحق أن يمنحها الفرصة لرئاسة البلاد، رغم كونها امتداد لإدارة بايدن، وشريكاً رئيسياً فى الحكم.
وقبل لحظة الحسم فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية، ربما لا يمتلك ترامب سلاحاً أقوي من "اخفاقات بايدن"، ليحسم من خلاله المعركة الانتخابية، فالمرشح الجمهوري الذي استطاع فى 2020 الحصول علي 74 مليون صوت، وهو الرقم الأعلي الذي يحصده مرشح جمهوري علي صعيد الترشح للولاية الثانية، يمتلك نهجاً مغايراً تماماً لذلك الذي اتبعه جو بايدن فى كافة الملفات الداخلية والخارجية علي حد سواء.
وبحسب تقرير نشرته شبكة "إن بي سي" الأمريكية، فإن ترامب يمتلك 5 مفاتيح للفوز فى الانتخابات، أولها "تصدع" ولايات الجدار الأزرق، فولايات ميشيجان وبنسلفانيا وويسكونسن يقعوا ضمن الولايات المتارجحة الحاسمة التي عادة ما تميل للديمقراطيين، إلا أن الولايات الثلاث خرجت عن مسارها ودعمت ترامب في 2016 وهي المرة الأولى منذ ثمانينيات القرن العشرين التي فضلت فيها جمهوريًا للبيت الأبيض.
وكان هدم ترامب للجدار الأزرق للديمقراطيين مفتاحًا لانتصاره في ذلك العام. وكان إصلاح بايدن له بعد أربع سنوات، عندما استعاد الثلاثة، مفتاحًا لخسارة ترامب في عام 2020، والآن، يبدوا أن الولايات الثلاثة من بين ساحات المعارك الرئيسية مرة أخرى، حيث أظهرت استطلاعات الرأي تعادلاً في جميعها. وبينما يركز ترامب وهاريس على أريزونا وجورجيا ونيفادا وكارولينا الشمالية، فمن الصعب أن نتخيل انتخاب أي منهما بدون ولاية واحدة على الأقل، إن لم يكن اثنتين، من الولايات ذات الجدار الأزرق.
وحافظ ترامب وزميله في الترشح، السيناتور جيه دي فانس من أوهايو، على وجود ثابت في "الثلاثة الكبار"، وخلال ذلك، ينهي ترامب حملته كما فعل في عامي 2016 و2020: بتجمع في جراند رابيدز بولاية ميشيجان.
لكن ترامب ينحرف أيضًا عن مسار ساحة المعركة المعتاد الأيام الأخيرة، حيث يضغط رحلات إلى نيو مكسيكو وفيرجينيا، ولا يُعتقد أن أيًا منهما في اللعبة. وقد يندم على هذه القرارات إذا تبين أنه كان من الممكن قضاء الوقت بشكل أفضل في، على سبيل المثال، ويسكونسن.
ويتسلح ترامب كذلك بأنصار منافسته علي انتزاع بطاقة ترشح الحزب الجمهوري نيكي هايلي، فالجمهوريين المعتدلين المستقلين الذين استجابوا لحملة هايلي التي شغلت منصب سفيرة أمريكا لدى الأمم المتحدة، يشكلون شريحة لا يستهان بها من الناخبين - فقد حصلت على ما بين 10% و22% من الأصوات في العديد من الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري حتى بعد إنهاء حملتها.
وأعلنت هايلي دعمها لترامب أثناء حملتها الانتخابية، إلا أنه حتي هذه اللحظة الأخيرة لا يبدو أن هناك خططا لها وللرئيس السابق لخوض حملة مشتركة. وبدون دفعة في اللحظة الأخيرة، قد يبقى بعض ناخبيها في منازلهم، أو يصوتون لهاريس أو مرشحا من حزب ثالث أو يكتبون اسم شخص آخر، وفي سباق متقارب، على ترامب مخاطبة هؤلاء أو الاتفاق مع هايلي لمساعدته في حشد الساعات الاخيرة
الشباب يشاركون
وبخلاف هايلي، يبدوا أن ترامب سيكون خياراً مفضلاً للشباب، حيث أعطى فريق ترامب الأولوية لمنصات الإعلام البديلة الشائعة بين الشباب. في الأيام الأخيرة من الحملة، قاطع كل من ترامب وفانس جداول ولايتهما المتأرجحة للهبوط في أوستن بولاية تكساس، والجلوس لإجراء مقابلات منفصلة لمدة ثلاث ساعات مع جو روجان، الذي يضم بودكاسته أكثر من 17 مليون مشترك على يوتيوب غالبيتهم من الشباب.
في حين أن تكساس ليست ساحة معركة، فإن "تجربة جو روجان"، التي تم إطلاقها في عام 2009، هي واحدة من أكثر البودكاست شعبية في الولايات المتحدة، وخاصة بين الشباب. في العادة، يجذب ضيوفًا من مجموعة من الصناعات بما في ذلك الترفيه والرياضة والتكنولوجيا والسياسة، وفي النهاية من المرجح ان يؤتي ثماره بالنسبة لترامب.
ميشيجان .. العرب وصناعة السيارات
للولاية دور استثنائي في تلك الانتخابات حيث تضم عدد كبير من الناخبين من أصول عربية ومسلمين غاضبين من تعامل اداره بايدن-هاريس مع الحرب في غزة، ورغم ان ترامب من اشد الداعمين لإسرائيل الا انه استطاع الحصول علي ثقتهم في انه الأكثر قدره على انهاء الحرب وتحجيم إسرائيل.
وفي استطلاع نشرته صحيفة ذا هيل، يتمتع ترامب بتقدم وطني بنسبة 45 إلى 43% على هاريس بين الناخبين من أصل عربي، سواء كانوا مسيحيين أو مسلمين، وحول من قد يتعامل بشكل أفضل مع الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، يتفوق ترامب على هاريس بنسبة 39 إلى 33% بين هذه المجموعة
تعتبر صناعة السيارات فى ميشيجان من الصناعات التاريخية، وهى مجتمع يغلب عليه العمال وحقق ترامب نتائج جيدة مع النقابات العمالية فى عام 2016، حيث كانت مخاوف التوظيف والتقاعد حيوية للمجموعة. وتتمتع الولاية على وجه الخصوص بأحد أعلى معدلات البطالة فى البلاد ، وفى هذه الانتخابات، سيكون التضخم وتكلفة المعيشة بلا شك على راس أولويات الناخبين هناك.
السود والمناطق الريفية
فى 2020، خسر ترامب جورجيا امام بايدن بهامش يكاد لا يذكر 0.23% فقط، وتمثل أصوات المناطق الريفية فى جورجيا ربع السكان وركز ترامب مع هذه التركيبة السكانية حيث فاز فى التصويت الريفى على المستوى الوطنى فى 2020 بفارق 25% لكنه يحتاج للمزيد فى الولاية.
فيما يتعلق بالسياسة الاقتصادية والهجرة، فإن الناخبين الريفيين هم أكثر احتمالا لدعم ترامب بمرتين اكثر من هاريس وفقا لاستطلاع رأى أجرته سيينا، ويعتبر الإجهاض أحد أهم ثلاث قضايا للناخبين فى المناطق الريفية، ويدعم 49% منهم ترامب مقابل 45% لهاريس وقد لا يتمكن الديمقراطيون من الفوز بتلك المقاطعات، ولكن يمكنهم خفض الهوامش والمساعدة فى زيادة إجمالى الأصوات للولاية وهناك قضايا مماثلة مطروحة فى ولاية نورث كارولينا التى فاز بها ترامب فى 2020 لكن تقدمه على الديمقراطيين انخفض إلى 1% فقط.
والولايتان هما حجر الزاوية فى ما يطلق عليه "ولايات الحزام الأسود" وهى ولايات الجنوب ذات الكثافة السكانية الكبيرة من الأمريكيين من أصل أفريقى والتى تصل إلى واحد من كل ثلاثة مقيمين فى جورجيا، وحقق ترامب تقدمًا فعليًا مع الناخبين السود فى عام 2020، ما زاد من حصته فى التصويت من 8 % إلى 12%.