مرة أخرى تثبت القناة الوثائقية، التابعة لشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، أنها حريصة على إلقاء الضوء على المفكرين المصريين الذين اجتهدوا وقدموا أفكارهم لفهم ما يجري حولنا وللتصدي للأفكار الهدامة التي لا تريد سلامًا، ومن هؤلاء المفكر الدكتور عبد الوهاب المسيرى.
والليلة في تمام الساعة 10 مساءً، تقدم الوثائقية فيلمها "المسيري.. مفكر ضد الصهيونية"، حيث يوثق الفيلم رحلة المفكر المصري الكبير الدكتور عبد الوهاب المسيري، منذ ميلاده فى ثلاثينيات القرن العشرين حتى وفاته عام 2008.
ويتناول أهم المحطات الفكرية في حياة الدكتور عبد الوهاب المسيري، ويستعرض نحو 40 عامًا من حياة "المسيري"، قضاها باحثًا ومنقبًا في الجذور الصهيونية، ونشأتها، وتطوراتها، وأهدافها، وتقاطعت مع أحداث مهمة في تاريخ الصراع العربي - الإسرائيلي، إلى أن توّج تلك الكتابات بمؤلفه الأهم في هذا المجال، وهو موسوعة "اليهود واليهودية والصهيونية"، التي صدرت في نهاية التسعينيات من القرن العشرين في ثمانية أجزاء، والتي تعد المصدر الأهم إلى اليوم لأجيال جديدة من الباحثين العرب والأجانب.
ويقدم الفيلم الوثائقي بعض الكتابات الحصرية بخط يد الدكتور عبد الوهاب المسيري، وشهادات - تظهر لأول مرة - عن حياته وأعماله، يرويها عدد من طلابه، وأصدقائه، وأقاربه، وبعض المفكرين والباحثين.
عبد الوهاب المسيري
حياة عبد الوهاب المسيري وعالمه
عبد الوهاب محمد المسيري (أكتوبر 1938 - 3 يوليو 2008)، مفكر وعالم اجتماع.
ولد عبد الوهاب المسيري في دمنهور 1938 وتلقى تعليمه الابتدائي والثانوي (مرحلة التكوين أو البذور)، والتحق عام 1955 بقسم اللغة الإنجليزية بكلية الآداب جامعة الإسكندرية وعُين معيدًا فيها عند تخرجه، وسافر إلى الولايات المتحدة عام 1963 حيث حصل على درجة الماجستير عام 1964 (من جامعة كولومبيا) ثم على درجة الدكتوراه عام 1969 من جامعة رَتْجَرز Rutgers (مرحلة الجذور)
وعند عودته إلى مصر قام بالتدريس في جامعة عين شمس وفي عدة جامعات عربية من أهمها جامعة الملك سعود (1983 – 1988)، كما عمل أستاذا زائرًا في أكاديمية ناصر العسكرية، وجامعة ماليزيا الإسلامية، وعضو مجلس الخبراء بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام (1970 – 1975)، ومستشارًا ثقافيًا للوفد الدائم لجامعة الدول العربية لدى هيئة الأمم المتحدة بنيويورك (1975 – 1979). ثم عضوا بمجلس الأمناء لجامعة العلوم الإسلامية والاجتماعية بليسبرج، بولاية فرجينيا بالولايات المتحدة الأمريكية، ومستشار التحرير في عدد من الحوليات التي تصدر في ماليزيا وإيران والولايات المتحدة وانجلترا وفرنسا (مرحلة الثمر).
رحلتي
ومن أهم أعمال الدكتور المسيري موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية: نموذج تفسيري جديد (ثمانية مجلدات) وكتاب رحلتي الفكرية: سيرة غير ذاتية غير موضوعية- في البذور والجذور والثمار. وللدكتور المسيري مؤلفات أخرى في موضوعات شتى من أهمها: العلمانية الجزئية والعلمانية الشاملة (جزأين)، إشكالية التحيز: رؤية معرفية ودعوة للاجتهاد (سبعة أجزاء). كما أن له مؤلفات أخرى في الحضارة الغربية والحضارة الأمريكية مثل: الفردوس الأرضي، والفلسفة المادية وتفكيك الإنسان، والحداثة وما بعد الحداثة، ودراسات معرفية في الحداثة الغربية. والدكتور المسيري له أيضًا دراسات لغوية وأدبية من أهمها: اللغة والمجاز: بين التوحيد ووحدة الوجود، و دراسات في الشعر، و في الأدب والفكر، كما صدر له ديوان شعر بعنوان أغاني الخبرة والحيرة والبراءة: سيرة شعرية. وقد نشر الدكتور المسيري عدة قصص وديوان شعر للأطفال
قدم الدكتور المسيري سيرته الفكرية في كتاب بعنوان رحلتي الفكرية – في البذور والجذور والثمر: سيرة غير ذاتية غير موضوعية (2001) حيث يعطي القارئ صورة مفصلة عن كيف ولدت أفكاره وتكونت والمنهج التفسيري الذي يستخدمه، خاصة مفهوم النموذج المعرفي التفسيري. وفي نهاية "الرحلة" يعطي عرضًا لأهم أفكاره.
موسوعة اليهود واليهودية والصهيوينة
مؤلف موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية أحد أكبر الأعمال الموسوعية العربية في القرن العشرين، واستطاع من خلالها إعطاء نظرة جديدة موسوعية موضوعية علمية للظاهرة اليهودية بشكل خاص، وتجربة الحداثة الغربية بشكل عام، مستخدماً ما طوره أثناء حياته الأكاديمية من تطوير مفهوم النماذج التفسيرية.
ويكشف المسيري أن قضية تعريف اليهودي قضية مصيرية تنصرف إلى رؤية العالم والذات، وإلى الأساس الذي يستند إليه تضامن المجتمع الصهيوني، وإلى مصادر شرعيته، ففكرة أن اليهود يشكلون شعبا بلا أرض، لا تقل في زيفها وكذبها عن فلسطين أرض بلا شعب. وإذا كان الشعب العربي الفلسطيني يقاوم هذه الأكذوبة ويثبت من خلال أشكال النضال كافة أن فلسطين أرض عربية مأهولة بسكانها العرب، فإن الواقع الإثني والعرقي للمستوطنين الصهاينة في فلسطين المحتلة، وللجماعات اليهودية خارجها، يتحدى الأطروحات الصهيونية ويبين طبيعتها الاختزالية الفاشية.
اليهود
تنقسم الدراسة إلى ثلاثة أبواب يفكك في أولها مفهوم «الوحدة اليهودية العالمية» والهوية اليهودية، ثم يبين في الباب الثاني مدى تجانس الجماعات اليهودية فى العالم، ويحلل فى الباب الأخير «سؤال الهوية وأزمة المجتمع الصهيوني" والتناقضات الأساسية بين الرؤية الصهيونية لما يسمى "الهوية اليهودية" وواقع الجماعات اليهودية.
يدحض هذا الكتاب مسلمات كثيرة ويكشف زيف كثير من الادعاءات؛ فيشكل لبنة أساسية في تحليل الفكر اليهودي والصهيوني ويستشرف -مثل أي عمل غير مسبوق- مستقبل الدولة اليهودية.
مقدمة لدراسة الصراع العربي الإسرائيلي
يقدم عبد الوهاب المسيري من خلال كتاب مقدمة لدراسة الصراع العربي الإسرائيلي رؤية شاملة لجذور الصراع العربي الإسرائيلي وكيف ساهم العالم الغربي الاستعماري في اختلاق الأزمة التي صنعت "القضية الفلسطينية" أواخر القرن التاسع عشر، حيث رصد السياسات والأفكار الإمبريالية التي استقى منها مؤسس الحركة الصهيونية ثيودور هرتزل أفكاره الداعية للاستعمار الاستيطاني.
كما يستعرض المسيري في ذلك الكتاب تاريخ الجماعات اليهودية وإرهاصات الحركات الصهيونية الأولى وتطورها، ثم يتحدث عن اقتراح هرتزل بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين.
ويجيب المسيري عن سؤال كيف تحولت الصهيونية من مجرد فكرة إلى مشروع استعماري إحلالي تحت لواء "الإمبريالية الأوروبية".
وعلى مدار فصول الكتاب، يكشف المسيري عن الطريقة التي رأى بها الصهاينة وجود الفلسطينيين في أرضهم، التي تلخصت في كونهم مجرد وضع مؤقت زائل يمكن التخلص منه عبر المجازر والتهجير القسري، وهو ما حدث بالضبط.