شهدت جلسات اليوم داخل الجناح المصري بالمنتدى الحضري العالمي، في نسخته الثانية عشرة بالقاهرة «WUF12»، والتي بدأت فعالياتها أمس بمشاركة الرئيس عبد الفتاح السيسي، مناقشات استراتيجية حول التحول الرقمي في إدارة المدن، وسُبل تمكين المجتمعات بآليات جديدة تضمن تحقيق التحول الذكي ورفع جودة الخدمات بالدولة، وذلك خلال جلسة موسعة بعنوان "رفاهية الإنسان في عصر التحول الرقمي.. التجربة المصرية في المدن المصرية القديمة والجديدة".
شارك في الجلسة "بلال حبش نائب محافظ أسوان، وهشام الهلباوي مساعد وزير التنمية المحلية، وأحمد رزق المدير القطري لهابيتات في مصر، ومحمد مصطفى رئيس جهاز مدينة السادس من أكتوبر، وأحمد عبدالحكيم، مستشار أول للتخطيط الحضري والتنمية، وعمرو لاشين، نائب محافظ أسوان".
تعزيز الرقمنة بالمدن الجديدة
قال الدكتور محمد مصطفى، رئيس مدينة السادس من أكتوبر، إن هيئة المجتمعات العمرانية تعمل بشكل قوي على تعزيز التحول الرقمي على كافة المستويات والتعريف بالمدينة بصورة أكبر وما تمتلكه من إمكانيات لتسهيل وصول المواطنين للخدمات في المدن المختلفة، مشيرًا إلى أن الجهاز عمل على العديد من المشروعات بشكل رقمي كمشروعات البنية الأساسية بشكل كامل.
أشار خلال الجلسة إلى مشروعات الوحدة المركزية للبيانات المكانية والتحول الرقمي، والتي تضمنت إنشاء قاعدة بيانات مركزية موحدة لهيئة المجتمعات العمرانية، ومتابعة الموقف التنفيذي لمشروع سكن كل المصريين، إضافة إلى المشروعات الاستثمارية، ومتابعة الموقف التنفيذي للمشروعات الاستثمارية على أكثرمن 50 فدانا.
ونوه الدكتور محمد مصطفى إلى أن الوحدة المركزية للبيانات المكانية والتحول الرقمي، دعمت منظومة الشهر العقاري، ووحدة الرصد الحضري، ومنصات إلكترونية وغيرها من المشروعات.
تحديات التحول الرقمى
من جانبه قال بلال حبش، نائب محافظ بني سويف، إن توجه الدولة نحو التحول الرقمي في العصر الراهن وتطبيق تلك الرؤية، أسفر عن ظهور مجموعة من التحديات الرئيسية لإحداث نقلة نوعية في طبيعة الخدمات المقدمة للمواطنين.
وأضاف أن تطبيق استراتيجية التحول الرقمي بمحافظة بني سويف أظهر 8 تحديات، أبرزها عدم وجود بنية تحتية رقمية بشكل موسع، بالإضافة إلى نقص المهارات الرقمية، وارتفاع التكلفة المالية لتطبيق التحول الرقمي، بالإضافة إلى المقاومة الثقافية للتغيير نحو التحول الرقمي، وإشكالية أمن المعلومات وحماية البيانات، إلى جانب عدم تكامل الأنظمة الرقمية وصعوبة وصول للخدمات الرقمية لذوى الاحتياجات الخاصة، فضلًا عن تحديات تحديث السياسات واللوائح.
وأشار بلال حبش، إلى أن محافظة بني سويف بدأت في تطبيق استراتيجية متكاملة للتحول الرقمي منذ 2020 والتي تم إعدادها بالتعاون مع برنامج الوكالة الأمريكية للتنمية، إذ تمتد المحافظة على مساحة 11 ألف كم وتضم 3.7 مليون نسمة طبقاً لآخر الإحصائيات.
وأوضح أن المحافظة وضعت رؤية متكاملة لمواجهة تحديات التغيير نحو التحول الرقمي من خلال توحيد الرسوم والمستندات لجميع الخدمات المقدمة على مستوى المحافظة، وتوحيد الأكواد الحسابية لجميع الرسوم وضبطها على التطبيق الإلكتروني، فضلاً عن رفع كفاءة المراكز التكنولوجية بالمحافظة، ووضع دليل موحد للخدمات المقدمة بالمراكز التكنولوجية بالمحافظة.
ولفت نائب محافظ بني سويف إلى أن محافظته تضم حالياً 10288 نقطة تحول رقمي للربط بين كافة المؤسسات الخدمية، كما ساهمت عملية تطبيق منظومة التحول الرقمي بالمحافظة في حصر أصول الدولة الممثلة في الأراضي غير المستغلة، كما تم الاعتماد على التطبيقات الرقمية التكنولوجية في التصدي للتعديات على الأراضي الزراعية من خلال المتابعة اللحظية والتي دعمت إزالة العديد من المخالفات ووقف التعديات على الأراضي.
تابع أنه في إطار تطبيق منظومة التحول الرقمى بالمحافظة، تم الحرص على تأهيل العنصر البشري ورفع كفاءتهم، حيث تم تأهيل 250 موظفا بالجهاز الإداري بالمحافظة على آليات التحول الرقمي، كما تم تأهيل 100 موظف في الديوان العام للمحافظة، إلى جانب طرح برنامج إعداد كوادر المحافظة وتأهيلهم وتدريب 375 موظفا على أساسيات التحول الرقمي، وذلك بالتعاون مع أكاديمية سيسكو للتدريب على البرمجة.
وأوضح أن المحافظة حرصت على وضع قاعدة بيانات متكاملة عن المحافظة تضم البنية التحتية للمحافظة ومشروعاتها بالإضافة إلى إطلاق تطبيق للشكاوى "بني سويف معاك" .
مشروعات الـ«هابيتات» في مصر وتكنولوجيا خدمة المواطن
وقال أحمد رزق المدير القطري لبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية "هابيتات" في مصر، إن حجم سوق التكنولوجيا في المدن الذكية على مستوى العالم يقدر بنحو 517 مليار دولار، لافتا إلى أنه في المقابل هناك نحو 2.5 مليار إنسان من شعوب العالم تفتقر إلى الخدمات التكنولوجية، وأن التطور التكنولوجي يصب في صالح المدن المختلفة سواء التقليدية أو الذكية.
وأوضح أن برامج "هابيتات" وضعت الإنسان على رأس دائرة الاهتمام عبر قواعد إرشادية لما يمكن أن يسمى "مدنا ذكية تضع الإنسان في دائرة التمييز"، وذلك في مجالات أساسية عديدة لحياة الإنسان من سكن، مياه، صرف، طاقة، نقل، وحلول التعليم والصحة وغيرها.
لفت أحمد رزق إلى أن إدارة الموارد عبر التكنولوجيا تعظم الاستخدام الأمثل للموارد مع محدوديتها، وذلك في ظل ما تمثله نقص الموارد من تحديات كبيرة للمدن.
وحول دور الهابيتات في مصر، أوضح رزق أن برامجها تعمل على حزمة مشروعات للخدمات الرئيسية وقضايا المناخ في مصر عبر إدخال تكنولوجيات عالمية تتعلق بالمياه والصرف، لحل مشكلات أساسية تواجه المواطن المصري.
وأضاف أن الهابيتات يعمل على استكشاف المخلفات والتعامل معها لترجمتها لفرص استثمارية وعمل مشروعات جديدة بأشكال مختلفة، بما يسمى "الاقتصاد الدوار" وهو ما طبقه الهابيتات في محافظة الإسكندرية.
وأوضح أحمد رزق أن من ضمن أهداف التنمية المستدامة الهدف رقم 9 والخاص بالصناعة والابتكار والبنية التحتية، وعلى الرغم من أنه ليس هدفا في حد ذاته كباقي أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر، ولكن لإدراك أن الوسيلة المهمة تتعامل كهدف ينعكس على خدمة المواطن المصري تمت إضافته كهدف رئيسي ضمن الأهداف.
إطلاق مبادرة المدن المستدامة
من جانبه أعلن الدكتور هشام الهلباوي، مساعد وزير التنمية المحلية، أن الوزارة تعتزم إطلاق مبادرة المدن المستدامة ضمن استراتيجية التحول الرقمي وتنمية المدن، وذلك يوم الخميس المقبل، للكشف عن رؤية الدولة نحو تكوين مدن ذكية في الإدارة ورفع جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.
وأضاف خلال الجلسة، أن وزارة التنمية المحلية هي الجهة المسؤولة عن تطبيق اللا مركزية ووضع السياسات الخاصة والقواعد المنظمة لاستراتيجية التحول الرقمي، مشيرًا إلى جهود الوزارة في تقديم الدعم الفني المتكامل لمراكز الخدمات بالتعاون مع وزارة التخطيط، وتقديم الدعم الفني والتدريب للعاملين على الإدارات المختلفة المسؤولة عن التحول الرقمي في المحافظات، كما أطلقت الوزارة مبادرة "صوتك مسموع" كإحدى المبادرات التي تحرك التحول التكنولوجي الرقمي.
وأوضح الدكتور هشام الهلباوي، أن وزارة التنمية المحلية بدأت مبكراً في خطوات تأهيل المدن للتحول الرقمي، وتم إطلاق فكرة إنشاء المراكز التكنولوجية في المدن، بتأسيس أول مركز تكنولوجي في حي المعادي بالقاهرة، وثاني مركز تكنولوجي في حي المنتزه بالإسكندرية، واستهدف ذلك تمكين الإدارات المحلية من تقديم الخدمات بجودة عالية للمواطنين.
وأكد أن الهدف الرئيسي الذي تعمل عليه وزارة التنمية المحلية حالياً في تطبيقات استراتيجية التحول الرقمي بالمدن والاتجاه لمدن ذكية في الإدارة، يتمثل في تمكين المجتمعات والمدن بآليات التحول الرقمي لدعم تحسين جودة الخدمات وتسهيل الترابط مع مختلف الجهات الحكومية لتسهيل خدمات المواطنين.
استراتيجية شاملة للتحول الذكى
وقال المهندس أحمد عبدالحكيم، مستشار أول للتخطيط الحضري والتنمية المستدامة بوزارة الإسكان، إن مصر على أعتاب إطلاق إستراتيجية شاملة للتحول الذكي غداً الأربعاء، وذلك في إطار الجهود المستمرة التي تبذلها الدولة لتحقيق التحول الرقمي في جميع القطاعات.
وأكد أن نجاح هذا التحول يعتمد بشكل كبير على التغلب على "مقاومة التغيير" التي تعيق عملية التحديث والتطوير في المؤسسات الحكومية والخاصة، منوها إلى أن الدولة المصرية قد اتخذت خطوات جادة منذ عام 2019 لتذليل هذه العقبات من خلال وضع "كود التحول الذكي" الذي يهدف إلى تسهيل عملية الانتقال إلى الاقتصاد الرقمي.
وأوضح المهندس أحمد عبدالحكيم أن الإستراتيجية الجديدة التي سيتم إطلاقها هي نتاج سنوات من الجهد والتعاون بين وزارة الإسكان والمؤسسات الدولية، وأنها تهدف إلى تحقيق أقصى استفادة من التكنولوجيا الرقمية في إدارة الموارد وتحسين الخدمات المقدمة للمواطنين.
وأشار إلى أهمية التفريق بين "الأتمتة" و"الرقمنة"، مؤكداً أن الرقمنة هي أكثر شمولية وتشمل التحول من الأنظمة الورقية إلى الأنظمة الرقمية في جميع المؤسسات، بينما الأتمتة تقتصر على أتمتة عمليات محددة.
وأكد مستشار أول للتخطيط الحضري والتنمية المستدامة بوزارة الإسكان، أن النجاح في التحول الرقمي سيسهم في تعزيز التعاون بين المؤسسات الحكومية والخاصة وتحقيق كفاءة أعلى في إدارة الموارد، ما يسهم في مواجهة التحديات التي تواجه البنية التحتية في مصر.
أسوان مدينة النصف ساعة
وأكد عمرو لاشين، نائب محافظ أسوان، أن الدولة دائما تعمل على توفير المعلومات المتعلقة بشكاوى المواطنين للعمل على توفير حلول لها في وقت وجيز، مشيرًا إلى أن دراسة كيفية الحصول على المعلومات خلال الفترة الحالية بغرض تصميم تطبيق يعمل على استقبال شكاوى المواطن ليتوجه المسؤول عن حلها ويقوم بمعالجة الأمر في وقت لا يستغرق سوى نصف ساعة.
أشار إلى أن توفير المعلومات سيساعد المسئول على حل المشكلة عن طريق عمل تحليل لتلك البيانات والوقوف على المشاكل التي يستغرق حلها نصف ساعة.
لفت عمرو لاشين، إلى أن المحافظة تعمل حاليًا على إنجاح هذه التجرية في محافظة أسوان لتكون تحت عنوان "مدينة النصف ساعة"، من خلال تطبيق "عين المواطن" والذي يشبه في تطبيقه ما يتم استخدامه في محافظة بني سويف.
أضاف أن التطبيق لن يعتمد على استقبال الشكاوى وتحليلها فقط بل سيتم العمل على تقييم الخدمات المقدمة بمشاركة جميع الأطراف المعنية كالجمعيات الأهلية والحكومة والقطاع الخاص والمواطن للعمل تحت خطة استثمارية فعالة للقضاء على الفجوة في المعلومات التي تعطي حلول مشكلة معينة لكسب رضا المواطنين، ما يدعم تحريك العجلة الاستثمارية بالمحافظة، وزيادة تدفق الاستثمارات.
واختتم نائب محافظ أسوان، مداخلته في الجلسة بأن الدولة تعمل على بناء مدن ذكية إداريا في البداية ليكون من السهل تحويلها لمدن ذكية كليا بمشاركة جهات دولية والمجتمع المدني حتى يكون احتساب العائد من الاستثمارات المتدفقة في هذا المجال سهلا على القائمين عليها.