ذكرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، أن الناخبين الأمريكيين فى الأراضى المحتلة ( سواء كانوا إسرائيليين أو فلسطينيين) يأملون فى أن يدفع الرئيس القادم للولايات المتحدة من أجل وقف الحرب فى قطاع غزة المنكوب ووضع حد للصراع الراهن.
وقالت الصحيفة - في سياق مقال تحليلي - إن عشرات الآلاف من المواطنين الأمريكيين في الأراضي المحتلة يعيشون على جانبي أحد أكثر الصراعات سخونة في العالم، حيث لا يشعر الفلسطينيون ولا الإسرائيليون بحماس كبير تجاه المرشحة الديمقراطية ونائبة الرئيس كامالا هاريس.
واستشهدت الصحيفة على طرحها في هذا الشأن بلقاء أجرته مع إيلي نولر، وهو مواطن أمريكي من نيويورك يحمل الجنسية الإسرائيلية ويعيش في مستوطنة إسرائيلية في الضفة الغربية، حيث أعرب في اللقاء عن أمله أن يحث الرئيس القادم إسرائيل على "إنهاء عملياتها ضد حماس في غزة"، لأنه فقد ابنه في إحدى المعارك.
كما نقلت الصحيفة -في سياق مقال تحليلي- عن عبد الجبار علقم، (وهو أمريكي فلسطيني يعيش في الضفة الغربية)، شعوره بالفزع مما يسميه تواطؤ الولايات المتحدة في معاناة الفلسطينيين في غزة.. وقالت الصحيفة: إن كلاهما لديه على الأقل شعور واحد مشترك وهو أنهما لم يخططا للتصويت لنائبة الرئيس كامالا هاريس فى الانتخابات الأمريكية 2024 ، حيث يعتقد علقم أن إدارة بايدن كانت داعمة للغاية لإسرائيل والحرب في غزة ، بينما يرى نولر أن هاريس لم تكن داعمة بما فيه الكفاية.
وأبرزت "نيويورك تايمز" أن الكثيرين في الضفة الغربية يشعرون بخيبة أمل شديدة إزاء نهج بايدن تجاه حرب إسرائيل في غزة، في حين أظهرت استطلاعات الرأي أن الإسرائيليين يدعمون إلى حد كبير الرئيس السابق دونالد ترامب ويمتنون لدعمه شبه المطلق لدولة تواجه الآن عزلة دولية متزايدة، في حين يشعر العديد من الفلسطينيين بالإحباط من دعم الرئيس بايدن لإسرائيل ولا يرون فرقًا كبيرًا بين المرشحين.. وتعكس إحباطاتهم السخط الأوسع نطاقًا بشأن الحرب في غزة عبر الطيف السياسي الأمريكي .
وقال علقم - البالغ من العمر 37 عامًا والذي خطط للتصويت لصالح مرشحة الحزب الأخضر جيل شتاين - "يحتاج الديمقراطيون إلى الخسارة وهم بحاجة إلى معرفة أن أحد أكبر أسباب خسارتهم هو موقفهم من إسرائيل".
وبالفعل، أكدت الصحيفة أن الحرب التي اندلعت في غزة وأمضت عامها الأول تسببت في إرباك رئاسة بايدن وأحدثت صدعًا داخل حزبه وكشفت عن ضعف نفوذ أمريكا في الشرق الأوسط رغم أن جميع مبعوثينه سافروا عدة مرات إلى جميع أنحاء المنطقة في محاولة عبثية للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار ، وتساءلت عن مدى نجاح خليفته في التأثير إيجابيًا على الصراع؟! مع الإشارة إلى حقيقة أن ترامب اتخذ مواقف قوية مؤيدة لإسرائيل خلال فترة ولايته، بما في ذلك خطة سلام مقترحة فضلت بشدة المطالب الإسرائيلية على المطالب الفلسطينية، لكنه دعا إسرائيل أيضًا إلى إنهاء الحرب.
وأوضحت أن هاريس تمسكت في الغالب بآراء الرئيس بايدن من حيث دعم مزاعم إسرائيل في الدفاع عن النفس مع الضغط من أجل التوصل إلى اتفاق لإنهاء الحرب وإطلاق سراح المحتجزين في غزة، كما أنها اتخذت نبرة أقوى بشأن معاناة الفلسطينيين، لكنها لم تشر إلى نهج مختلف بشكل ملحوظ إذا تم انتخابها.
وتتفاوت التقديرات على نطاق واسع، حسبما أبرزت الصحيفة، غير أنه يوجد ما لا يقل عن 150 ألف أمريكي يعيشون في إسرائيل، التي يبلغ عدد سكانها حوالي 10 ملايين نسمة، وفقًا للحكومة الأمريكية، ويعيش نحو 60 ألف فلسطيني في المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية، والتي يعتبرها الكثير من المجتمع الدولي غير قانونية، وهو ما يجعلهم يشكلون نحو 15% من سكان المستوطنين، وفقًا لسارة يائيل هيرشهورن، المحاضرة في جامعة حيفا. ويعيش آلاف الأمريكيين من أصل فلسطيني أيضًا في الضفة الغربية، رغم عدم وجود إحصاءات رسمية.
وبحسب الصحيفة، كانت الحروب في الشرق الأوسط - التي دعمت فيها الولايات المتحدة إسرائيل، بما في ذلك بشحنات الأسلحة - تخيم على الحملة الانتخابية.. وقد يؤدي هذا الدعم إلى قلب أنماط التصويت في الولايات المتأرجحة الرئيسية ، حيث يشعر السكان بالغضب والإحباط من الحزب الديمقراطي غير أن الصحيفة لفتت إلى أن ملايين الأشخاص الذين يعيشون في إسرائيل والأراضي الفلسطينية هم الأكثر تأثرًا بسياسة الإدارة الأمريكية القادمة في الشرق الأوسط.
وتتأرجح اختيارات الناخبين الأمريكيين ما بين دونالد ترامب وكامالا هاريس بحسب مواقف كليهما من العديد من القضايا الداخلية التي تمس المواطن الأمريكي بشكل مباشر، وبمقدمتها ملف الإجهاض والضرائب وغير ذلك.
وفي ملف الإجهاض ، تتبنى المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس موقفاً داعماً لحق النساء في الإجهاض ، وهو الحق الذي تم تقييده بحكم من المحكمة الأمريكية العليا في يونيو 2022 ، بعدما كانت تلك العمليات مجازة قانوناً منذ عام 1973.
وقبل أيام، استعانت هاريس بالنجمة بيونسيه في تجمع انتخابي حاشد بولاية تكساس، وتطرقت إلى ملف الإجهاض، وخاطبت جمهورها قائلة: "بالنسبة لجميع الرجال والنساء هنا، والذين يشاهدون فى جميع أنحاء البلاد، نحن بحاجة إليكم.. إن حظر الإجهاض شبه الكامل فى الولاية قد يصبح قانونًا للبلاد إذا تم انتخاب دونالد ترامب المرشح الجمهورى، والرئيس الأمريكى السابق".
في المقابل ، يتبنى دونالد ترامب موقفاً رافضاً للإجهاض ، وسبق أن قال في تصريحات عدة إن السماح بتنفيذ النساء عمليات الإجهاض يعد بمثابة "قتل"، غير أنه حاول خلال الأشهر القليلة الماضية تبني موقف أقل حدة.
وفي أغسطس الماضي، قال ترامب إنه لن يدعم استفتاء بشأن الحق في الإجهاض في ولايته فلوريدا بعد 24 ساعة فقط من تصريحه بأنه قد يفعل ذلك، وهو التوضيح الذي جاء بعد ردود فعل حادة من مناهضي الإجهاض، ما رفع من حدة مخاوف الجمهوريين من أن استمرار التردد بشأن هذا الملف قد يعرض المرشح الجمهوري لخسارة تأييد الناخبين المتدينين.