هاريس أم ترامب؟ تحبس أوروبا أنفسها خلال انتخابات الرئاسة الأمريكية، حيث يرى الخبراء أن مستقبل أوروبا يعتمد على تلك الانتخابات الأمريكية، وسط مخاوف كبيرة من وصول الرئيس الأمريكى السابق، والمرشح الجمهورى، دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، فأوروبا تريد المرشحة الديمقراطية ونائبة الرئيس، كامالا هاريس ، رئيسة جديدة للولايات المتحدة الأمريكية.
وقال الأمين العام لحلف شمال الأطلسى، مارك روته، عن الانتخابات الأمريكية بأن الحلف الأطلسى سيتعاون من المرشح المنتخب فى ذلك البلد سواء كان الديمقراطية كامالا هاريس أو الجمهورى دونالد ترامب، وأيا كان الفائز سيبقى تحالف الناتو موحدا.
وأضاف روتة: "لا نريد تكرار الأخطاء التي ارتكبت بعد الحرب العالمية الأولى، لا، نحن جميعا جزء من هذا التحالف"، فيما يتعلق بضرورة تحمل الدول الأوروبية المسؤولية فيما يتعلق بالدفاع عن نفسها، وأشار الأمين العام لحلف شمال الأطلسي إلى أن هذا ضروري إذا أرادت أوكرانيا أن تخرج "منتصرة" من الحرب التي بدأت بالهجوم الروسي ولحماية الدول الواقعة على الجانب الشرقي، مثل بولندا.
وقالت رئيسة الوزراء الإيطالية، جورجيا ميلونى، إنها تريد هاريس رئيسة للولايات المتحدة الأمريكية، بعد أن كانت فى البداية تأمل فى فوز ترامب ، لكنها تراجعت عن ذلك من أجل مصلحة إيطاليا الاقتصادية.
ووفقا لصحيفة لا ريبوبليكا الإيطالية فإن أحد أسباب ابتعاد ميلوني عن ترامب له علاقة كبيرة بالاقتصاد، لأنه من وجهة نظر الشركات الإيطالية، فإن فوز هاريس سيكون أفضل.
وإذا فاز ترامب وقام بزيادة التعريفات الجمركية على الواردات بنسبة 10% كما أُعلن، فسيكون لذلك أيضًا عواقب ملحوظة على الاقتصاد الإيطالي، فالولايات المتحدة هي أهم سوق تصدير لإيطاليا بعد ألمانيا.
مخاوف من وصول ترامب للبيت الأبيض
ومع احتمالات فوز مرتفعة يحظى بها ترامب فى الانتخابات الرئاسية المرتقبة فى الولايات المتحدة، حيث تشير غالبية استطلاعات الرأى إلى تقدمه وبنسب كبيرة عن منافسته المرشحة الديمقراطية هاريس، تعيش دول الاتحاد الأوروبى حالة من الترقب لاستشراف مستقبل العلاقات بين بروكسل وواشنطن فى حال فوز ترامب.
ووفقا لتقرير نشرته صحيفة الكونفدنثيال الإسبانية، فإنه لا شك أن فوز ترامب سيكون له تأثيرات سلبية أكثر فورية على الاتحاد الأوروبي في المدى القصير مقارنة برئاسة هاريس، حيث إن ولاية ترامب الثانية من شأنها أن تقوض الديمقراطية الأمريكية وتؤدي إلى إضعاف العلاقات عبر الأطلسي بشكل لا رجعة فيه، كما أن دعم ترامب الصريح للحكومات الاستبدادية في أوروبا، مثل حزب فيدسز الذي يتزعمه فيكتور أوربان في المجر، من شأنه أيضا أن يشجع ويضفي الشرعية على أحزاب اليمين المتطرف في القارة.
وأوضح التقرير، أن كامالا هاريس هى المفضلة لدى أوروبا، مع وجود مخاوف كبيرة من فوز ترامب، مشيرة إلى أنه وفقا للاستطلاعات فإن هناك أكثر من 65% من الأشخاص يؤيدون هاريس فى حين أن ترامب لا يحظى إلا بتأييد 16% من الأوروبيين، وفى المقدمة المجر، التى ترى أن ترامب سيجلب السلام إلى أوروبا، وذلك بعد تصريح رئيس الوزراء المجرى فيكتور أوربان بأن ترامب سيفوز فى الانتخابات.
في السنوات الأربع المقبلة، قد تضعف العلاقات التي وحدت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي منذ عام 1945 وتتفكك إلى درجة لا يمكن إصلاحها، وفي أوروبا، ستكون التداعيات محسوسة بقوة في ثلاثة مجالات رئيسية: الدفاع والتجارة وسياسة المناخ.
وعلى الاتحاد الأوروبى الاستعداد لاحتمالية فوز ترامب، ولذلك فعليه تعزيز عقوباته ضد روسيا، وهو ما يعرقله موافقة رئيس وزراء المجر فيكتور أوربان ، الذى يرغب فى فوز ترامب ، لأنه يرى أن وصوله للرئاسة الأمريكية سيجلب السلام إلى أوروبا.
وأشارت التقرير إلى أنه على الاتحاد الأوروبى أيضا تعزيز القدرة الدفاعية، وزادت العديد من الدول من إنفاقها الدفاعي وطورت إنتاجها المحلي من الأسلحة، لكن حلف شمال الأطلسي لا يزال مصدر قلق لها.
وتعد العلاقة الاقتصادية بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة هي الأكبر في العالم، حيث تقدر قيمة التجارة بين الكتلتين بأكثر من 1.3 تريليون دولار سنويا، وعلى سبيل المقارنة، تبلغ قيمة التجارة السنوية بين الولايات المتحدة والصين 758 مليار دولار، وتعاني الولايات المتحدة من عجز كبير في كليهما.
وفي ضوء ذلك، وعد ترامب بفرض تعريفة بنسبة 10% على جميع الواردات ورسوم جمركية جديدة بنسبة 60% أو أكثر على جميع المنتجات القادمة من الصين، وتعتبر الاتحاد الأوروبي منافسًا مثل الصين تمامًا.
ومن أكبر نقاط الاختلاف بين المرشحين موقف ترامب من حلف شمال الأطلسي وافتقاره إلى الدعم لأوكرانيا، وادعى ترامب أنه قادر على إنهاء الحرب في أوكرانيا في غضون 24 ساعة، على الرغم من عدم وجود ثقة كبيرة في أن خطة السلام مع روسيا التي تفاوض عليها ترامب ستحمي سلامة أراضي أوكرانيا وسيادتها.
حتى أنه عندما كان رئيسًا، هدد ترامب بمغادرة الناتو، وإن القيام بذلك من شأنه أن يشجع الخصوم مثل روسيا ويهدد الأمن الأوروبي على نطاق أوسع.
كما أن سياسة المناخ تعتبر من أهم القضايا التى تهم الرئيس الأمريكى الجديد، وتعهد ترامب بالانسحاب من اتفاقية باريس لعام 2015 مرة أخرى إذا أعيد انتخابه، كما وعد بزيادة إنتاج النفط والغاز (وقد أصبح شعاره "احفر يا عزيزي) ومن شأن هذه التدابير أن تجعل هدف اتفاق باريس المتمثل في الحد من الانحباس الحراري العالمي بما لا يتجاوز 1.5 درجة مئوية أمرا مستحيلا تقريبا.