شهدت فعاليات اليوم الأربعاء داخل الجناح المصرى بالمنتدى الحضرى العالمى، فى نسخته الثانية عشرة بالقاهرة «WUF12»، والتى بدأت فعاليتها أمس الأول، الإثنين، بمشاركة الرئيس عبدالفتاح السيسى، مناقشات إستراتيجية حول آليات التخطيط العمرانى بين المستويين القومى والإقليمى والتحديات المناخية المؤثرة فى هذا المجال، وذلك خلال جلسة موسعة بعنوان "تعزيز التخطيط والتنمية المستدامة المكانية فى ظل التغيرات المناخية الحالية".
وتستمر أعمال المنتدى حتى 8 نوفمبر الجارى، وهو المؤتمر الرئيسى للأمم المتحدة المعنى بالتنمية الحضرية المستدامة، ويُقام فى مصر، كأول دولة تستضيفه فى أفريقيا منذ 20 عامًا تحت شعار "كل شيء يبدأ محليًا.. لنعمل معًا من أجل مدن ومجتمعات مستدامة" بمشاركة وفود أممية ودولية رفعية المستوى، ونخبة كبيرة من قيادات المؤسسات الرائدة محليا وعالميا فى مجالات التنمية الحضرية والاستدامة.
شارك بالجلسة "الدكتورة مها فهيم، رئيس الهيئة العامة للتخطيط العمراني، وهبة سيف الاسلام، معاون نائب رئيس هيئة المجتمعات العمرانية لقطاع التخطيط والمشروعات، وجاتكوث كاى، منسق برنامج الأمم المتحدة الإنمائى للحد من مخاطر الكوارث فى أفريقيا، ونوراليزا هاشم، الرئيس التنفيذى لشركة أربانيس ونائب الرئيس المساعد لهيئة قطاع المشاريع الحضرية فى ماليزيا".
التقييم البيئى الإستراتيجى فى المخططات العمرانية
قالت الدكتورة مها فهيم، رئيس الهيئة العامة للتخطيط العمرانى، أن الهيئة تعمل على مستويات تخطيطية متنوعة ما بين المستوى القومى والإقليمى للمدن، وجار العمل وفقا لقانون 119 لعام 2008 والذى يضيف مستويات جديدة من التخطيط، وتمتلك الهيئة أكثر من منصة يتم من خلالها عرض جهودها وأدوارها، وذلك بالتعاون مع جميعالجهات المعنية بالدولة.
وأشارت إلى أن أبرز التحديات الحالية وجود تغيرات مناخية وتكدس سكانى وتركز المواطنين فى مناطق محددة، وهناك تطوير مستمر فى الهيئة فى آليات العمل والتعاون مع منظمات دولية، كما يتم عمل اتفاقيات تعاون مستمرة مع الجهات المعنية، موضحة أنه يتم العمل حاليا وفق طريقة تكنولوجية جديدة يتم من خلالها تقييم كل خطوة للتعرف على العوامل المؤثرة على البيئة العمرانية والاجتماعية والمناخية.
وأضافت أنه تم إطلاق الدليل الاسترشادى لتطبيق التقييم البيئى الاستراتيجى فى المخططات العمرانية، والذى تم اختباره على مستوى المشروعات القومية، كما تم اختباره على مستوى محلى فى مشروع بمحافظة مطروح، واختباره أيضًا على مستوى أصغر وهو مشروع فى محافظة العريش.
تطبيق معايير الاستدامة بالمدن
وقالت هبة سيف الإسلام، معاون نائب رئيس هيئة المجتمعات العمرانية لقطاع التخطيط والمشروعات، أن العالم بالكامل يواجه أزمة التغيرات المناخية وهو ما يؤثر على العمران القائم، وكذلك التخطيط للمشروعات المستقبلية، بحيث تتم إضافة تعديلات على العمران القائم ليتواكب مع هذه المتغيرات، مع مراعاة هذه التأثيرات على المشروعات المستقبلية عند التخطيط لها.
وأشارت إلى أن هذه التغيرات المناخية وتأثيراتها تفرض التركيز على مفاهيم الاستدامة والتعامل مع الموارد الاقتصادية المتاحة واستخدامها بكفاءة، مع التركيز على كيفية التعامل مع تأثير التغيرات المناخية فى تخطيط المدن الجديدة، لافتة إلى تقسيم المدن فى مصر لمدن قائمة بالفعل ومدن ذكية يتم العمل عليها حاليًا.
وأوضحت أن هيئة المجتمعات العمرانية تخطط وتنفذ للمشروعات المختلفة فى المدن الجديدة وفقا لهذه التغيرات المناخية وتأثيراتها، بحيث يتم تطبيق معايير الاستدامة داخل هذه المدن لتصبح مدنًانظيفية قليلة فى استهلاك الطاقة، لافتة إلى توقيع بروتوكول تعاون مؤخرًا مع إحدى الشركات لتقوم باستخدام الحجارة المتهالكة والناتجة عن أعمال التطوير ليتم استخدامها فى إنشاءات الطرق.
وأضافت أن هناك مشروعات متنوعة تقوم بها هيئة المجتمعات العمرانية فى مختلف المدن الجديدة القائمة والجديدة لتطبيق معايير الاستدامة ومنها دعم التوجه لزراعة أسطح المبانى لتجديد الهواء داخل المكان، مع استخدام المواصلات التى تعتمد على الطاقة النظيفة، وهى جزء من استراتيجية عمل تنفذها هيئة المجتمعات العمرانية لتطبيق أعلى معايير الاستدامة فى المدن الجديدة.
التخطيط العمرانى والحد من الكوارث المناخية لأفريقيا
من جانبه أكد جاتكوث كاى، منسق برنامج الأمم المتحدة الإنمائى للحد من مخاطر الكوارث فى إفريقيا، أهمية تسريع وتيرة التخطيط العمرانى لمواجهة التحديات المناخية المتزايدة.
أشار كاى، إلى أن القارة الأفريقية تشهد نموًا سكانيًا كبيرًا، حيث من المتوقع أن ينضم 900 مليون فرد جديد إلى المناطق الحضرية بحلول عام 2050، وهو ما يعزز ضرورة الاستعداد لمواجهة الكوارث المناخية المتوقع تزايدها مستقبلًا.
وأوضح أن العدالة فى توزيع الموارد وإدارة الكوارث هى تحديات أساسية يتعين معالجتها لتحقيق استدامة المدن، خاصة أن 7 دول أفريقية تقع على الساحل تواجه مخاطر بيئية كبيرة تتطلب تطوير أنظمة معلومات قوية لمواجهة هذه التغيرات.
وأشار كاى إلى أن برنامج الأمم المتحدة الإنمائى طور نظام إنذار مبكر، وأسس آليات فعالة لإدارة المخاطر، لدعم الدول الأفريقية فى مواجهة التحديات المناخية.كما قدّم البرنامج دعمًا شاملًا للعديد من المدن فى 7 دول أفريقية، منها السنغال ونيجيريا، لتمكينها من التكيف مع التأثيرات المناخية عبر التخطيط المستدام والبنية التحتية المقاومة للكوارث.
وأعرب كاى عن التزام الأمم المتحدة المستمر بالعمل مع الدول الأفريقية لبناء قدرات مرنة وتوفير الموارد اللازمة لتحقيق مستقبل حضرى آمن ومستدام للجميع.
التنسيق بين الحكومة والقطاع الخاص لضمان تحقيق الاستدامة
وأكدت نوراليزا هاشم، الرئيس التنفيذى لشركة أربانيس ونائب الرئيس المساعد لهيئة قطاع المشاريع الحضرية فى ماليزيا، ضرورة تسريع وتيرة التخطيط العمرانى المستدام لمواجهة الأزمات البيئية المتزايدة، مضيفة أن التوسع العمرانى بات أمرًا ضروريا، مع تحول نصف سكان العالم إلى الحياة الحضرية، حيث يعيش حوالى 23 مليون نسمة فى مناطق حضرية كبيرة، ما يؤدى إلى مشكلات عديدة مثل تلوث الهواء والطاقة.
أشارت إلى أن تغير المناخ تسبب فى فقدان الكثير من الأراضى الخضراء، بينما تواصل الفيضانات الناتجة عن تغير المناخ رفع التكاليف الاقتصادية على الدول وخاصة النامية.
وأضافت أن ماليزيا بادرت بتشكيل لجنة للتعامل مع أزمات المناخ، مؤكدة أن مواجهة التحديات المناخية تتطلب جهودًا متكاملة بين مختلف السياسات المناخية على المستويين المحلى والدولي.وشددت على ضرورة ترجمة السياسات إلى خطوات واقعية تدعم استدامة المدن، مع ضرورة أن تتحلى كل مدينة بمرونة لمواجهة الكوارث المناخية، وأن تكون مستعدة للتغيرات المستقبلية.
واختتمت نوراليزا حديثها بالقول إن النهوض بالناتج المحلى يجب ألايكون على حساب البيئة، بل لا بد من أن تتبنى جميع الدول خططًا واضحة للتصدى لهذا التحدى الكبير، مؤكدةً أهمية التنسيق بين الحكومة والقطاع الخاص لضمان تحقيق استدامة حقيقية للمجتمعات الحضرية.