تمتلك المخرجة مها حاج من الأدوات ما جعل فيلمها القصير "ما بعد" الحائز على جائزتى Pardino d’Oro Swiss Life (جائزة لجنة التحكيم لأفضل فيلم قصير)، وجائزة لجنة التحكيم الشباب المستقلة من مهرجان لوكارنو السينمائي الدولي بسويسرا، والمتوج من مهرجان الجونة السينمائي بجائزة نجمة الجونة الذهبية لأفضل فيلم قصير.
محمد بكري في الفيلم الفلسطيني ما بعد
تأخذك المخرجة مها حاج إلى عالم سليمان "محمد بكري" ولبنى "عرين عمري"، أب وأم تتشح ألوان ملابسهما بالسواد، يعيش معهما روتين حياتهما، أب وأم في نهاية حياتهما أو ربما قبل النهاية بقليل، يمارسان حياتهما بشكل بسيط، يعيشان في عزلة بمنزل بسيط، يحافظان على روتين يومهما، يتبادلان الحديث مثلهما مثل غيرهما من الآباء والأمهات، حول أبنائهما الخمس، ونجلهما المتمرد ومشكلاتهم، وتفاصيل حياتهم.
محمد بكري وعرين عمري من الفيلم الفلسطيني ما بعد
جعلت مها حاج الجمهور يقف على حافة الشعور بالملل من رتابة تلك الحياة الهادئة وبين التأنى فى الحكم على تلك الأسرة التي تبدو حزينة لدرجة تصل للقهر ولكن دون معرفة السبب وراء ذلك، تتمنى أن تعيش حياتهما البسيطة وسط مكان أحلام كثيرين، لكنك في نفس الوقت تشعر بأن هنالك ما يجب أن تعرفه قبل أن تعجب بتقليم الأشجار وإطعام الدجاج والهدوء والاستمتاع بالأطعمة الطازجة من الطبيعة إلى طاولة الطعام، بهذا البراح الكبير من شجر الزيتون.
لقطة من الفيلم الفلسطيني ما بعد
حافظت مها الحاج على شعرة بسيطة لولا حفاظها عليها لانتهى الفيلم كغيره من الأفلام التي تمر مرور الكرام، لكنها كانت حريصة من البداية على أن يكون الإيقاع هادئا رغم ما يحمله قلبا لبنى وسليمان من حمم قد تحرق بخروجها الأخضر واليابس.
الفيلم الفلسطيني ما بعد
رفعت مها حاج الجمهور لسابع سما، ثم ألقت به على "جدور رقبته"، بتكشُّف وجه الحقيقة عندما يزورهما ضيف "عامر حليحل" مرتديا لونا من الألوان النارية، وكأنه عود الثقاب الذي يشعل النار، ويفتح جرحا عميقا لدرجة قد لا توصف بالكلمات، لكن أداء محمد بكري وعرين عمري استطاع التعبير عنه ببلاغة شديدة دون نطق كلمات إلا قليل القليل.
فيلم ما بعد
عادة ما أتحسس طريقي وأنا أستعد لمشاهدة الأفلام الفلسطينية، فكثير من المخرجين يعبّرون عن مآسى الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية بمشاهد دموية أو مشاهد حرب، بصراخ أم فقدت أولادها، بانهيار أب استشهدت أسرته، لكن "حاج" اختارت الطريق الأصعب، أن تروى كل شيء دون البوح بأي شيء، مستفيدة من قدرات بكري وعمري التمثيلية، بأسلوب سينمائي فني ملهم، ديكورات المنزل، ألوان الأثاث، إضاءة المكان، الموسيقى التصويرية، جميعها اتفق مع رؤية مها حاج فيما أنجزته بالفيلم، وخدمت العمل وكأنها ممثل مساعد.
الفيلم الفلسطيني ما بعد
الفيلم الفلسطيني ما بعد
الفيلم الفلسطيني ما بعد
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة