فى قلب محافظة سوهاج، تقع مدينة أخميم، واحدة من أقدم المدن المصرية التى عُرفت بتقاليدها العريقة فى صناعة النسيج، يعود تاريخ هذه الصناعة إلى العصور الفرعونية، حيث كانت أخميم مركزًا رئيسيا لإنتاج الأقمشة الكتانية المستخدمة فى البلاط الملكى واليوم، تحافظ المدينة على هذا الإرث من خلال الحرفيين الذين يستمرون فى استخدام الأساليب التقليدية لصناعة الأقمشة والملابس.
فبين الأزقة الضيقة فى أخميم، يمكن سماع صوت الأنوال وهى تعمل بلا توقف وكل خيط يحمل قصة، وكل قطعة نسيج هى عمل فنى بحد ذاتها، والنسيج اليدوى فى أخميم حرفة تتحدى العصر الحديث بينما تتجه العديد من الصناعات نحو الآلية، لا يزال النسيج اليدوى فى أخميم يحتفظ بجاذبيته الخاصة ويعرف أصحاب الأنوال بمهارتهم فى استخدام الأنوال اليدوية، مما يضفى جودة فريدة على الأقمشة المنتجة.
أما المرأة فى أخميم فهى العمود الفقرى لصناعة النسيج حيث تلعب النساء فى أخميم دورل محوريا فى صناعة النسيج يعملن فى البيوت والورش الصغيرة، حيث يقمن بالغزل والتطريز والصباغة والنسيج ليس مجرد عمل، إنه جزء من هوية المرأة الأخميمية وثقافتها وهى فخر رسالة تحملة روعة المنسوجات اليديوية إلى العالم كله لما فيها من إتقان وما فيها من إبداع وفن وأعمال يديوية ليسلها مثيل فى أى مكانا أخر.
وصناعة النسيج اليديوى بمدينة أخميم تع فى هذا التوقيت بين مطرقة التحديث وسندان الحفاظ على التراث فهى تواجه تحديات كبيرة فى تواجه المنتجات المستوردة التى هى الأقل تكلفة تؤثر بشكل كبير على أصحاب الأنوال فصناعة النسيج تحتاج إلى دعم لتحسين عملية التسويق لها فى كل مكان وخاصة التى تهتم بالحرف التراثية.
ومع التطور وقيام الحكومة بإدخال النظم التكنولوجية الحديثة يمكن للحرف التراثية وفى مقدمتها المنسوجات الأخميمية أن للسياحة والتجارة فمفتاح التسوق لمثل تلك المنتجات والحرف التراثية هى التجارة الإلكترونية فمع تزايد الاهتمام بالسياحة الثقافية، يمكن أن تلعب هذه الصناعة دورا أكبر فى تعزيز الاقتصاد المحلي.
يشير الأستاذ خالد، خبير فى التراث الثقافى، إلى أن السياحة يمكن أن تُسهم فى تسويق منتجات النسيج الفريدة التى تصنع فى أخميم "فالسياح يحبون اقتناء الأقمشة المطرزة يدويا، لأنها تعكس التراث والمهارة الفريدة لأخميم"، وبالرغم من التحديات الكبيرة التى تواجهها صناعة النسيج فى أخميم، ومع عزيمة النوالين ودعم القيادة السياسية من جانبها لم تترك تلك المهنة فى مواجهة العقبات بل أنها سعت جاهده للحفاظ عليها من خلال إنشاء قرية لصناعة النسيج بحى الكوثر، والتى ضمت العديد من النوالين من أجل الحفاظ على المهنة من الإنقراض، وهذا ما تبناه شيخ النساجين عبدالصبور هريدى، والذى ظل النول الخاص به بلا توقف حتى الآن، سافر العديد من الدول للترويج لتلك المنتجات، شارك فى معرض التراث بحضور الرئيس السيسى، علم أولاده الحرفة ويقوم بتدريب العديد من الشباب على كل الأعمال.
فى مواجهة هذه التحديات، يُعتبر عبدالصبور هريدى، المعروف بلقب "شيخ النساجين"، رمزًا للحفاظ على تراث النسيج فى أخميم. بفضل جهوده الدؤوبة ودعم الحكومة، تم إنشاء قرية لصناعة النسيج فى حى الكوثر، حيث تم توفير بيئة مناسبة للنوالين للحفاظ على مهنتهم وتطويرها. عبدالصبور، الذى لم يتوقف نوله عن العمل منذ عقود، سافر إلى العديد من الدول للترويج للمنسوجات الأخميمية وشارك فى معارض تراثية مهمة، منها معرض التراث الذى حضره الرئيس السيسي.
ويقول عبدالصبور: "مدينة أخميم، أو كما نحب أن نسميها، 'مانشستر ما قبل التاريخ'، تُعد قلعة من قلاع صناعة المنسوجات. عبر العصور، لم يكن هناك منزل يخلو من نول، ولم يكن هناك صوت أعلى من صوت الأنوال. هذه الأنوال كانت تصنع أكفان ملوك الفراعنة، وكسوة الكعبة المشرفة، واليوم نصنع منها الكوفرتات، والشالات التى يأخذها السياح معهم كذكرى من هذه المدينة العريقة."
الخيوط ترسم لوحة فنية
شاب تعلم المهنة من والده تواصل الإجيال
شاب يعمل على النول
لون جميل لمفرش
نول يعود لعهد الفراعنه