صوت المقاومة والحرية.. أسرار في حياة المطرب محمد حمام.. اكتشف جمال صوته بالصدفة داخل المعتقل.. زامل كبار السياسيين والكتاب والشعراء في سجن الواحات.. وله تجربة مهمة في الغناء والتمثيل مع نجوم فرنسا

السبت، 09 نوفمبر 2024 06:29 م
صوت المقاومة والحرية.. أسرار في حياة المطرب محمد حمام.. اكتشف جمال صوته بالصدفة داخل المعتقل.. زامل كبار السياسيين والكتاب والشعراء في سجن الواحات.. وله تجربة مهمة في الغناء والتمثيل مع نجوم فرنسا المطرب محمد حمام
منة الله حمدى - نهير عبدالنبى - إيمان ملاك

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

اكتشف جمال صوته بالصدفة داخل المعتقل
زامل كبار السياسيين والكتاب والشعراء فى سجن الواحات
له تجربة مهمة بالغناء والتمثيل مع نجوم فرنسا

الفتى الأسمر ذو الملامح الحنونة والصوت الدافئ الشجى، ابن بلاد الدهب وعاشق النيل، محمد حمام، الذى اشتهر بلقب «صوت المقاومة».

انطلق صوته من بين جدران المعتقل قبل أن يكمل العشرين من عمره. صوتُ مفعم بالتراث النوبى.. أوله حزنُ وآخره أمل.

قال عنه موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب «هذا صوت خطير»، ورغم هذا قال عن نفسه « ماكنش فى دماغى حكاية الغنى خالص».

بداية الرحلة

نعود للخلف عدة سنوات لنتحدث عن نشأة الفتى ابن الجنوب، اسمه محمد سيد محمد إبراهيم، ولد فى نوفمبر 1935 فى حى بولاق أبو العلا بالقاهرة، عاش الابن الأوسط بين أخواته مع والديه طفوله هادئة، فكان طبعه الهدوء والتأمل، وزادت تلك الصفة حين انتقل للعيش مع أسرته إلى بلاد النوبة فى أسوان مسقط رأس أسرته ومكان استقرار عائلته، عاش فيها حتى أصبح شابا يافعا ثم عاد إلى مكان مولده فى بولاق.

الأب كان يعمل على مركب المحورسة الخاصة بالملك فاروق، حكايات الأب عن الملك والحاشية كانت جزءا من وعى شاب مصرى يبحث عن استقرار بلده، فانضم الشاب محمد حمام إلى أحد التنظيمات الشيوعية حركة «حدتو» فى ذلك الوقت.

أمنية محمد حمام

فى سن السابعة عشر عاما وبالتحديد عام 1954، عرف حمام طريقه إلى السجون، وقضى فيها خمسة أشهر وخرج ليلتحق بكلية الفنون الجميلة. يقول حمام فى أحد البرامج التليفزيونية التى كانت تذاع على شاشة القناة الأولى بعنوان أول مرة «كنت بروح مع والدى الشغل فى أسوان وكان له رئيس مهندس، فشغلتنى إزاى يكون على والدى كبير العيلة رئيس بيقولوله يابشمهندس، من وقتها قررت أكون مهندس، وبالفعل حصل وبقيت مهندس».

محمد حمام فى سجن الواحات

تمر الأيام وينتظم الفتى الأسمر فى دراسته ولكن قبل تخرجه اعتقل للمرة الثانية وكان ذلك عام 1959 داخل سجن الواحات، يقول الكاتب الصحفى والشاعر الغنائى محمد العسيرى عن هذه الفترة فى حياة محمد حمام «سجن الواحات هو الفرن الذى خبز «محمد حمام» وآخرين، لأن رفقاء الحبس كان بينهم كبير شعراء العامية فى ذلك الوقت فؤاد حداد، وفى نفس الزنزانة يوجد صاحب الرواية الأشهر فى تاريخ الصعيد وأسوان تحديدًا «الشمندورة»، محمد خليل قاسم، وأحد المناضلين المهمين فى مصر، زكى مراد، وكان هناك أيضًا شخصية هامة للغاية هى حسن فؤاد، صحفى وسيناريست وناقد وفنان تشكيلى ومخرج مسرحى، والذى كان صاحب الفضل الأول على الفنان والمطرب محمد حمام».

الصدفة كشفت صوت حمام

وكما يقول المثل «رُب ضارة نافعة»؛ وفى ليلة من ليالى السجن الكالحة، كتب الشاعر فؤاد حداد فى عيد ميلاد زكى مراد أغنية يمتدح فيها لونه الأسمر، وغناها «حمام» بصوته فى السجن وبلحن آخر مختلف عن الذى اشتهرت به، ففوجئ الجميع بعذوبة صوته وجماله وكانت هى الشرارة الأولى للمطرب النوبى محمد حمام.

جاء اليوم الذى طالما حلم به حمام، فخرج إلى النور بعد ظلمات سجن خمس سنوات، وعاد على الفور لحلمه وأكمل دراسته وحصل على بكالوريوس الهندسة قسم عمارة.

بداية مشواره الفنى

بعد خروجه من المعتقل فتح له رفيق السجن حسن فؤاد بابا كبيرا واسعا على الجمهور، فدعاه فى أحد البرامج الإذاعية الكبرى وكانت البداية والنجاح الكبير، فقد سمعت أذن المصريين صوتا عذبا يشبه صوت «حدو الجمال» فى أصالة تشبه طيب بلدنا كما وصف صوته الكاتب الصحفى محمد العسيرى ليلتقى بعدها بالشعراء والملحنين الكبار ومنهم عبدالرحمن الأبنودى، والملحن محمد الموجى الذى قدمه فى حفل أضواء المدينة بسينما قصر النيل  وكانت أولى حفلاته، وغنى «ياعم يا جمال».

ويقول الكاتب الصحفى سعيد الشحات عن تلك الواقعة «أول مرة ظهر فيها محمد حمام عام 1968 كان على مسرح قصر النيل فى حفل أضواء المدينة، ولأن الخجل من طبع «حمام» فكان مترددا فى الدخول على خشبة المسرح للغناء، فقام الموجى بزقه ليكون أمام الأمر الواقع فغنى حمام واضعًا يده فى جيبه طول مدة الأغنية».

حمام صوت المقاومة والحرية

انطلق الفتى الأسمر فى عالم الفن كطائر حُر طاف ربوع مصر والبلاد العربية كافة، عشق حياة الحرية، حتى هداه قلبه إلى بر الأمان فدق قلبه وتزوج بعد قصة حب قوية بينه وبين بنت الأكابر السيدة راوية المانستيرلى حفيدة المانستيرلى باشا، وكانت الزيجة الأولى له ولم ينجب منها أولاد.

فى ذلك الوقت كانت له رحلة طويلة، عاشها حمام مناضلًا على جبهة مدينة السويس بعد نكسة 67، كفدائى مخلص يدافع عن وطنه بكلمات من طلقات حماسية ونغمات رقيقة دافئة، وكما قال «الشحات» عن تلك الفترة الهامة فى حياة «حمام» أنه استطاع أن يمزج بين الفن والسياسة، فكان يساريا قارئا مثقفا أدى الأغنية كرسالة لذلك كان مغموسا فى هم البلاد، فكان صوت المقاومة المصرية فى ذلك الوقت بشكلها الفدائى، لمع حمام بعد انضمامه إلى فرقة ولاد الأرض بقيادة الكابتن غزالى بمدينة السويس مع الشاعر عبدالرحمن الأبنودى، فكانت أغانيه تحفز وتشجع على المقاومة مصاحبة لمزيكا السمسمية الشهيرة، وكانت أهم أغانيه  فى تلك الفترة أغنية «يابيوت السويس يابيوت مدينتى»، والله ليطلع النهار ياخال، وغيرها من الأغانى التى كان لها دور عظيم فى تلك الفترة. بالإضافة إلى الأغانى التى شارك بها فى الإذاعة المصرية ومنها مسلسل شفيقة ومتولى وبعض أغانى الأفلام السينمائية.

هجرة حمام إلى فرنسا

فى سبعينيات القرن الماضى وبعد انتصار حرب أكتوبر 1973، قرر السفر خارج البلاد، فذهب حمام للعمل فى الجزائر، وعمل مهندسا معماريا وانتقل بعدها إلى بغداد وسجل بصوته أغانى فى الإذاعة العراقية، ولكن كما قال فى حواره التليفزيونى فى برنامج «أول مرة» تقديم المذيعة عزة مصطفى «عينى كانت على أوروبا» فحط به الرحال فى باريس.

غناء وتمثيل

وفى باريس كانت لـ«حمام» شهرة واسعة وأقام حفلات كبيرة ناجحة وشارك كبار النجوم الفرنسيين فى ذلك الوقت ومنهم جورج مستاكى،  كما شارك بالتمثيل فى فيلم فرنسى، وهناك انفصل عن زوجته الأولى ابنة المانستيرلى باشا وتزوج من فتاة اسمها «جميلة» وغنى لها أغنيته الشهير «يا جميلة» وأنجب منها ليلى وتعيش الآن فى باريس، وقد صرح بهذا فى برنامج «أول مرة» المذاع على التليفزيون المصرى فى تسعينيات القرن الماضى،  ولكن تم الطلاق للمرة الثانية.

العودة

وعاد حمام إلى مصر وحيدًا ليؤسس مكتبًا هندسيًا فى القاهرة ويتزوج للمرة الثالثة من الفنانة نهير أمين ولكن لم يدم الزواج طويلًا فتم الطلاق للمرة الثالثة وأغلق المكتب وعاش حمام بروح طائر وحيدًا يطوف بين القاهرة وأسوان كعابر سبيل يبحث عن أمانه.

وفاته

وفى عام 2000 أصيب محمد حمام بجلطة فى المخ تسببت فى شلل إحدى يديه وساقيه، وعاش طيلة سبع سنوات فى ألم، ليرحل فى الساعات الأولى من صباح السابع والعشرين من فبراير عام 2007، بعد أن ترك لنا إسهامات فنية متميزة ونادرا ما تتكرر حيث كانت اسهاماته ابنة عصر المقاومة والحب والفداء، وهى المعانى التى كان صوته الشجى قادرا على التعبير عنها.

محمد-حمام-في-اوكرانيا
محمد حمام في أوكرانيا

 

محمد-حمام-في-غرب-اسوان
محمد حمام في غرب أسوان
محمد-حمام-مع-الموجي
محمد حمام مع الموجي
p.6
 






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة