أصدر معهد صحة الحيوان، بحثا عن ميكروب البروسيلا الذى هى جنس من البكتيريا الاختيارية المعيشة داخل الخلايا والسالبة لصبغة الجرام والتى تصيب العديد من الحيوانات وهى أيضًا من المسببات البكتيرية المسؤولة عن مرض الحمى المالطية بالإنسان.
وعلى الصعيد العالمي، تعد الحمى المالطية أحد أكثر أنواع العدوى الحيوانية المنشأ شيوعًا، حيث يقدر معدل الاصابة بالمرض بنحو نصف مليون حالة اصابة جديدة سنويًا، ووفقًا لأحد أبحاث معهد صحة الحيوان فإن ميكروب البروسيلا ينتقل إلى الانسان بشكل رئيسى من مخازنه الحيوانية عن طريق الاتصال المباشر مع الحيوانات المصابة أو من خلال اللحوم النيئة ومنتجات الألبان الملوثة والغير معاملة حراريا.
وأوضح البحث أن العدوى تظهر فى الانسان بشكل حاد أو خبيث، مع أعراض حمى متموجة أو غير منتظمة بالاضافة إلى إرهاق، فقدان الشهية، فقدان الوزن، صداع، ألم مفصلى أو وجع عام. قد تتطور تلك الحالة إلى شكل مزمن مع مضاعفات شديدة واحيانا خطيرة.
و تطلب الاصابة بـ البروسيلا العلاج الصحيح والمطول لمضادات الميكروبات حيث يوصى بشدة بإجراء اختبار الحساسية للمضادات الحيوية حيث اوضحت العديد من الدراسات حول العالم مقاومة البروسيلا للعديد من الأدوية المضادة للميكروبات شائعة الاستخدام، مثل ريفامبيسين وتريميثوبريم / سلفاميثوكسازول.
ومع ذلك، لا يتم إجراء اختبار الحساسية للمضادات الحيوية دائمًا، بسبب التحديات المتعلقة بالامان الحيوى للأفراد بالاضافة إلى قدرة انواع البروسيلا المختلفة إلى التحول بسهولة إلى رذاذ الذى يشكل مخاطر عالية للإصابة بالعدوى المكتسبة فى المختبر لذا فإن مختبرات الامان الحيوى المستوى الثالث فى هذه الحالة ضرورية جدا.
ويعد استخدام اختبار الحساسية لمضادات الميكروبات هو الحل للتحكم والعلاج المناسبين للاصابة بميكروب البروسيلا حيث يتم استخدام طرق التخفيف الدقيق أو شريط التدرج (اختبار E) فى تحديد الحد الأدنى للتركيز المثبط (MIC) لمضادات الميكروبات ويتم استخدام تسلسل الجينوم الكامل لتحديد الجينات المرتبطة بالمقاومة للمضادات الحيوية.
و من خلال الدراسات التى اجريت فى مصر فى هذا الصدد تم التأكد من الجينات والطفرات المرتبطة بمقاومة مضادات الميكروبات فى البروسيلا ضمن 29 معزولة من البروسيلا ابورتس والبروسيلا ميليتنسيز المعزولة من الحيوانات حيث اوضحت النتائج مقاومة البروسيلا ميليتنسيز الاكثر شيوعا فى مصر إلى السيبروفلوكساسين والإيميبينيم والريفامبيسين بينما اظهرت النتائج مقاومة البروسيلا ابورتس لكلا من الإريثروميسين والريفامبيسين.
و تم التعرف على الطفرات فى جين rpoB المرتبطة بمقاومة الريفامبيسين فى جميع المعزولات المقاومة للمضادات الحيوية باستخدام النمط الظاهرى وقد تم تحديد الطفرات فى جينات gyrA وgyrB المرتبطة بمقاومة السيبروفلوكساسين فى أربع معزولات من البروسيلا ميليتنسيز.
و يعتبر تسلسل الجينوم الكامل (WGS) أداة أكثر قوة للتصنيف الدقيق لانواع البروسيلا المختلفة حيث يمكن دراسة الجينوم الكامل للبكتيريا وبالتالى زيادة القوة التمييزية بالإضافة إلى ذلك يعد تسلسل الجينوم الكامل للميكروبات أداة مهمة لرسم خرائط جينومات الكائنات الجديدة والكائنات الحية المعروفة، أو مقارنة الجينومات عبرعينات متعددة وكذلك يعد تسلسل الجينومات البكتيرية والفيروسية والميكروبات الأخرى أمرًا مهمًا لإنشاء جينومات مرجعية دقيقة، وللتعرف على الميكروبات.
و على عكس التسلسل الشعرى أو النهج القائمة على اختبار انزيم البلمرة المتسلسل، يسمح تسلسل الجيل التالى (NGS) للباحثين فى علم دراسة الكائنات الدقيقة بتسلسل مئات الكائنات الحية الدقيقة وذلك على عكس الطرق التقليدية حيث لا يعتمد تسلسل الجينوم الميكروبى المستند إلى تسلسل الجيل التالى على خطوات الاستنساخ كثيفة العمالة، مما يوفر الوقت ويبسط سير العمل.
كما يمكن ل تسلسل الجيل التالى تحديد التغيرات فى الحمض النووى قليلة التكرار والشيوع وإعادة ترتيب الجينوم التى قد يتعذر اجرائه أو يكون مكلفاً للغاية لتحديده باستخدام طرق أخرى.
و أدى التقدم فى تسلسل الجينوم الكامل إلى خفض التكلفة الاقتصادية الكاملة لتسلسل الجينوم البكتيرى النموذجى بالإضافة إلى تزايد سرعة التسلسل، مع احتمال حدوث انخفاض فى الوقت المستغرق فى تسلسل الجينوم الميكروبى من عدة أيام أو أسابيع إلى ساعات فقط فى المستقبل القريب.
ويساعد الجمع بين التكلفة المنخفضة ووقت التسليم السريع للتسلسل الجينوم الميكروبى الكامل يساعد على فهم تطور مسببات الأمراض والانتشار العالمى لمقاومة مضادات الميكروبات، وهى مشكلة حددتها منظمة الصحة العالمية (WHO) باعتبارها واحدة من أكبر ثلاثة تهديدات لصحة الإنسان.
ومن التطبيقات الواضحة لـ WGS هو التصنيف والتتبع الوبائى للانماط الميكروبية المسببة للامراض، وتحديد مسارات انتقال مسببات الأمراض، ودعم التحقيقات فى تفشى المرض.
و تتمتع تقنيات التنميط الجينى البكتيرى الحالية بدقة محدودة لأنها تستجوب مناطق صغيرة فقط من الجينوم الميكروبي، بينما يوفر تسلسل الجينوم بأكمله الدقة النهائية للدراسات الوبائية، كما هو موضح فى العديد من الدراسات الحديثة حيث سيوفر هذا آلية لرصد تفشى المرض فى الوقت الفعلى ويسلط الضوء على الفرص اليومية لمكافحة العدوى ومع ذلك، يلزم إجراء دراسات جيدة التصميم لكل مُسبب مرضى لتحديد ما إذا كان الاستخدام الروتينى لـتسلسل الجينوم الكامل سيكون فعالًا من حيث التكلفة من عدمه.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة