تدخل اتفاقية التجارة الحرة بين الصين ودول مجلس التعاون الخليجى مراحلها النهائية ، بعد 20 عاما من المفاوضات بشأنها والتي شهدت تعثرا في بعض مراحلها، و تركز الاتفاقية على ما هو أبعد من قطاع النفط، لتشمل التجارة والخدمات (بما في ذلك الرقمية منها)، وقطاعات التكنولوجيا، والاستثمار، سواءً عبر المَحافِظ الاستثمارية، أو الاستثمارات المباشرة.
ومن المتوقع أن تفتح تلك الاتفاقية آفاقا واسعة للتعاون بين الجانبين في سياق استراتيجية منطقة الخليج استعدادا لمرحلة ما بعد "النفط"، وأيضا ستقفز بمعدلات التبادل التجارى بينهما قفزة كبيرة فقد يتضاعف حجم التبادل التجارى بين بكين والخليج.
وتعتمد المفاوضات بين دول الخليج والصين في التوصل إلى اتفاقية للتجارة الحرة على الاتفاقية الإطارية للتعاون الاقتصادي والاستثماري والفني الموقعة بين دول المجلس والصين في العام 2004، وكذلك مذكرة التفاهم الموقعة بين الجانبين عام 2010.
وحول آخر مستجدات تلك الاتفاقية، قال الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، جاسم البديوي، إن مفاوضات دول المجلس مع الصين بشأن اتفاقية التجارة الحرة وصلت إلى المرحلة النهائية.
وأضاف البديوي، إنه يأمل في إنجاز الاتفاقية في ديسمبر المقبل، و تسهم اتفاقية التجارة الحرة في تعزيز العلاقات التجارية والاستثمارية القائمة بين دول مجلس التعاون الخليجي وجمهورية الصين.
فوائد متبادلة
بلغ حجم التبادل التجاري بين الصين ودول مجلس التعاون الخليجي نحو 287 مليار دولار في 2023 حسب بيانات الجمارك الصينية، في حين تستحوذ السعودية على ما يقرب من 40% من حجم التبادل التجاري بين الخليج والصين، وفق بيانات مجلس التعاون الخليجي.
ومن جانبه ، وصف البديوي العلاقات بين دول مجلس التعاون والصين بأنها "ممتازة"، مشيرا إلى أن الجانبين ينسقان في القضايا المختلفة، وقال إن اتفاقية التجارة الحرة سوف تفتح الأسواق لما يحقق مصلحة الجميع.
وبالنسبة للعلاقات الاقتصادية بين الصين(أكبر مستوردة للنفط في العالم) حجماً والخليج ، فلا تزال منطقة الخليج والشرق الأوسط تمثل ضرورة حيوية لصادرات الصين من الطاقة، على الرغم من أن الحرب في أوكرانيا غيرت جزئيا في خرائط الاستيراد والتصدير في قطاع الطاقة، حيث اشترت الصين كمية قياسية تبلغ 107 ملايين طن من النفط الخام الروسي في 2023، بزيادة 24% عن عام 2022، مقابل نحو 85.96 مليون طن من السعودية، وهذه هي المرة الأولى التي تصبح فيها روسيا الموردة الأولى للصين منذ 2018.
وتقدم دول مجلس التعاون الخليجي استثمارات كبيرة بالتزامن مع إمكانية وصول الشركات الصينية إلى أسواق رئيسة تشمل دولة الإمارات والمملكة العربية السعودية وغيرهما.
بالمقابل، تتمتع الصين بإمكانات صناعية وتكنولوجية تعد مرتكزات أساسية لدعم نمو منطقة الخليج والشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ومن جانبه أكد وزير الخارجية الصيني وانج يي، خلال جولة سابقة شملت 4 دول خليجية، أن هدف بلاده مع دول مجلس التعاون الخليجي هو التوصل إلى اتفاقية حول التجارة الحرة بين الطرفين، وهو ما سوف يسهم في زيادة الصادرات والواردات بينهما، ويُثري المقومات الاستراتيجية للعلاقات بين الجانبين، ويسهم في تسريع وتيرة الانتعاش الاقتصادي في الصين ودول المجلس والعالم.
كما أن إبرام اتفاقية التجارة الحرة بين الجانبين يصب في صالح جهود الصين الهادفة إلى تحقيق أكبر قدر من المواءمة بين "مبادرة الحزام والطريق" والخطط التنموية الخليجية، خصوصاً خلال العقدين المقبلين.
ووفق خبراء خليجيين ، فإن اتفاقية التجارة الحرة بين الخليج والصين ستفتح مجالا للتعاون في قطاعات جديدة مثل الخدمات والتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي والروبوتات، وتعزز الروابط في البنية التحتية والنقل والخدمات اللوجستية، مما يؤدي إلى مضاعفة محتملة للتجارة غير النفطية، و أيضاً في مجالات البناء والتصنيع والسياحة واستكشاف الفضاء، فضلاً عن ربط الأسواق المالية، ويمكن أن تكون هناك فوائد كبيرة من اعتماد بترو يوان (مع استمرار تسعير النفط بالدولار)، كما يمكن لصناديق الثروة السيادية في دول مجلس التعاون الخليجي أن تركز المزيد من محافظها الاستثمارية على الاقتصادات الآسيوية، وخاصة الصين، والعكس صحيح".
كما تساعد اتفاقية التجارة الحرة مع الصين الدول الخليجية، على إعادة تصدير البضائع الصينية إلى جهة ثالثة.