مع انهيار نظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد، تفاوتت ردود الأفعال بين الاحتفاء والقلق، بينما يبقى الترقب عاملا مشتركا بين الجانبين، في ضوء العديد من المستجدات، ربما أبرزها الاعتداءات الإسرائيلية المتواترة، وانهيار اتفاق فض الاشتباك، والسيطرة الكاملة على الجولان، دون أدنى مقاومة، مع استهداف مقدرات الجيش السوري، ناهيك عن تساؤلات عدة عن مستقبل الداخل، في ضوء مخاوف مشروعة، جراء تجارب سابقة شهدتها المنطقة، خلال العقد الماضي، إبان ما يسمى "الربيع العربي"، وما أسفر عنه من حالة فوضى عارمة، وضعت العديد من دول المنطقة، على حافة الهاوية، على خلفية انهيار المؤسسات، وغياب الأمن، وهو الأمر الذي شهدته سوريا نفسها في العديد من مراحل الأزمة، إبان استيلاء داعش على رقعة من أراضيها خلال تلك الفترة، قبل تحريرها بفضل التحالف مع روسيا.
وبالنظر إلى التجربة السورية ومستجداتها، نجد أن ثمة حقيقة مفادها أن حالة الفوضى، التي تبعت الربيع العربي، وإن توارت لسنوات، تبقى مرشحة للانفجار والتفاقم بشكل مفاجئ، حال العجز عن علاج مسبباتها، من خلال مسارات متوازية على الصعيد السياسي والأمني والاقتصادي، وحتى على الصعيد الدبلوماسي، من خلال التحول نحو تبني نهج جديد قائم على الشراكات، بعيدا عن التحالفات بصورتها التقليدية، وهو ما تجلى بسقوط النظام بعد سنوات من استباب الأمور، إلى الحد الذي ظن فيه البعض أنه تمكن من تحقيق الانتصار الكامل والنهائي.
وهنا تصبح حالة القلق التي تراود قطاع كبير من المتابعين للمشهد السوري حول المستقبل، لها مسبباتها المنطقية، في ظل الاعتداءات الإسرائيلية المشار لها سلفا، والتي تستهدف المقدرات العسكرية للدولة، ناهيك عن التهام أراضيها، رغبة في المزيد من التوسع الجغرافي على حساب الجيران العرب، من جانب، بينما تبقى الرؤى التي سوف يتبناها القادة الجدد، فيما يتعلق بمؤسسات الدولة، وطوائفها، وأطيافها مسارا آخر، لا يقل أهمية عند الحديث عن مستقبل دمشق، خاصة وأن المخاوف تبقى كبيرة جراء احتمالات سيطرة النزعة الانتقامية على الجماعات المسلحة، وهو ما يزيد الفجوة بين الأطراف الفاعلة، ويضع البلاد في دائرة الصراع الأهلي مجددا، وهو ما يمثل تهديدا صارخا لوحدة الدولة وسلامة أراضيها.
المشهد السوري يبدو متشابكا، جراء سقوطه بين مطرقة العدوان الإسرائيلي الوحشي، حيث تحولت دمشق إلى الجبهة التي وجد فيها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ضالته، لتكون بديلا للبنان، بعد رضوخه مضطرا إلى وقف إطلاق النار، عقب ضغوط غربية شرسة، وسندان الفوضى المرشحة للتفاقم في الداخل، حال تكرار تجارب النماذج الأخرى التي شهدتها، ومازالت تشهدها بعض الدول الأخرى.
ولعل المواقف التي تبنتها القوى الرئيسية في منطقة الشرق الأوسط، وفي القلب منها مصر، تجاه ما شهدته سوريا من مستجدات، حملت في طياتها دعما صريحا للدولة السورية، ومؤسساتها ووحدة أراضيها، وهو ما يمكن استلهامه من البيان الصادر عن وزارة الخارجية المصرية، وكذلك البيانات الصادرة عن الدول الأخرى، مع التأكيد على الوقوف إلى جانب الشعب السوري، والذي يمثل لب الاهتمام، مع الدعوة إلى تحقيق تكامل في الأهداف والأولويات خلال المرحلة الحالية، والتي تحظى بقدر كبير من الحساسية.
الموقف المصري، تجاه الأوضاع في سوريا، يتجلى في الانتصار للشعب السوري، ودولته ومؤسساتها، بحيث يتم بناء المستقبل بقرار وآليات من الداخل، دون أي تدخل خارجي، وهو ما يتطلب ضرورة إجراء حوار شامل، يجمع كافة أطراف المعادلة السورية، لتعكس حالة من التنوع السياسي والمجتمعي، دون إقصاء أي طرف، وهو ما يمثل قراءة جيدة للأحداث، التي شهدتها دمشق خلال السنوات الماضية، وما ترتب عليها من تداعيات.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة