مع تصاعد الأوضاع داخل سوريا يبدو أن المتأثر الأول هى المواقع الأثرية ومناطق التراث الإنسانى، والتى تدفع الثمن من وقت اندلاع الثورة فى سوريا فى عام 2011، فقد شهدت أماكن التراث الحضارى والإنسانى، سرقات وتدمير كبير، ليكون حال آثار سوريا العريقة بين منهوبة أو مخربة.
أدرجت منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (يونسكو) ستة مواقع أثرية سورية معرضة للخطر بفعل المعارك الجارية فى هذا البلد على قائمة التراث العالمى المهدد، ولا سيما الأحياء القديمة فى حلب التى أصيبت بأضرار جسيمة منذ اندلاع الثورة السورية فى مارس 2011.
وتضم سوريا ستة مواقع مدرجة على لائحة التراث العالمى، وهى دمشق القديمة، وحلب القديمة، وآثار بصرى الشام، وقلعة الحصن، وموقع تدمر، وقرى أثرية في شمالي سوريا، وقررت لجنة التراث العالمي في اليونسكو المجتمعة في دورتها السنوية في عاصمة كموديا بنوم بنه اليوم وضع الأماكن الستة على لائحتها للمواقع المهددة.
دمشق القديمة
تُعدّ مدينة دمشق عاصمة سوريا، وتُعتبر واحدةً من أقدم المدن المأهولة بالسكان في العالم، ويرجع تاريخها إلى 11,000 عام، حيث تأسست المدينة في الألفية الثالثة قبل الميلاد، وعليه فإنّها تحتوي على العديد من المواقع الأثرية التي تعود في أصلها للحضارات المختلفة التي مرّت بها منذ الحضارة الرومانية وحتّى السلاجقة الأتراك، ويوجد فيها حوالي 125 نصب تذكاري وموقع أثري، ومن أهم معالم المدينة وأكثرها شهرة الجامع الأموي الكبير.
حلب القديمة
تقع مدينة حلب على مفترق الطرق التجارية المشهورة منذ الألفية الثانية قبل الميلاد، وعليه فقد خضعت لحكم العديد من الحضارات، فحكمها الحيثيون، والسريانيون، والأكاديون، والإغريق، والرومان، والأمويون، والأيوبيون، والمماليك، والعثمانيون على الترتيب؛ لذلك تشتهر حلب بالعديد من المواقع الأثرية كحصن حلب، والمسجد الكبير الذي بُني في القرن الثاني عشر للميلاد، والمدارس الدينية التي بُنيت في القرنين السادس والسابع عشر للميلاد، والعديد من المساكن، والخانات، والحمامات العامة.
آثار بصرى الشام
ظهر اسم بصرى الشام في رسائل تل العمارنة الشهيرة المكتشفة في مصر، والتي يعود تاريخها إلى القرن الرابع عشر قبل الميلاد، وتُظهر هذه الرسائل المراسلات الملكية بين ملوك الفراعنة، والفينيقيين، والعموريّين، فقد كانت بصرى الشام العاصمة الشمالية لمملكة الأنباط، ثمّ بدأت حقبة جديدة سنة 106م، أصبحت بصرى وجهةً تجاريةً رئيسيةً للقوافل العربية خلال الحكم البيزنطي، كما لعب أساقفتها دوراً مهمّاً في بطريركية أنطاكيا، وكانت أول مدينة عربية يفتحها العرب في الفتوحات الإسلامية سنة 634م، وكذلك تُعتبر المدينة موقعاً أثرياً مهمّاً، حيث تحوي آثاراً رومانية، ونبطية، وبيزنطية، وإسلامية، مثل: المسرح الروماني الذي بُني في القرن الثاني عشر للميلاد في زمن الإمبراطور الروماني تراجان، والمسجد العمري الذي يُعتبر أقدم مسجد ناجٍ في التاريخ الإسلامي، وكاتدرائية بصرى المبنية في الفترة المسيحية المبكرة.
موقع تدمر
توجد العديد من الآثار الرومانية، والإغريقية، والفارسية في تدمر الواقعة وسط الصحراء السورية، والتي تُعتبر واحدةً من أكثر المناطق جذباً للسياح في سوريا، حيث اكتسب موقعها الأثريّ أهميته بسبب موقعه سابقاً كموقف رئيسي للقوافل التجارية منذ سنة 44 ق.م وحتّى سنة 272م، ويُذكر أنّ تدمر أُضيفت رسميّاً لقائمة التراث العالمي سنة 1980م، تشتهر تدمر بعدّة آثار منها شارع الأعمدة الكبير الروماني الذي يبلغ طوله 1100 متر، والذي يحيط بشارع يربط معبد بل بساحة معسكر دقلديانوس، كما تضم تدر الساحة الدائرية، والمسرح الكبير، والعديد من المعابد الرومانية، بالإضافة إلى بعض المقابر الموجودة خارج أسوار المدينة في المنطقة التي تُسمّى بوادي القبور، وقلعة فخر الدين المعني التي تُعرف أيضاً باسم قلعة تدمر، أو قلعة ابن معن، والتي يعود تاريخها إلى القرن الثالث عشر الميلادي.
قلعة الحصن
تقع قلعة الحصن بالقرب من مدينة حمص، وهي واحدة من أجمل قلاع العصور الوسطى الصليبية في العالم، ومن أقوى الحصون في الشرق، وتتألّف من قلعتين متحدتي المركز، فالقلعة الخارجية محاطة بجدار دفاعي معزّز بأبراج شبه دائرية، أمّا القلعة الداخلية فهي أعلى من القلعة الخارجية وتطل عليها من الأعلى؛ وذلك بسبب المنحدر الذي بُنيت عليه.
قرى أثرية شمال سوريا
منها قرية أوغاريت الأثرية التي تقع على تلة اصطناعية كبيرة تُسمّى رأس شمرا، وتبعد 10كم شمال اللاذقية، وتقع المدينة على ساحل البحر الأبيض المتوسط الشمالي، وقد كان أول من اكتشفها فلاح في ميناء البيضا أثناء استخدامه للمحراث، وعليه بدأت حملة حفريات رسمية في الموقع من قِبل علماء آثار فرنسيين بإشراف كلود شيفر، كما تُعتبر حروف كلمة أوغاريت الأكثر تعقيداً في العالم القديم؛ حيث تحتوي الكلمة على ثلاثين رمزاً.
وكذلك قرية دورا أوربوس التي تقع في الشمال الشرقي من مدينة دير الزور، وتحديداً بين مدينة الميادين ومدينة البوكمال، واشتهرت المدينة بكنيسة دورا أوربوس المبنية سنة 232م والتي تُعتبر أول كنيسة منزلية مكتشفة في العالم، وسُمّيت بذلك لأّنه خلال القرون الثلاث الأولى للكنيسة كان المسيحيون يلتقون في المنازل للعبادة؛ وذلك بسبب الاضطهاد الواقع عليهم قبل صدور مرسوم قسطنطين سنة 313م، والذي أعلن فيه التسامح الديني في جميع أنحاء الإمبراطورية، كما أنّها واحدة من أقدم الكنائس المُحافَظ عليها، ويُعتقد أن اللوحات الجدارية الموجودة حالياً فيها ربما تكون أقدم رسومات كَنَسية في العالم على الإطلاق.