سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 11 ديسمبر 1911..مولد الأديب العالمى نجيب محفوظ الذى ورث عشق حى الحسين عن أمه وينفى علاقة والده بشخصية «سى السيد» فى الثلاثية

الأربعاء، 11 ديسمبر 2024 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 11 ديسمبر 1911..مولد الأديب العالمى نجيب محفوظ الذى ورث عشق حى الحسين عن أمه وينفى علاقة والده بشخصية «سى السيد» فى الثلاثية الأديب العالمى نجيب محفوظ

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

أنجبت السيدة فاطمة إبراهيم مصطفى، ستة أبناء متعاقبين، أربع إناث وذكرين، ثم توقفت تسع سنوات، وولدت بعدها طفلها «نجيب محفوظ» فى 11 ديسمبر، مثل هذا اليوم، 1911، حسبما يذكر الكاتب الروائى جمال الغيطانى فى كتابه «نجيب محفوظ يتذكر».

اختار الأب «عبدالعزيز إبراهيم أحمد الباشا» والأم اسما مركبا لمولودهما هو «نجيب محفوظ»، تيمنا باسم الطبيب الشهير الدكتور نجيب محفوظ الذى أشرف على عملية الولادة، وكان «بيت القاضى» هو المكان الذى ولد فيه نجيب، بينما ولد باقى إخوته فى «درب القزازين» والمكانان فى الجمالية، وفقا لما يذكره هو للكاتب الناقد رجاء النقاش فى «صفحات من مذكرات نجيب محفوظ»، مشيرا إلى أن البيت الذى ولد فيه كان عنوانه رقم 8 فى ميدان «بيت القاضى»، وكان مواجها لقسم الجمالية.

عاش نجيب محفوظ مسكونا بعشق حى الحسين، وورث ذلك عن أمه التى تأثر بها إلى حد كبير، و«كانت مخزنا للثقافة الشعبية»، حسب الوصف الذى ذكره لرجاء النقاش، موضحا: «كانت تعشق سيدنا الحسين وتزوره باستمرار، وفى الفترة التى عشناها فى «الجمالية» كانت تصحبنى معها فى زياراتها اليومية، كانت تطلب منى قراءة الفاتحة عندما تدخل المسجد، وأن أقبل الضريح، وكانت هذه الأشياء تبعث فى نفسى معانى الرهبة والخشوع».

يبدى «نجيب» استغرابه من أن والدته كانت أيضا دائمة التردد على «المتحف المصرى»، وتحب قضاء أغلب الوقت فى حجرة «المومياوات»، ويؤكد: «لا أعرف ولا أجد تفسيرا لذلك فحبها للحسين والآثار الإسلامية كان ينبغى أن يجعلها تنفر من تماثيل الفراعنة، ثم أنها كانت بنفس الحماس تذهب لزيارة الآثار القبطية خاصة دير «مار جرجس»، وتأخذ المسألة على أنها نوع من البركة، وكنت عندما أسألها عن حبها لـ«الحسين» و«مار جرجس» فى نفس الوقت تقول «كلهم بركة»، والحقيقة أننى تأثرت بهذا التسامح الجميل لأن الشعب المصرى لم يعرف التعصب، وهذه هى روح الإسلام الحقيقية».

عاشت أم نجيب محفوظ إلى أن تجاوز عمرها المائة العام، وتوفيت عام 1968، ورغم سنواتها الطويلة على قيد الحياة إلا أنه يعترف بعدم معرفته طوال حياته تفسيرا لغرامها بالآثار القديمة، ويكشف: «فى أسرتنا الآن سيدات تعلمن فى مدارس أجنبية، ويجدن اللغات الأجنبية والعزف على الآلات الموسيقية، ومع ذلك ليس لديهن ثقافة أمى أو غرامها بالآثار، إننى أجد فى أمى عراقة وأصالة أكثر من سيدات هذا الجيل، وإلى جانب عشقها للآثار كانت مغرمة بسماع الأغانى خاصة أغانى سيد درويش، على الرغم من أن والدها الشيخ إبراهيم مصطفى كان شيخا أزهريا وله كتاب فى النحو طبعه فى المطبعة الأهلية».

هكذا تركت أم نجيب محفوظ تأثيرها عليه منذ طفولته، أما عن أبيه المولود عام 1870 والمتوفى عام 1937 وموظف الحكومة، فيقول عنه إنه كان يعامله بلطف وحنان، ولم يضربه فى حياته إلا مرة واحدة، واهتم بتعليم أولاده وأتاح لبناته قدرا من التعليم يعتبر معقولا فى ذلك العصر وهو أوائل القرن العشرين، واهتم بتعليم الأولاد حتى النهاية.

يضيف نجيب، أن والده كان سميعا للأغانى حتى قبل ظهور الراديو، وإذا عرف أن «المنيلاوى» أو «صالح عبدالحى» أو «عبدالحى حلمى» أو غيرهم من كبار المطربين فى ذلك الوقت سوف يغنى أحدهم فى حفل زواج بالمنطقة، فلا بد أن يذهب لسماعه، ويقول: «لم يكن أبى من هواة القراءة، والكتاب الوحيد الذى قرأه بعد القرآن الكريم هو «حديث عيسى بن هشام»، لأن مؤلفه محمد المويلحى كان صديقا له ويسكن فى نفس المنطقة».

يؤكد نجيب، أن والده كان يتحلى بقدر كبير من التسامح والمرونة والديمقراطية وليس فيه استبداد أو عنف، وينفى أن يكون له علاقة بشخصية «السيد أحمد عبدالجواد» بطل الثلاثية، باستثناء حبه للفن فقط، ويكشف أن هذه الشخصية كانت تنطبق أكثر على جار لهم شامى الأصل اسمه «عم بشير» وكان بيته مواجها لبيتهم، يوضح: «عم بشير رغم طيبته كان جبارا، ويعامل زوجته بقسوة لدرجة أنها كانت تأتى إلى والدتى باستمرار تبثها الشكوى من سوء معاملة الزوج، وفى ليالى القمر كانت تجلس مع أمى فوق السطح، وتطلب منى الغناء فألاحظ الدموع على خديها».

ويضيف أنه أخذ أيضا بعض ملامح شخصية «سى السيد» فى الثلاثية من زوج شقيقته «زينب»، ويصفه قائلا: «كان صعيديا من أصل كردى، كان فظيعا، ومع ذلك كانت أختى عندما يفيض بها الكيل تقف فى وجهه بشراسة».

يذكر أن والده مات عام 1937، ولم يطلع على أول رواياته «عبث الأقدار»، يقول: «قرأ لى بعض قصصى الأولى المنشورة فى الصحف، وكان يشعر بسعادة غامرة عندما يقرأ اسمى على هذه القصص، ومع ذلك لم تكن اهتماماتى الأدبية تعنيه كثيرا».







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة