فى لحظات الوداع الأخيرة، تتوقف عقارب الزمن، ليحل الصمت مكان كل شيء، فبين دموع الفقد وصلاة المؤمنين يظهر التابوت كجسر بين الحياة الفانية والأبدية، فهو ليس مجرد صندوق خشبي يحمل جسدًا هامدًا بل قطعة حية تحمل بين أركانها ذكريات الراحلين، حبهم، وآثارهم في قلوب أحبائهم.
وهناك فى أركان الكنيسة الهادئة تتحول الخشبة البسيطة إلى شاهدٍ على أعمق مشاعر الإنسانية: الحزن، والرجاء، والحب الأبدى، فالتابوت ليس مجرد صندوق؛ بل رحلة مصنوعة بأيدٍ تنسج بين الرحمة والحرفة، وفيه تمتزج دموع الفقد مع رموز الإيمان، لتروى حكاية عبور الروح من عالمنا الزائل إلى الأبدية.
وبعيدًا عن الأنظار، يقف صانعو التوابيت ومغسلو الموتى كجنودٍ مجهولين، يلامسون الحياة والموت بكل احترام وصمت، بأيديهم، يصنعون الوداع، ويضيفون لمسة إنسانية لرحلة تنتهي في أحضان الأرض، لكنها تبدأ في السماء.
وفى شارع منشية التحرير بعين شمس ذهب اليوم السابع إلى نبيل البطل ذلك الرجل الذى أخذ على عاتقه مهمة صعبة وشاقة ومليئة بالضغوط نتيجة موقف تعرض له منذ 22 عاماً وهو وفاة حماته ولم يعرف وقتها كيف يتصرف وماذا يفعل ومن يخاطب ليقرر بعد هذا الموقف بأن يصبح متعهد الجنازات ومغسل موتى، مهما كلفه هذا الأمر من وقت ومجهود وتضحيات، ليحكى ويروى لـ"اليوم السابع" قصص وحكايات عن غسل الموتى وعالم صناعة التوابيت في الكنيسة.