تترك الحرب آثارًا نفسية يصعب محوها، وفى لبنان بالتأكيد للحرب آثارها التى تحتاج فترة زمنية لمعالجتها، تصف الدكتورة نيكول هانى، إخصائية نفسية ببيروت ، هذه الآثار بـالـ"عنيفة" الممتدة، حيث تولد لدي الشخص مشاعر تتراوح بين الاكتئاب واضطراب ما بعد الصدمة ، خاصة بالنسبة للمسعفين والطواقم الصحية جراء المشاهد القاسية للأشلاء والجرحى والعالقين، كما تؤثر على اتزان الشخصية، إضافة لمشاعر الذنب حال عدم القدرة على إنقاذ المستغيثين، غضافة إلى ااضطرابات التركيز ونوبات الغضب.
مضيفًة فى حديثها ل"اليوم السابع"، أن الطبيبات والممرضات بحكم عملهن ووجودهن في قلب الحدث وتعاملهن المباشر مع المصابين وتكرار مشاهد الاستشهاد أمام أعينهن، قد يصبن بصدمات عصبية عنيفة ونوبات هلع، وهلوسة سمعية وبصرية، وكل هذا يؤثر بالتأكيد على تعاملهن مع أطفالهن وعائلاتهن، فيصبحن غير قادرات على التعامل معهم بشكل طبيعي.
تستكمل الدكتورة نيكول قائلة : إن هؤلاء يتعرضون أيضًا لنوبات بكاء هيستيرية، وتختلط مشاعر الحزن بالفرح ما بين حزنهم للفشل فى إنقاذ البعض، وفرحتهم لتمكنهم من إنقاذ آخرين، والعجز عن إنقاذ العالقين يخلق ردود فعل نفسية عنيفة على المديين القصير والبعيد، سواء على مستوى الشعور أو الإدراك أو الانفعال أو الصحة العضوية أيضا، فسيطرة الشعور بالحزن والذنب يخلق مشاهد مؤلمة تظل عالقة بالذاكرة، وهذا يؤثر على الصحة الجسدية أحيانا، إضافة إلى تأثيرات على الجانب المهنى والاجتماعى للمنقذين.
وأكدت الدكتورة نيكول، أن أكثر من 60 % من المنقذين يحتاجون لخدمات الرعاية النفسية وبرامج علاجية نفسية، مثل الإسعاف والدعم النفسى الاجتماعى، و20% يحتاجون لعلاجات نفسية متخصصة، إصابة بعضهم بهلاوس سمعية وبصرية ونوبات هلع، وفقدان تدريجى للتركيز .
و تنعكس أيضا آثار تلك الساعات التى يمضونها بين الركام والجثث على سلوكهم مع عائلاتهم، حتى إن بعض الفرق تتعرض لصدمة نفسية جماعية، بعد مشاهد الجثث والدمار التى يعايشونها لأيام متواصلة.
وتشدد الدكتورة نيكول على ضرورة مراعاة الجانب النفسى لأعضاء فرق الإنقاذ حتى لا تؤثر على سلوكهم بشكل دائم.