لي مع الفنان الراحل أحمد راتب ذكريات كثيرة، بدأت من خلال برنامج مع المذيعة إيمان مختار استضافته مع الراحل سعيد صالح وطلبوا مني رأيا نقديا عن أعماله بصورة تستفزه، حيث إن البرنامج كان من برامج المقالب التي عُرضت على قناة الـ art، ومنذ ذلك المقلب وصرنا صديقين، وهو من الفنانين الذين يتمتعون بأخلاق رفيعة وأدب جم، إضافة لحس كوميدي وخفة ظل مستمرة.
شاهدت آخر مسرحية قدمها أحمد راتب على خشبة المسرح، والتقطت معه صورة، ولم أتخيل مطلقا أنها ستكون الصورة الأخيرة لى معه، فبعد نقاش سريع قبل عرض مسرحيته الأخيرة "بلد السلطان" طلبت منه تلك الصورة، فقال لى بخفة ظله: "سلفى ولا عادى"، فقلت له: "لا عادى " فضحك والتقطنا الصورة ولم أتخيل أنها الأخيرة معه.
أحمد راتب
الفنان الراحل أحمد راتب كان من الفنانين الذين لديهم عشق خاص للمسرح ويحرص دائما على الوقوف على خشبته، وربما ذلك سببه عشقه للمسرح فى المدرسة ثم التحاقه بفرقة التمثيل بكلية الهندسة وترك الهندسة ليتوجه مباشرة عقب تخرجه لمعهد الفنون المسرحية.
عندما قابلت الفنان الراحل قبل أيام من وفاته بالمسرح قبل مشاهدة عمله الأخير "بلد السلطان" مع المخرج الصديق محمد حسن، وتحدثت معه عن عشقه للمسرح وحرصه الدائم على التواجد فيه، وقلت له: أستاذ أحمد أنت عاشق للمسرح وتخرجك من مدرسة الفنان فؤاد المهندس فى المسرح جعلتك من المريدين لفن المسرح على الدوام، فتبسم الراحل وقال: المسرح بالنسبة لى هو المعمل وهو "الجيم" الذى أدرب فيه أدواتى وأي عمل مسرحى يعرض عليا وأجد فيه شخصية مناسبة لى لا أفكر وأقبله مطلقا.
كان الراحل يجسد فى مسرحية "بلد السلطان" شخصية رئيس الوزراء المتلون الذى يغير جلده مع كل نظام، وللحق فإن الفنان أحمد راتب كان لديه أسلوب به بساطة فى الأداء وعدم تكلف والكوميديا دائما حاضرة فى كل أدواره وقدم للدراما التليفزيونية الكثير والكثير من الشخصيات فلن ننسى شخصيته الشهيرة "السحت" فى المال والبنون بكل تفاصيلها وإفيهاتها ولزماتها، فهو كان من النوع الذى يضع لكل شخصية يقدمها إما لزمة أو إفيه وغالبا كان يرسم ملامحها الداخلية والخارجية بشكل ذكى يجعل المشاهد دائما يتذكرها .
وسار على هذا المنوال فى الكثير من الأعمال التليفزيونية، وفى السينما أيضا كان من الفنانين الذين يقدمون أدوار مساعدة مع البطل لكنك تشعر دائما بأنه بطل فى أى عمل يظهر فيه، ومع عادل إمام قدم الكثير من الأعمال وكون معه ثنائى فى فترة من الفترات، فلن ننسى شخصيته الكوميدية التى رسمها لنفسه فى فيلم "واحدة بواحدة" وهى شخصية على عبد الظاهر صاحب الوكالة الإعلانية.
ونال الفنان أحمد راتب جائزة مهرجان الإذاعة والتليفزيون عن دور" القصبجى" فى مسلسل أم كلثوم، والحق أنه برع فى أداء هذه الشخصية شكلا ومضموما وشارك راتب فى أعمال الفنان عادل إمام، واستطاع أن يؤدى أدواراً جيدة، وأصبح يشكل قاسما مشتركا لمعظم أفلام الشباب الحديثة.
كذلك يعد الفنان أحمد راتب من أبرع الفنانين الذين أدوا الأدوار الهزلية اللاذعة للمجتمع من خلال أدوار كوميدية تجذب كافة أطياف المجتمع.
الفنان أحمد راتب لمن لا يعرفه يتميز بقلب طيب جدا، ودائما كانت الابتسامة تسبق حديثه والتواصل مع الجميع كان مبدأه، ولم يكن من نوعية الممثلين الذين لا يردون على هاتفهم بل كان متواصلا مع الإعلام ومع الجميع رحمه الله.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة