شهدت ليبيا خلال الساعات الماضية اشتباكات عنيفة ومسلحة بين التشكيلات المتصارعة على النفوذ والسلطة في مدينة الزاوية غرب البلاد، ما أدى لسقوط قتلى وجرحى في الاشتباكات التي استخدم فيها المسلحون أسلحة ثقيلة ومتوسطة، بحسب ما أكدته وسائل إعلام ليبية.
وأكدت وسائل إعلام ليبية مقتل شخص على الأقل وأصيب عشرة أشخاص جراء اشتباكات بين الميليشيات المسلحة بمدينة الزاوية والتي اندلعت مساء أمس السبت، واستمرت حتى فجر اليوم الأحد.
وأدت الاشتباكات التي دارت بين ميليشيا محمد كشلاف، الملقب بـ"القصب" ومجموعة مسلحة من قبيلة الشرفاء إلى حرائق في خزانات مصفاة الزاوية لتكرير النفط، مما أدى إلى إعلان المؤسسة الوطنية للنفط حالة الطوارئ.
ووقعت الاشتباكات في محيط مصفاة الزاوية، والطريق الساحلي الممتد من كوبري سوق الخضار إلى إشارة المرور في الحرشة، بالإضافة إلى طريق المصفاة شمالاً.
وعاد الهدوء الحذر والترقب إلى مدينة الزاوية غرب ليبيا بعد تدخل الأعيان والمشايخ وأهالي المنطقة، لوقف الاشتباكات، وإعادة الحياة لطبيعتها.
بدورها، أعلنت المؤسسة الوطنية للنفط الليبية، صباح الأحد، حالة الطوارئ في مصفاة الزاوية لتكرير النفط بسبب اشتباكات بين مجموعات مسلحة في محيط المصفاة.
وقال بيان للمؤسسة إنها تعلن بكل أسف حالة القوة القاهرة والطوارئ من الدرجة الثالثة وهى القصوى "بعد تعرض عدد من خزانات مصفاة الزاوية خلال الساعات الأولى من صباح اليوم الأحد 15 ديسمبر لأضرار جسيمة أدت إلى نشوب حرائق خطيرة نتيجة إصابتها بأعيرة نارية جراء الاشتباكات الدائرة بين مجموعات مسلحة في محيطها بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة."
وأشار البيان إلى تمكن عناصر الأمن والسلامة من السيطرة على الحرائق والتسريبات في خطوط الغاز الليبية، والحد من خطورة انتشارها "رغم استمرار الاشتباكات... الأمر الذي يعرض حياة العاملين وسكان المنطقة برمتها إلى مخاطر لا يمكن توقع أضرارها."
وأكدت المؤسسة أن مجلس إدارتها في حالة انعقاد دائم مع كل الإدارات والمراكز التابعة له المعنية لمتابعة تطورات الأحداث في المنطقة، واتخاذ القرارات والإجراءات اللازمة حيالها، للحد ما أمكن من المخاطر التي قد تهدد الأرواح والممتلكات، على حد تعبيرها.
ودعا البيان المؤسسات والجهات المختصة إلى تحمل مسؤولياتها والتحرك بأسرع ما يمكن لإيقاف هذه الاشتباكات وتجنيب المواقع النفطية دائرة الصراع الدائر مهما كانت أسبابه ودوافعه.
من جانبه، دعا الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، اللجنة العسكرية المشتركة "5+5" والأطراف الليبية إلى مضاعفة جهودها الرامية لإحراز تقدم نحو توحيد المؤسسات الأمنية والعسكرية، وتعزيز تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار.
جاء ذلك في تقرير جوتيريش عن الحالة السياسية والاقتصادية والأمنية في ليبيا خلال الفترة من أغسطس إلى ديسمبر الحالي. ورحب الأمين العام للأمم المتحدة بالالتزام المستمر للجنة العسكرية المشتركة بدعم تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار لعام 2020.
إلى ذلك، دعت القوى الوطنية في مدينة مصراتة الليبية بتشكيل حكومة وطنية موحدة تحظى بالتوافق والقبول من جميع الأطراف الليبية، وتبسط سيطرتها علي كامل التراب الليبي لتكون قادرة على إدارة المرحلة القادمة بكفاءة ومسؤولية.
وأكدت القوى الوطنية مصراتة في بيان – حصل اليوم السابع على نسخة منه - على ضرورة الدفع نحو إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية وفق ما تم التوافق عليه وأيدته القرارات الدولية مع تأكيدنا على ضرورة زيادة التوافق حولها، ووفق جدول زمني واضح ومحدد، مع توفير الضمانات الكافية لنزاهة العملية الانتخابية وشفافيتها والتزام كل الأطراف بقبول نتائجها.
ودعت لتعزيز المصالحة الوطنية بين مكونات الشعب الليبي كافة بما يسهم في تجاوز حالة الانقسام وتعزيز الثقة بين الأطراف المختلفة، والتأكيد على دور الأمم المتحدة الهام كطرف داعم يلتزم بمساعدة الليبيين للوصول إلى حلول تخدم مصلحة الشعب الليبي بأسره.
وأكدت أن الشعب الليبي عانى طويلا من الانقسامات والصراعات التي مزقت نسيجه الاجتماعي وأثقلت كاهله، نتيجة إخفاقات متراكمة للأطراف السياسية المسيطرة علي المشهد السياسي والتي كان من المفترض أن تساهم في بناء الدولة وتحقيق تطلعات الشعب الليبي.
وعبرت القوى الوطنية مصراتة عن قلها واستيائها من المسار الذي اتخذته كل الأجسام السياسية المتمترسة في مواقعها من حكومات ، مؤكدة أن بعض هذه الأجسام خالفت تعهداتها وخيبت أمال الليبيين وعمدت إلى عرقلة إجراء الانتخابات، مما أدى إلى خيبة أمل عميقة لدى الشعب الليبي الذي كان يترقب ممارسة حقه الديمقراطي لاختيار قياداته عبر صناديق الاقتراع.
وأشارت إلى تفاقم الوضع السياسي في ليبيا نتيجة عدم التزام الأمم المتحدة والمجتمع الدولي والذين أصبحوا الفاعلين الرئيسيين في الأزمة الليبية ولم يقوموا بالدور اللازم علي الوجه المطلوب منهم بإلزام الأجسام المسيطرة علي المشهد الليبي بالوفاء بالتزاماتها تجاه المسار الانتقالي، رغم انتهاء صلاحياتها وانعدام شرعيتها وهو ما أدى إلى حدوث انقسام سياسي حاد تمثل في تشكيل أكثر من حكومة وانقسام في المؤسسات المالية والأمنية والعسكرية وإهدار الموارد الشعب الليبي وانتشار الفساد.
وشددت على ضرورة التحرك العاجل لوضع خارطة طريق علي أسس جديدة تأخذ في الاعتبار الأخطاء والإخفاقات السابقة وتعيد بناء المشهد السياسي الليبي من جديد علي قواعد ومعايير النزاهة والكفاءة والوطنية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة