في عالم يسعى فيه الجميع لتحقيق الثراء السريع، تبرز في الأفق ظاهرة مرعبة تكمن في أولئك الذين يتخذون من أحلام الناس سلعة للتربح، هؤلاء "المستريحون" الذين يروجون لوهم الاستثمار العقاري والتسوق الإلكتروني، ويجذبون ضحاياهم بحبال من الوعود الزائفة والعوائد المغرية، ليس إلا سراباً في صحراء الواقع، هم أولئك الذين يستولون على أموال المواطنين تحت ذريعة التوظيف العقاري، ثم يختفون تاركين خلفهم قلوبًا مكسورة وأحلامًا محطمة.
وفي إطار جهود وزارة الداخلية المستمرة لمكافحة هذا النوع من الجرائم التي تدمّر حياة الأسر وتدفع بالمواطنين إلى حافة الانهيار النفسي، انطلقت حملات أمنية مكثفة استهدفت هؤلاء المتهمين بالنصب والاحتيال على الأبرياء.
الحيل التي يتبعها هؤلاء المجرمون ليست مجرد كلمات فارغة، بل هي منظومة متقنة من الخداع، حيث يعرضون فوائد مالية ضخمة في البداية ويُظهرون التزامهم بالدفع في الأشهر الأولى، ما يجعل الضحايا يثقون بهم ويظنون أن الثروات أصبحت في متناول أيديهم.
لكن الحقيقة سرعان ما تتكشف عندما تبدأ الأبواب في الإغلاق، وحين يبدأ الضحايا في اكتشاف أن الأموال التي سلموها لم تُستثمر، بل اختفت في الهواءـ هناك من أصيبوا بصدمة نفسية كبيرة، حتى أن بعضهم تعرض لأزمات صحية جراء هذا الخداع، بينما شهدت العديد من المنازل حالات من التفكك والانفصال بسبب ضياع المدخرات أو المجوهرات التي بيعت لوضعها في "الاستثمار المزعوم"، على إثر ذلك، تحولت أحلام الطامحين إلى سراب، ولم يجنِ البعض منهم سوى الندم والحزن.
وتواصل وزارة الداخلية ضرباتها الموجعة لتلك العصابات التي تمارس هذا النوع من الجرائم الممنهجة، حيث كشفت تحريات الإدارة العامة لمكافحة جرائم الأموال العامة عن قيام أحد الأشخاص، مقيم بالقاهرة، بإيهام المواطنين بقدرته على تحويل أفكارهم إلى مشاريع تجارية عبر التسويق الإلكتروني، من خلال شركة وهمية تروج لنشاطها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، كان هذا المحتال يعدهم بعوائد ضخمة بالعملة الأجنبية، ليتمكن بعد ذلك من الاستيلاء على أموالهم وهروبهم دون ترك أي أثر.
وفي عملية استباقية، نجحت الداخلية في ضبط المتهم في القاهرة، حيث تم العثور بحوزته على مبالغ مالية بالعملة الأجنبية وعدد من بطاقات الدفع الإلكتروني وأجهزة تحتوي على دلائل دامغة تثبت تورطه في هذا النشاط الإجرامي، كما تم ضبط آخر، بعد أن قام بالاستيلاء على أموال المواطنين بزعم توظيفها في الاستثمار العقاري، ليهرب بعدها، ولكن الحيلة لم تستمر طويلاً، حيث تمكنت الأجهزة الأمنية من تحديد مكانه والقبض عليه.
الوزارة تواصل مساعيها في محاربة هذه الأنشطة الإجرامية، ولا تدخر جهدًا في متابعة وملاحقة كل من تسول له نفسه استغلال حاجات الناس وطموحاتهم لتحقيق مكاسب غير مشروعة.
في هذا الصدد، تبرز أهمية وعي المواطن، وضرورة الابتعاد عن الوعود الزائفة والتمسك بالطرق القانونية المشروعة للاستثمار، من أجل حماية المال العام والحفاظ على الأمن المجتمعي، بحسب تصريحات اللواء علاء الدين عبد المجيد الخبير الأمني لـ"اليوم السابع".
وشدد، على أنه بات من الضروري أن يظل المجتمع يقظًا ضد هؤلاء "المستريحين" الذين يدمرون الأمل ويبددون الأموال، وألا يكون فريسة سهلة لمثل هذه الألاعيب التي تجرّ المجتمع نحو الفوضى الاقتصادية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة